الرئيس التنفيذي لبنك نزوى في حديث خاص لـ عمان – بدايتنا كانت طلقة في «الهواء» واليوم نسير على أرقام وأسس واضحة

اجرى الحوار ـ حمود المحرزي –

أشاد الرئيس التنفيذي لبنك نزوى الدكتور جميل الجارودي بتجربة الصيرفة الإسلامية في السلطنة رغم حداثتها، مؤكدا أنها بدأت تسير في طريق واضح المعالم بفضل الجهود التي بذلتها الحكومة ممثلة في البنك المركزي العماني الذي اتخذ العديد من الخطوات العملية لإرسائها.

وفي حديث خاص لـ«عمان الاقتصادي» أبدى الجارودي ارتياحه للمرحلة التي وصل إليها بنك نزوى وخططه التي بدأت ترتسم على رؤية واضحة واصفا بدايته كأول بنك إسلامي في السلطنة بمثابة طلقة في «الهواء» مبنية على أهداف تقديرية حيث لم تكن هناك أسس أو أرقام دقيقة للإيداعات المتوقعة والتمويلات المرجوة فيما أصبحت الخطة اليوم تبنى على علم وإحصاءات واقعية.

وقال: إن البنك تمكن من تحقيق أهداف خطته للمرحلة الأولية وأصبح يمتلك 10 أفرع فيما يخطط لافتتاح الفرع رقم 11 خلال الربع الحالي، في الوقت الذي يبحث فيه تطبيق بدائل أخرى للتواصل مع الزبائن، مشيرا إلى أن العام الحالي سيكون مفصليا بالنسبة للبنك حيث سيبدأ مع حلول النصف الثاني تحقيق أرباح وفقا للخطة ومعطيات السوق.

وخلال العام الماضي تراجعت خسائر بنك نزوى بنسبة 37 بالمائة حيث بلغت 7.7 مليون ريال مقارنة بـ 12.3 مليون ريال في عام 2013م.

وقال رغم الجهود التي شهدتها السلطنة فيما يتعلق بالصيرفة الإسلامية خلال الفترة الماضية إلا أن التحديات لا تزال موجودة وأن المجتمع بحاجة إلى جرعات إضافية من التوعية بهذا النوع من الصيرفة، إضافة إلى الاستمرار في تدريب الكوادر وتمكينهم من العمل في هذا القطاع بكفاءة عالية، كما يأتي ضمن المطالب التوسع في الأدوات والمنتجات الخاصة بالصيرفة الإسلامية.

ويرى الجارودي أن تراجع أسعار النفط وقتية وستعاود الارتفاع إلى مستويات أكبر مما بنيت عليه الموازنة، مشيرا إلى أن السلطنة لديها احتياطيات جيدة تمكنها من الإبقاء على مشاريعها ومواصلة الأعمال، مشيرا إلى انه يجب أن لا تكون هناك تأثيرات سلبية على أصحاب المشاريع وسيعود الأمر سريعا إلى مساره الطبيعي والى نص الحوار..


بعد مرور عامين على افتتاح أول بنك إسلامي في السلطنة كيف تنظر إلى التجربة؟ وهل بدأت تسير في طريق واضح؟


لا شك أنه خلال العامين الماضيين بدأت الصيرفة الإسلامية تتشكل وتسير في طريق واضحة المعالم إلى حد ما، بناء على الجهود التي قام بها البنك المركزي العماني الذي تعامل مع هذا النوع من الصيرفة بكل مرونة حيث أعطى بعض الاستثناءات المؤقتة التي سمح بها للبنوك والنوافذ الإسلامية لإدارة السيولة بتوظيفها في الخارج وكذلك نسب إقراض الأفراد إلى إقراض المؤسسات.

واليوم وبعد سنتين من بدء الصيرفة الإسلامية في السلطنة طلب البنك المركزي من مؤسسات الصيرفة الإسلامية تقييمها الذاتي للنتائج والتطور بعد هذه الفترة من التجربة وفيما لو جمعت هذه الملاحظات بنقد بناء ستعطي صورة واضحة، يمكن أن يستفيد منها جميع الأطراف.


بنك نزوى أول بنك إسلامي يتم افتتاحه في السلطنة هل تمكن من تحقيق خططه وأهدافه خلال العامين الماضيين؟

يمكنني القول: إن المجهول تجاوزناه، وأصبحت لدينا الآن رؤية أوضح في وضع الميزانية التقديرية، بعد أن كانت البداية بمثابة طلقة في الهواء أو الظلام، لم تكن هناك أسس محددة بخصوص عدد الموظفين وكفايتهم لتلبية السوق ولا أرقام واضحة بالمودعين، والمستثمرين، وأحجام معاملاتهم واحتياجاتهم، وجاء العام الثاني للبنك وبنينا التجربة على العام الأول ونتائجنا كانت مرحلة أولية بالنسبة لنا، وفيما تأتي خطتنا لهذا العام 2015 أفضل بكثير.. كانت أهدافنا تقديرية واليوم مبنية على علم وإحصاء وأصبحت لدينا أرقام نعرف من خلالها حتى إمكانية وطاقة الموظف وما يمكن أن يجلبه من ودائع أو تمويل، كما انه والاهم فان المنتجات لم تأت جاهزة أو معلبة إذ كان علينا هيكلتها بما يتماشى مع القوانين المرعية الإجراء ومن ثم أخذ موافقة الهيئة الشرعية وفتواها ولو انه كان قد تمت الموافقة عليها في دول أخرى.


