سيكون منتخب الامارات لكرة القدم بتشكيلته التي أطلق عليها «فريق الأحلام»، امام الاختبار الأصعب عندما يخوض كأس آسيا 2015، في استراليا لتأكيد طموحاته الكبيرة لتحقيق استراتيجيته القائمة على التواجد بين الأربعة الكبار في القارة. ووضع الاتحاد الإماراتي لكرة القدم منذ أن استثمر في الجيل الحالي، الذي يقوده المدرب الوطني مهدي علي منذ اغسطس 2012 استراتيجية واعدة، كان من ابرز اهدافها احتلال المركز الاول خليجيا والتواجد بين الاربعة الكبار في آسيا والتأهل لكأس العالم 2018 في روسيا.
واذا كان «الابيض» نجح في تحقيق الهدف الأول عبر الفوز بلقب «خليجي 21» في البحرين، واحتلاله المركز الأول خليجيا حسب التصنيف الشهري للاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا»، فانه أمام تحد صعب لفرض نفسه رقما صعبا بين كبار القارة، عبر التأهل لنصف النهائي على الاقل في النسخة الاسترالية من كأس آسيا. وسيكون أمام الإمارات خلال مشاركتها في كأس اسيا 2015 تخطي عقبة أساسية قبل تحقيق هدفها، وهي تتعلق بالتاريخ حيث لم يسبق لها على مدار ست مشاركات سابقة، أن تخطت دور المجموعات سوى مرة واحدة.
وبدأت مشاركة الامارات في البطولة عام 1980 ومن ثم في نسخ 84 و96 و2004 و2007 و2011، ولم تتخط الدور الاول إلا حين استضافت نسخة 96 وحلت وصيفة بخسارتها في المباراة النهائية امام السعودية بركلات الترجيح 2-4.
كما ان على الإمارات اثبات تطور مستواها في ميدان اكبر وبمواجهة منتخبات قوية، لم يسبق أن التقت معها في بطولات رسمية، على اعتبار أن «الأبيض» بتشكيلته الحالية الذي أطلق عليه الإعلام المحلي «فريق الأحلام» حقق كل انجازاته على مستوى الشباب (لقب كأس آسيا 2008) ثم الأولمبي (فضية آسياد 2010 والتأهل الى اولمبياد لندن 2012)، اما على صعيد المنتخب الاول فاقتصرت على لقب كأس الخليج 21 في البحرين والتألق في تصفيات المجموعة الخامسة المؤهلة الى نهائيات كأس آسيا 2015.
وضربت الامارات بقوة في التصفيات عندما تصدرت المجموعة الخامسة، التي ضمت اوزبكستان وفيتنام وهونج كونج برصيد 16 نقطة من 18 ممكنة وسجلت 18 هدفا ودخل مرماها 3 أهداف.
وما يؤرق مهدي علي مدرب الامارات الذي قاد لاعبي الجيل الحالي، منذ ان كان معظم افراده في صفوف منتخب الشباب، الذي أحرز كأس آسيا عام 2008 هو بعض التفاصيل، التي قد تؤثر في تحقيق الطموح الاسيوي، ولاسيما الحالة البدنية لصانع الألعاب عمر عبد الرحمن.
وغاب عبد الرحمن عن الملاعب منذ 23 نوفمبر الماضي، بعد اصابته في مباراة السعودية في نصف نهائي كأس الخليج الثانية والعشرين، والتي خسرتها الامارات 2-3، قبل ان تحتل المركز الثالث لاحقا بفوزها على عمان1- صفر. وكان عبد الرحمن قد غاب ايضا لمدة ثلاثة أسابيع قبل انطلاق بطولة «خليجي 22»، مما قد يؤثر على حضوره البدني، بعد أن خاض التدريبات الاخيرة لمنتخب بلاده، الا ان غيابه عن لقاء الاردن الودي في 30 ديسمبر الماضي أكد عدم جاهزيته بعد.
