هل كان تقييم وتنفيذ قرارات سيح الشامخات في محلها؟؟

حيدر بن عبدالرضا اللواتي –

هل نحتاج إلى مزيد من الندوات لمتابعة قرارات سابقة التي صدرت عن ندوة سيح الشامخات التي عقدت بولاية بهلا بمحافظة الداخلية خلال الفترة من 21- 23 من يناير من عام 2013؟؟ سؤال نطرحه بعد مضي أكثر من سنتين ونحن نرى باننا لم نصل إلى مرحلة تنفيذ جميع قرارات الندوة بالصورة التي تكون مرضية للتوجهات الحكومية وكذلك للقطاع الخاص.

فأين الخلل في ذلك ؟؟ وهل المعني من هذه القرارات فئة جديدة من رجال الأعمال و رواد الأعمال كما يتم تداولها اليوم ؟؟ أم المعني هو القطاع الخاص بأكمله؟؟.

هنا نجد آراء مختلفة أدلى بها بعض المسؤولين والقائمين على إدارة المؤسسات الحكومية والمجتمع المدني ورجال الاعمال حول عدد من هذه التوصيات الصادرة عن الندوة الأخيرة. معالي الدكتور على بن مسعود السنيدي وزير التجارة والصناعة – رئيس اللجنة الرئيسية لندوة تقييم وتنفيذ قرارات سيح الشامخات بالرغم من إشادته بالتوصيات الأخيرة إلا انه قال: « نحن لا نحتاج إلى المزيد من الندوات بقدر ما نحتاج الى حلقات عمل تنفيذية تصب في جانب التنفيذ، مشيرا الى انه في حالة عدم تنفيذ اجراءات فان الأمر يجعلنا نتساءل عن أسباب عدم تنفيذها سواء كانت هناك – المسببة – جهة مسؤولة او رواد الاعمال».

أما معالي الشيخ عبدالله بن ناصر البكري وزير القوى العاملة فأكد في تصريحاته للصحافة العمانية بأن قانون العمل العماني ليس فيه تفضيل للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وإنما هو شامل لجميع مؤسسات القطاع الخاص، وتم الاتفاق عليه مع أطراف الانتاج، والآن في مراحله الاخيرة لدى الجهات المختصة.

وهذا الجواب ربما يشير إلى التسهيلات الجديدة التي سوف يحصل عليها فئة رواد الاعمال في المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في إطار التوصيات الأخيرة الصادرة عن تقييم وتنفيذ ندوة سيح الشامخات التي عقدت بالمركز الثقافي لجامعة السلطان قابوس لمدة يومين متتالين. لقد كانت هناك عدة توصيات محل نقاش من قبل المحللين الاقتصاديين في السلطنة وغيرهم من التجار.

فالشيخ محمد بن عبدالله الحارثي رئيس مجلس ادارة الجمعية الاقتصادية العمانية يرى بأن هذه النتائج مخيبة للآمال، ولم تتطرق لأكبر مشكلة تعاني منها المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الخاصة بجانب الطلب على خدماتها، إلا بوعود بالاستمرار في الدراسات، ولم تقدم الندوة الجديد سوى مشروع القانون المقترح للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة.

ولا شك أن المتحدث هنا من المتابعين للقرارات منذ أول وهلة صدرت عنها تلك القرارات قبل أكثر من سنتين، ومن المعنيين بمتابعة أعمال الندوة وقراراتها ونتائجها.

وفيما يتعلق بقرار إلزام الجهات الحكومية بصرف مستحقات المؤسسات الصغيرة والمتوسطة خلال مدة لا تتجاوز (28) يوما بعد استكمال المستندات اللازمة من خلال استحداث إجراءات صرف خاصة، وفتح مكتب مشترك في الهيئة العامة لتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من ممثلي الجهات المعنية لمتابعة صرف الدفعات المالية المتأخرة في السداد للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، فان الباحث يرى أنه وفق الأنظمة المعمول بها في البلاد، فانه يتوجب على الجهات المعنية في السلطنة سداد تلك المستحقات خلال الـ 30 يوما، وكان من المفترض علاج تلك الاشكالية وسداد مستحقات الجميع خلال الفترة المحددة، موضحا أن هذه التوصية لا تمنح المؤسسات الصغيرة والمتوسطة أية ميزة إضافية عن غيرها من المؤسسات الأخرى في البلاد، بل ربما تبرر هذه التوصية تأخير سداد الدفعات المستحقة لبقية الشركات والمؤسسات الاخرى، باعتبار أن الأولوية ستعطى للمؤسسات الصغيرة.