وهل استفدتم من التجربة؟

لقد تعلمنا الكثير خلال المرحلة السابقة، حدثت تغييرات في الدراسات والظروف، بنينا شبكة فروع لا بأس بها خلال السنتين الماضيتين، فبحسب الخطة تم افتتاح 10 أفرع، وخلال الربع الحالي سنفتتح الفرع رقم 11، كما نبحث عن إمكانية تطبيق بدائل لقنوات التواصل مع الزبائن، وهذا طبعا لا يعني اننا قمنا بتغطية عمان بأكملها، ولكن مستمرون في التقدم على ضوء تقييم السابق.

العام الحالي سيكون بداية ربحية البنك، حيث سنصل لنقطة التعادل في النصف الثاني، وبالتالي سننهي العام ولدينا أرباح شهرية، فيما سيكون عام 2016 استمرارا للأرباح والانطلاق بذلك من الشهر الأول إذا سارت الأمور حسب الخطة.


كما تعرف كانت هناك الكثير من التحديات مع بدء الصيرفة الإسلامية بدءا بمستوى الوعي ومرورا بإيجاد أدوات متوافقة مع الشريعة الإسلامية هل تم تجاوز كل ذلك؟

كل عمل جديد لابد أن يواجه بعض العقبات والتحديات حتى يأخذ مساره الصحيح، ومع بدء الصيرفة الإسلامية ظهرت بعض التحديات وبعضها مستمر ومنها الوعي لا يزال يحتاج وقتا اكبر فنظرة الناس لم تتغير فيما يتعلق بفهم طبيعة الصيرفة الإسلامية والتي هي أسلوب معين من التعامل بين البنك والزبون، نعم هناك تحسن والدليل نمو الودائع معنا والتوظيفات وعدد الزبائن.

ان طريقة التعامل مع الصيرفة الإسلامية تحتاج إلى اقناع من كلا الطرفين لأن المبدأ هو المشاركة في ما يسمى بالمخاطرة وبالتالي المشاركة في الربح، فيجب ان يقتنع الزبون بكل ذلك، حيث ان التعامل مختلف عن البنوك التقليدية.


إذن ما هي المطالب التي تحتاجها الصيرفة الإسلامية في الوقت الحالي؟

لابد من الاستمرار في التوعية، وتدريب الموظفين ليكونوا ذوي كفاءة جيدة ويملكون القدرة على إيجاد حلول ابتكارية لخدمة الزبون، والتوسع في الأدوات بين المصارف نفسها، فقد أشرت في البداية إلى السيولة وإدارتها في المدى المتوسط وقصير الأجل. ومثلما هناك أدوات تستفيد منها البنوك التقليدية فان على البنك المركزي إيجاد أدوات مماثلة للمصارف الإسلامية كالصكوك الإسلامية او منتج معين من الممكن إصداره وتوظيف الودائع الخاملة لدى هذه المصارف، اي الاموال المؤقتة التي لا تعطي مردودا، حتى وان كان هذا المردود بسيطا فإن النتائج ستكون أفضل.

واعتقد أن بعد التقييم الذي طلبه البنك المركزي ـ وأشرت إليه سابقاـ قد نصل إلى بعض الحلول والأفكار، من أهمها وجود أدوات لإدارة السيولة، والنظرة المعمقة للصيرفة الإسلامية وجدواها وانها وجدت لتبقى، وليس انها بمجرد تمويل حلال مكان الصيرفة التقليدية.. يجب ان ندخل بعمق اكبر في تغيير بعض النسب التي تناسب المدى المتوسط وطويل الاجل لهذه الصناعة خاصة ما يتعلق بالتملك، التي هي حاليا عند 5 بالمائة.


وماذا عن المنتجات التي أصبحت متوفرة لديكم؟ وهل هي كافية في ظل سوق تنافسية؟

نحن نغطي كافة المنتجات الموجودة بالبنك التقليدي، مثل التمويل السكني وتمويل شراء سيارة، والتمويل الشخصي، وتمويل المشاريع، والمؤسسات التجارية والإجارة، وكذلك تمويل الاستيراد والتصدير وهذه منتجات تمت المصادقة عليها من قبل هيئتنا الشرعية وأصبحت متداولة في الأسواق لتلبية حاجة الزبائن.

ومما ينبغي الإشارة إليه هنا أن بنك نزوى دخل في تحالف مع بنوك نوافذ إسلامية لتغطية التمويلات الكبرى والمنافسة مع المصارف التقليدية، وسبق أن نافسنا على تغطية برنامج الصكوك الحكومي بمبلغ 200 مليون ريال ولم يحالفنا الحظ في الفوز.