وكانت المباراة مع الاردن التي انتهت بفوز الامارات 1-صفر ايجابية حسب مهدي علي: «خرجنا بمجموعة من الفوائد منها الظهور المميز للحارسين ماجد ناصر وخالد عيسى، اضافة الى ظهور لاعبي الدفاع بصورة مثالية كذلك هو الحال للاعبي الوسط والمهاجمين الذي صنعوا فرصا كثيرة».
ويثق مهدي علي بالتشكيلة التي اختارها لخوض النهائيات، وهي ضمت عبد العزيز صنقور وعبد العزيز هيكل وماجد ناصر ووليد عباس واسماعيل الحمادي وحبيب الفردان وماجد حسن وأحمد خليل (الأهلي) اسماعيل احمد ومحمد فوزي وعمر عبد الرحمن ومحمد عبد الرحمن وخالد عيسى ومهند العنزي ومحمد احمد (العين) علي مبخوت وخميس اسماعيل (الجزيرة) حمدان الكمالي وسالم صالح (الوحدة) عامر عبد الرحمن وحبوش صالح (بني ياس) سعيد الكثيري (الوصل) حسن ابراهيم (الشباب)، محمد يوسف (الشارقة).
ولم تحمل التشكيلة سوى مفاجأة واحدة تمثلت بعودة حارس مرمى الأهلي ماجد ناصر بعد غياب عن صفوف «الابيض» منذ عام 2011 لتعويض غياب علي خصيف الذي يؤدي حاليا الخدمة العسكرية.
كما غاب اسماعيل مطر بسبب الإصابة، لكن ذلك لايشكل اي مشكلة لمهدي، الذي لم يعتمد على مهاجم الوحدة المخضرم كثيرا في بطولة كأس الخليج الاخيرة في السعودية، في ظل وجود احمد خليل وعلي مبخوت الذي يبدو حاليا في أفضل جاهزية له.
واحرز مبخوت لقب هداف «خليجي 22» برصيد 5 اهداف، كما يحتل حاليا المركز الثاني في ترتيب هدافي الدوري المحلي برصيد 9 أهداف.
الحارس المشاغب.. البطاقة الرابحة –
ستمتلك الامارات ورقة رابحة في صفوفها متمثلة بماجد ناصر حارس مرمى الأهلي، العائد الى تشكيلتها بعد غياب منذ نهاية كأس آسيا عام 2011 في قطر، ليس بسبب تدني مستواه الفني الذي يتفق الجميع على تميزه لكن لكثرة مشاغباته وتهوره الذي ادى الى ايقافه في أكثر من مناسبة. وفرض ناصر المولود في 1 من ابريل عام 1984 نفسه الحارس الاول في منتخب الامارات منذ 2006، وكان احد المشاركين في صنع انجاز لقب «خليجي 18» عام 2007 في ابوظبي، لكنه دفع غاليا ثمن تهوره وعصبيته الزائدة.ويحفل تاريخ ناصر الذي بدأ مشواره مع نادي الفجيرة من الدرجة الثانية عام 2004، ثم انتقل الى الوصل عام 2005 والاهلي في 2012 بالكثير من المشكلات والايقافات، والتي بدأت عام 2007 حين اعتدى بالضرب على مساعد الحكم سعيد الحوطي، واتهمه بتقاضي رشوة مما عرضه للايقاف 13 مباراة محلية.كما اعتدى ناصر بالضرب على المدرب السابق للاهلي الاسباني كيكي فلوريس عام 2012، ليتم ايقافه 17 مباراة، وفي السنة نفسها، تم ايقافه من قبل فريقه السابق الوصل لمدة سنة بعدما نطح لاعب المحرق البحريني اسماعيل عبداللطيف، من دون كرة خلال مباراة الفريقين في نهائي بطولة الاندية الخليجية.
