دعوة للقراءة والتواصل الفكري

اذا كانت هناك ابواب كثيرة ومتنوعة للمعرفة والعلم، فانه من المؤكد ان القراءة هى ابرزها واوسعها ايضا، ومن ثم يظل الكتاب، والمطبوعات المختلفة التي تطرحها المطابع ودور النشر ومراكز البحوث وغيرها كل يوم، في مقدمة السبل التي تفتح آفاقا جديدة لمن يقرأها. ومن هنا فانه من الطبيعي ان نحتفي بمعرض مسقط الدولي للكتاب، في دورته التاسعة عشرة، والتي تم افتتاحها برعاية معالي الدكتور عبد الله بن ناصر الحراصي رئيس الهيئة العامة للاذاعة والتلفزيون، والتي تستمر فعالياتها في مركز عمان الدولي للمعارض بالسيب، حتى يوم الثامن من مارس الجاري .

وبينما تتزايد اعداد رواد معرض مسقط الدولي للكتاب، من جانب العديد من شرائح المواطنين والمقيمين، بمن فيهم التلاميذ والطلاب وغيرهم من المهتمين بمتابعة ما تشهده الساحة الثقافية من حراك وتفاعل، تتم ترجمة معظمه في اصدارات مختلفة، فان معرض مسقط الدولي للكتاب، الذي يتم تنظيمه سنويا بالتعاون بين وزارة الاعلام ووزارة التراث والثقافة، يتسم في دورته الحالية بسمة مميزة في الواقع، والمتمثلة في تعدد وتنوع الاصدارات العمانية، ومن ثم الوجود القوي والملموس للكتاب العماني. ومما له دلالة في هذا المجال، انه بالرغم من حداثة دور النشر العمانية، وكثير منها لا يزال في بداية الطريق، حيث انها ثمرة من ثمار مسيرة النهضة العمانية الحديثة، فان عدد دور النشر العمانية المشاركة في المعرض يصل الى 61 دار نشر ومكتبة – من بين 570 دار نشر محلية وعربية واجنبية مشاركة في المعرض – ويصل عدد الاجنحة العمانية الى 98 جناحا من بين 777 جناحا تضمها اروقة الدورة التاسعة عشرة لمعرض مسقط الدولي التاسع عشر للكتاب، في قاعاتها الرئيسية الاربع، والتي تشغل مساحة اكبر من مساحات الدورات السابقة للمعرض، حيث يزداد عدد دور النشر المشاركة في هذه الدورة عما كان عليه في العام الماضي .

وبينما اكد معالي الدكتور عبدالمنعم بن منصور الحسني وزير الاعلام على المساحة الواسعة من الحرية وانه من غير المنطقي منع اي كتاب، فان معرض مسقط الدولي للكتاب ، بما يضمه من نحو 160 الف عنوان، وبما يصاحبه من فعاليات ثقافية مختارة بعناية، هو في الواقع دعوة اخرى للقراءة، وللتواصل الثقافي الواسع والعميق، مع ما يطرحه الكاتب والمثقف العماني، وكذلك المثقف والباحث العربي والاجنبي، والاطلاع، في الوقت ذاته على حركة الطباعة والنشر والترجمة، في المنطقة وعلى امتداد العالم من حولنا، بل والتفاعل الايجابي معها، خاصة وان السلطنة قامت، وتقوم بإسهام نشط ومتواصل، على صعيد العمل لتحقيق افضل درجة ممكنة من التفاهم والتقارب والوئام بين الشعوب، سواء في المنطقة وخارجها، ومن المؤكد ان الكتاب والمطبوعات ومعارض الكتب تلعب دورا مهما للاطلاع على ثقافات وتجارب وتقاليد الشعوب الاخرى والتفاعل معها. ومن ثم لم يكن مصادفة ان يشهد المعرض الكثير من الاصدارات العمانية، سواء المدعومة من وزارة التراث والثقافة، وجامعة السلطان قابوس وجمعية الكتاب والادباء العمانية والنادي الثقافي والمؤسسات الحكومية والاهلية الاخرى، او التي تصدر بجهود شخصية، وهو ما يعبر عن الدعم والمساندة التي يحظى بها الكتاب والباحثون والمثقفون العمانيون في ظل العهد الزاهر لجلالة السلطان المعظم – حفظه الله ورعاه.