ومن خلال موازنة العام الحالي للسلطنة فإننا نستنتج انه ضمن الخطة سيتم إصدار سندات وصكوك لتغطية جزء من العجز المتوقع ولذلك أنشأنا تآلفا أو تحالفا بيننا وبين البنوك والنوافذ الإسلامية في السلطنة، كما نحاول تشجيع القطاع الخاص على أن تكون له اصدارات خاصة في السوق المحلية.


تشهد الفترة الحالية تراجع أسعار النفط ما التأثيرات التي تواجهونها من جراء ذلك؟

بداية احب ان أشير إلى ان مشكلة تراجع أسعار النفط لن تكون دائمة، وبالنظر إلى الأسعار فهي ليست ثابتة سابقا وصلت إلى 140 دولارا ولم تبق على حالها وهبطت إلى ما دون الوضع الحالي وعادت للصعود مجددا، ولكن الأمر الذي يربك الوضع هو تحليلات واستنتاجات العديد من المحللين والخبراء والتي بعضها استنسابي وغير مبني على منحنيات الأسعار السابقة او معطيات اقتصادية علمية وحتى التوجهات السياسية الدولية.. الأسعار لابد ان تمر بدورة كل فترة ومن ثمّ مهما كانت الأمور فإنها تعود للمستوى المناسب للاستقرار المتوازن بين العرض والطلب الحقيقي.

والسلطنة لديها خبرتها وسياستها للتعامل مع مثل هذه الازمات واستفادت من تجارب سابقة مماثلة، فهي ليست المرة الاولى التي تتراجع فيها أسعار النفط، كما ان الموازنة الحالية مناسبة رغم عجزها حيث تستطيع ان تتحمل عبء ما يسمى بالعجز الآني وسيظل الانفاق في السلطنة كما هو، ولا اعتقد ان المشاريع ستتأخر، هناك احتياطيات جيدة حتى لو بقي السعر على هذه الحالة لمدة سنة او سنتين.

ومن خلال تجارب سابقة لاحظنا انه بناء على التحليلات التي تظهر بصورة تشاؤمية، تتأثر تصرفات الزبائن واصحاب المشاريع في المرحلة الآنية الأولى، الا انه بعد فترة قصيرة تعود الأمور إلى مسارها الطبيعي.

اكرر ان المسألة وقتية وستعود أسعار النفط الارتفاع ربما لا تصل لمائة دولار ولكنها ستكون افضل من الارقام التي بنيت على الموازنة.

وكبنوك إسلامية ما زلنا نستقطب زبائن جددا إلى القطاع المصرفي ككل كما أننا ما زلنا نأخذ من الحصة الحالية في الصيرفة ككل. هناك زبائن ماضون في التحول من البنوك التقليدية إلى البنوك الإسلامية بشكل يومي ودائم.

أما على مستوى بنك نزوى فإن الأمور تحت السيطرة حيث نخطو درجة.. درجة، ولم ندخل في مشاريع ضخمة جدا بمعنى لم نحشر أنفسنا أكثر من اللازم.


ماذا عن خطة بنك نزوى لهذا العام؟


طبعا معظم توظيفاتنا ما زالت تتم من رأس المال حتى الآن، حيث وصل تقريبا مبلغ تمويلنا للمشاريع موازيا لرأس المال، ولدينا ودائع جيدة نمت خلال العامين الماضيين، فوضعنا في السيولة ممتاز جدا.

وضمن خطتنا في العام الحالي وبالرغم من حداثتنا ان نستمر في التواصل مع مؤسسات مالية خارجية كالبنوك، ليكون لدينا ما يسمى خطوط ائتمان، وبدأت بوادرها تظهر بشكل إيجابي بسبب العلاقات التي بنيناها مع المؤسسات العالمية أو الخارجية.

ونعمل حاليا على تقييم تجربتنا سواء ما يتعلق بالأعمال أو التحليل المحاسبي، لنحدد النقاط أو البنود التي نحن بحاجة لها، وبالتالي نطالب المشرع بإعادة تقييمها لتقييمها او تغييرها ان دعت الحاجة.

واكرر إن العام الحالي بالنسبة لنا هو عام مفصلي، وحساس جدا فيما يتعلق ببدء تحقيق أرباح للبنك حسب الخطة الأولية.


كم تبلغ نسبة التعمين في بنك نزوى حاليا؟


نسبة التعمين في البنك تعتبر إنجازا لا سيما أننا بنك حديث وفي صناعة حديثة اذ وصلت إلى 86%، ولكن كما قمنا في البداية باستقطاب موظفين من القطاع المصرفي ودربناهم على الصيرفة الإسلامية، فإن البنوك والنوافذ الإسلامية تقوم حاليا باستقطابهم وإغرائهم بالانتقال من البنك وهذه خطوة صحية محسوبة من قبلهم ومكلفة لنا ولكن هذه هي الضريبة التي يجب أن نتحملها كوننا البنك الإسلامي الأول في السلطنة وكذلك نمتاز بسمعة جيدة على صعيد الالتزام الشرعي، لذلك على المؤسسات المعنية بالتأهيل والتدريب أن تقوم بتدريب أعداد كافية للعمل في هذا القطاع الواعد.