العلاقات الاقتصادية بين السلطنة وإيران

حيدر بن عبدالرضا اللواتي –

haiderdawood@hotmail.com –

شهدت العلاقات العمانية الايرانية منذ عدة أيام مضت دفعة جديدة من التعاون من خلال الحدث التجاري الكبير الذي شهدته العاصمة مسقط، متمثلا في أعمال معرض المنتجات الإيرانية الذي تم افتتاحه تحت رعاية معالي الدكتور علي بن مسعود السنيدي وزير التجارة والصناعة وبحضور معالي المهندس محمد رضا نعمت زاده وزير الصناعة والتعدين والتجارة الإيراني ، وعدد كبير من المسؤولين ورجال الأعمال العمانيين والإيرانيين وغيرهم.كما أجريت خلال وجود المسؤولين الإيرانيين محادثات رسمية بين الجانبين ، خاصة اللقاء الذي تم مع صاحب السمو السيد فهد بن محمود آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء، بالإضافة إلى استعراض العلاقات بين البلدين من خلال اللجنة المشتركة بين الجانبين لمتابعة أبعاد تطوير التعاون وتعزيز آليات تفعيل الاتفاقيات ومذكرات التفاهم المشتركة الموقعة بين البلدين ، بالاضافة إلى تشجيع القطاع الخاص للقيام بدوره في مجالات الاستثمار وتحقيق أقصى إستفادة من اتفاقية عشق آباد.

كما التقى الوزير الإيراني بمعالي سالم بن ناصر الإسماعيلي رئيس الهيئة العامة لترويج الاستثمار وتنمية الصادرات العمانية «إثراء» وعدد من المسؤولين الآخرين ، حيث تمت خلالها مناقشة سبل التعاون في عدد من المجالات الإقتصادية بين طهران ومسقط.

الزيارة الاقتصادية للوفد التجاري والمعرض الايراني كانت محل تقدير من الجانبين، حيث أعرب وزير الصناعة والتعدين والتجارة الإيراني عن ارتياحه لزيارته مسقط واللقاء بالمسؤولين، مؤكدا حرص بلاده على مساهمة المعرض الإيراني في السلطنة في تعزيز التبادل التجاري والاستثماري بين البلدين، خاصة وأنه يعتبر واحدا من أكبر المعارض المنتجات الايرانية التي تستتضيفها السلطنة بصفة خاصة، حيث شاركت فيه 100 شركة إيرانية تعمل في مختلف القطاعات التجارية والاقتصادية والاستثمارية.

ومما لا شك فيه أن هذه الخطوة ستعمل مستقبلا نحو تعزيز المزيد من التبادلات التجارية بين البلدين، وزيادة ارتباط المؤسسات التجارية وتوطيد العلاقات بين التجار والمستثمرين في البلدين في إطار العلاقات الوطيدة القائمة بين حكومتي البلدين في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية، والترويج للاستثمار في السلطنة في إطار الحوافز التي تقدمها للمستثمرين والنظر في الآليات التي تعزز من تطوير التجارة الخارجية في المجالات غير النفطية وتوسيع أسواقها الأجنبية.

وقد سبق تنظيم هذا المعرض التجاري الذي تضمن مختلف السلع والمنتجات الايرانية الحديثة ، التي تم تصنيعها في إيران و أعلنت الجمهورية الاسلامية الايرانية على لسان سفيرها في مسقط عن نيتها بناء مستشفى ضخم في السلطنة بتكلفة 1.5 بليون دولار، حيث من المتوقع أن تضم هذه المؤسسة الصحية العديد من الاختصاصات الطبية والمعدات والأدوات الطبية الحديثة، إضافة إلى فندق بأربع نجوم لإقامة عوائل المرضى، فيما انتهت إيران من مدة بسيطة من بناء محطة كهرباء غازية ومنشآت تابعة لمصفاة مسقط، ضمن معايير الأمان العالمية.

كما اعرب السفير عن نية حكومته في ضخ مبالغ أخرى في منطقة الدقم الصناعية.

ومن جانبه أعرب معالي الدكتور علي السنيدي وزير التجارة والصناعة ، عن أهمية المعرض التجاري الإيراني مشيرا إلى أن هذا المعرض يعتبر من أكبر المعارض ، التي تقام للشركات الايرانية في السلطنة، بحيث احتوى على مختلف المنتجات التي تحتاج إليها السواق العمانية ، الأمر الذي يعزز من الفرص الاستثمارية بين البلدين في المستقبل.