وهذه التوصية في ظل التعليمات والمتابعة اليومية من الجهات المعنية في البلاد تعني ضرورة تحسين أداء الوحدات الحكومية للقيام بأعمالها في أوقاتها المحددة، وعدم التوسع في البيروقراطية الحكومية و انشاء المزيد من المكاتب لها كما هو الحال في هذه التوصية.

وهنا نشير الى أن موضوع البيروقراطية يتم ذكره في الكثير من المناسبات من قبل العديد من المراقبين والمتابعين للأحوال الاقتصادية في البلاد، فهل فعلا ما زلنا نعاني من هذه الحالات؟؟، ومتى يتم التخلص منها لكي يشعر الجميع بأن هناك تغييرا مستمرا في تنفيذ القوانين والتشريعات و الاصلاحات في العمل التجاري في البلاد؟؟.

وفيما يتعلق بالاستثناءات التي يحصل عليها رواد الأعمال والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة الجديدة كاستثنائهم في العامين الأولين من نسب التعمين، والتدرج في تنفيذ إجراءات التعمين خلال أربع سنوات، وإدراج الوظائف المؤقتة ضمن نسب التعمين للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة بما لا يتعارض مع قانون العمل، أي اعتماد شروط ميسرة لتنفيذ نسب التعمين بالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي يملكها ويتفرغ لإدارتها عمانيون وفق ضوابط تحددها وزارة القوى العاملة بالتنسيق مع الهيئة العامة لتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، فان هناك ملاحظات وردت من قبل رئيس مجلس ادارة الجمعية الاقتصادية العمانية في هذا الشأن مشيرا إلى أنه وفق تركيبة منشآت القطاع الخاص في السلطنة، فان هناك حوالي 88% من المنشآت التجارية التي تمارس نشاطها حاليا يمكن اعتبارها من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة – باعتبار أنها مسجلة في مؤسسات الدرجة الثانية الى الرابعة، وحوالي 95% من العاملين فيها من الوافدين، بينما لا يتجاوز نسبة العمانيين العاملين في تلك المؤسسات عن 5% من إجمالي العمانيين العاملين في القطاع الخاص.

ومن هذا المنطلق يرى الباحث أنه من الضرورة أن يتمثل الدور المحوري لاستراتيجية تنمية المشاريع الصغيرة في وضع السياسات التي تربط سياساتها بآليات تشغيل الباحثين عن عمل من العمانيين، وبحيث تكون الأيدي العاملة الوافدة فيها في أضيق الحدود، وفي إطار اعداد محدودة للغاية يتمثل في توفير بعض الخبرات أو الحد الأدنى من الأيدي العاملة غير الماهرة المتدنية الأجور، والتي لا يمكن توفير بديل لها من المواطنين، وبدون ذلك فإنه لن يكون هناك أي مجال لتعديل التركيبة العمالية الحالية المشوهة.

والكل يعلم بأن هناك آثارا اقتصادية واجتماعية وسياسية سلبية لهذه العمالة أيضا.

وبهذه التوصية يرى الباحث بأنه يتم تكريس الوضع الحالي المشوه القائم في القطاع الخاص، ولن يختلف وضع المؤسسات الجديدة عن تلك الموجودة حاليا.

ويربط المسؤول هذه القضية بقضية التجارة المستترة التي تتغلغل فيها المؤسسات التجارية العمانية التي تدار من قبل الوافدين الذي استلموا هذه المؤسسات والشركات بموافقة أصحاب السجلات التجارية من المواطنين الذين يكتفون بالحصول على بعض المبالغ الشهرية مقابل تسليم جميع زمام أمور التجارية للوافدين. وهذه التجارة لا تمارس فقط على مستوى السجلات التجارية الرابعة والثالثة، بل تتعدى لتصل إلى السجلات التجارية من فئة الممتاز والدرجة الأولى التي يعد بعض أصحابها من أصحاب المعالي والسعادة وغيرها من الصفات والمسميات الكبيرة. الباحث هنا يشير إلى بعض الأوضاع الحالية فيما يتعلق بسوق العمل، حيث يشير إلى أن هناك ما يقارب 400 ألف مواطن ما بين باحث عن عمل، ومستجد في سوق العمل بين الآن وحتى عام 2020.

ويتساءل كيف يمكن توفير فرص عمل لهم مع مثل هذه التوصيات؟؟ وهذا التحليل ينادي بضرورة تحديد الأهداف الرئيسية من دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، بحيث تتصدر قضية تشغيل وتوفير فرص العمل للمواطنين مقابل أي دعم أو حافز تحصل عليها تلك المؤسسات، باعتبار أن هذا النوع من المؤسسات توفر حوالي 80% من فرص العمل في مختلف دول العالم.