وفي مقابل هذا التاريخ، فان مسيرته تذخر بالكثير من المحطات البيضاء من خلال تألقه مع المنتخب والفرق التي لعب لها وكان آخرها مع الأهلي، مما جعل المدرب مهدي علي يعطيه فرصة لفتح صفحة جديدة، ولاسيما ان «الابيض» بحاجة ماسة الى خدماته في ظل غياب علي خصيف.وكان مهدي علي المعروف عنه حبه للانضباط استبعد ماجد عن كل تشكيلات المنتخب، التي اختارها منذ عام 2012، قبل ان يعيده مجددا بعدما اخذ وعدا منه بالتخلي عن عصبيته.وقال مهدي علي: «حرصت على اعطاء ماجد فرصة جديدة حتى يستفيد منه المنتخب، وحتى يثبت اللاعب نفسه وأنه على قدر المسؤولية».ويكشف ماجد ناصر انه يريد رد الجميل للمنتخب ومهدي علي حيث قال: «انا في قمة التركيز حاليا، ولدي رغبة لان أفعل شيئا مع زملائي لاسعاد جماهير الإمارات سعيا لتحقيق انجاز يحسب لهذا الجيل». وتابع: «لقد تعلمت من الدروس السابقة وأصبحت أكثر ثباتا وقدرة على التعامل مع الضغوط مهما كانت صعبة، كما أنني مدرك تماما، أن ارتداء شعار المنتخب الوطني كفيل بمنعي من السقوط في اي تصرف يؤذي المنتخب».
مهدي علي «مهندس» صناعة الاستقرار –
وما يميز الامارات ايضا هو الاستقرار سواء أكان في التشكيلة او الجهاز الفني، الذي يقوده مهدي علي منذ 2012، والمرشح ليصبح سابقة على صعيد منطقة الخليج ككل بعدما قرر الاتحاد الإماراتي لكرة القدم تجديد عقد الاخير لمدة ثلاث سنوات جديدة، حيث الطموح الاكبر هو التأهل الى مونديال 2018. ولم يعرف منتخب الامارات هذا الاستقرار الفني منذ بداية تكوينه عندما قاده المصري محمد صديق شحتة عام 1972، وهو ما يؤشر إلى الثقة الكبيرة بمهدي علي الذي يتفرد أيضا، بأنه قاد ثلاثة منتخبات بشكل متتابع هي الشباب والاولمبي والاول. وحقق مهدي علي النجم السابق للنادي الاهلي والمهندس الكهربائي الكثير من الإنجازات، بعدما قاد منتخب الشباب للفوز بكأس اسيا للشباب عام 2008 في الدمام، وقاده للتأهل الى ربع نهائي مونديال 2009 تحت 21 سنة في مصر، ثم قاد الاولمبي للفوز بلقب البطولة الخليجية الاولى للمنتخبات تحت 23 سنة عام 2010 في الدوحة وفضية آسياد جوانجو عام 2010، والتأهل الى اولمبياد لندن 2012.
واكمل مهدي علي نجاحاته بعد الاشراف على المنتخب الاول حيث قاده الى لقب «خليجي 21».
وسيكون مهدي علي امام التحدي الابرز له بعدما وضع سقفا في كأس آسيا 2015 وهو التأهل الى نصف النهائي، ورغم اعترافه بصعوبة المهمة الا انه يثق كثيرا بلاعبيه.
وعلى مهدي علي ولاعبيه تخطي اولا الدور الأول قبل ان يفكروا في الادوار المقبلة، وهو يعترف ان المجموعة الثالثة التي تضم الامارات والبحرين وقطر وايران صعبة للغاية. وقال مهدي علي: «مجموعتنا ليست سهلة أبدا، علينا اللعب بجدية وحماس كبيرين لنحقق الهدف المنشود، سنتعامل بالقطعة مع كل لقاء، واعتقد ان مباراة قطر الاولى هي مفتاح التأهل الى الدور المقبل؛ لأن الفوز بها يمنحنا ثلاث نقاط وثقة كبيرة في الوصول الى الدور الثاني».
وكشف مهدي علي عن ان «الهدف في كأس آسيا هو الوصول إلى المربع الذهبي، وهذا طموح سأسعى مع اللاعبين إلى تحقيقه».