كما يعزز أيضا من نمو حجم التجارة البينية بين البلدين الذي بلغ الان حوالي 340 مليون ريال عماني (ما يعادل مليار دولار)، في الوقت الذي يجد الطرفان أن هناك متسعا من المجال لتعزيز هذا البند وزيادة قيمة الصادرات والواردات بين البلدين في المستقبل، خاصة وأنه يمكن الاستفادة من السوقين وما تحتويهما من المنتجات المصنعة لأعادة تصديرها إلى الدول المجاروة.

كما أن حوالي 259 شركة ايرانية عمانية مختلطة مسجلة لدى وزارة التجارة والصناعة ، يمكن لها أن تلعب دورا أكبر في تعزيز التجارة الخارجية بين البلدين في إطار العلاقات السياسية والاقتصادية المميزة من جهة ووجود الموانىء البحرية والمطارات لتعزيز نمو هذا التبادل التجاري، خاصة وأن المعرض التجاري الأخير شكل فرصة جيدة للشركات العمانية للالتقاء بالشركات الايرانية للتعرف على نوعية المنتجات والسلع الايرانية وجودتها ومدى ملاءمتها للاسواق والمستهلكين في السلطنة.

إن السلطنة مقبلة على تنفيذ الخطة الخمسية المقبلة التي سوف تصاحبها الكثير من التوسعات ، التي سيتم تنفيذها في السياسات والمشاريع التجارية والاقتصادية في عدد من المناطق الصناعية الحرة ، وغيرها من المشاريع الانتاجية الأخرى، خاصة وأن في السنوات الماضية تم إبراز عدد من تلك المشاريع في كل من صحار وصلالة والدقم بالاضافة إلى مسقط، بينما هناك خطط لتطوير المزيد منها في المناطق العمانية الأخرى خلال السنوات المقبلة.

ومثل هذه الخطوات ستعمل بلا شك على تنمية التبادل التجاري العماني مع الجارة إيران بصفة خاصة والعالم بصفة عامة، خاصة وأن المسؤولين في السلطنة يرون بأن حجم التجارة البينية بين البلدين يعتبر أقل من مستوى الطموح، ويتطلع الجميع إلى التعاون مع السلطنة في مجال الصناعات الميكانيكية والتقنية وتعزيز التعاون الاقتصادي ليرقى إلى مستوى العلاقات السياسية والثقافية القائمة بين البلدين.

لقد نجح المعرض الايراني الذي اقيم لمدة خمسة أيام في جذب الكثير من التجار والمواطنيين للتعرف على نوعية المعروضات التي تم اختيارها للعرض ، والتي شملت السلع الضرورية والكمالية أيضا، حيث تم هذا الحدث بالتعاون مع السفارة الإيرانية بالسلطنة.

وهذا الحدث بلا شك سيعزز من الاستثمارات بين السلطنة وإيران مستقبلا ؛ نظرا لما يمثله البلدان من ثقل وموقع استراتيجي، ويساهم في تعزيز التعاون الاقصادي ليرقى إلى مستوى العلاقات السياسية والثقافية والتاريخية القائمة.

إن العلاقات العمانية الايرانية شهدت الكثير من التطورات خلال السنوات الماضية، كان أبرزها نجاح السلطنة في استضافة اجتماعات الدول الخمس الكبرى زائد واحد مع إيران بمسقط مؤخرا فيما يخص قضية التوجهات الايرانية وبرنامجها النووي السلمي.

كما أن الزيارة الرسمية الميمونة التي قام بها حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس المعظم حفظه الله ورعاه إلى الجمهورية الاسلامية الايرانية في العام الماضي، وزيارة فخامة الدكتور حسن روحاني رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية على رأس وفد رفيع المستوى إلى السلطنة في نفس العام، والبيانات الصادرة عن تلك الزيارات ، خاصة فيما يتعلق بأهمية الدور الإيجابي والمثمر الذي يلعبه القطاع الخاص في البلدين، وضرورة تطوير وتعزيز هذا التعاون الثنائي من خلال زيادة حجم الاستثمارات البينية، وتعزيز أنشطة التبادل التجاري والاقتصادي أدت إلى تعزيز تلك الجوانب ومن ضمنها اقامة هذا المعرض التجاري الايراني بمسقط.

ويبقى الأمر قائما في هذا الصدد لمضاعفة الجهود وبذل المزيد من المساعي في هذا الاتجاه والعمل في نفس الوقت على ضمان استمرار الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم، وتعزيز أواصر الصداقة والتعاون بين البلدين لتستمرا في دعم أوجه التعاون والتنمية بين دول المنطقة أيضا، خاصة وأن هذه المنطقة تتميز بأنها تقوم بتصدير أكثر من 40% من النفط إلى العام الخارجي، بالاضافة إلى الكميات الكبيرة من الغاز والمنتجات الصناعية الأخرى.