سماع الموسيقى على الإنترنت.. حرب مفتوحة مع حقوق الملكية

مواقع تشغيل الأغاني تتجه لإلزام المستخدم بدفع مقابل مادي –

بعد سنوات من طرح الأعمال الموسيقية مجانا، بدأت المواقع التي تتيح سماع الأغاني عبر الانترنت في فرض مقابل مادي على المستخدمين، ودفع مقابل حقوق الملكية الفكرية لصناع الاسطوانات، ولكن ممن يشكو الفنانون إذن؟

عندما قررت المغنية الأمريكية تيلور سويفت سحب أعمالها الموسيقية من موقع (سبوتيفي)، أقر القائمون عليه بضرورة حماية حقوق الملكية الفكرية، التي تدافع عنها سويفت.

وقال المدير التنفيذي لـ(سبوتيفي) دانيل ايك، عبر موقعه إن “تايلور سويفت محقة تماما، الموسيقى فن، وللفن قيمة حقيقية، ويستحق الفنانون الحصول على مقابل مادي عن أعمالهم”. ولكن السؤال الذي يتردد في ذهن الكثيرين ما هي القيمة التي “يستحق” الفنانون الحصول عليها؟، وهي القضية التي أثارت جدلا متزايدا في القطاع، الذي يضم فنانين مختلفين مثل سويفت وفاريل ويليامز وجيسون ألديان، في ظل مواقع متنوعة تتيح الاستمتاع بالموسيقى عبر الانترنت مثل (سبوتيفي) و(باندورا) و(ميوزيك كي) الذي أطلقه (يوتيوب) مؤخرا.

ومنذ سنوات، اعتاد الجميع على الاستماع للموسيقى مجانا عبر الانترنت، بينما كان القائمون على الصناعة يواجهون أزمة. وفي الفترة بين نهاية القرن الماضي ومطلع القرن الحالي، تسببت القرصنة الالكترونية وخدمات تبادل الملفات (P2P) مثل (نابستر) في صعوبات كبيرة بمبيعات الاسطوانات.

بعد ذلك ظهرت منصات قانونية مثل (يوتيوب) و(باندورا)، والتي بدأت تدفع مقابلا ماديا لإتاحة الموسيقى مجانا، وقامت بإدخال الإعلانات. بينما يتوجه المستخدمون الراغبون في التحكم بصورة أكبر في المحتويات أو ملوا الإعلانات إلى المتاجر الالكترونية مثل (اي تيونز) لتحميل الألبومات مقابل نسبة من سعر الاسطوانة.

الآن تحاول مواقع تشغيل الأغاني عبر الإنترنت الترويج لخدمة “مميزة” تلزم المستخدم بدفع مقابل مادي للاستمتاع بجودة أفضل والتخلص من الإعلانات، على حساب الشعبية الكبيرة التي تحظى بها الموسيقى المجانية عبر الإنترنت، لتدفع بهذا للمرة الأولى حقوق الملكية الفكرية لشركات الانتاج مقابل كل مستخدم يستمع لأغنية عبر الموقع.

موقع (سبوتيفي) على سبيل المثال يلزم المستخدم بدفع جزء من السنت مقابل كل عملية تشغيل عبر الانترنت، ورغم ذلك، فإنه يحقق مبالغ كبيرة، فمنذ 2008 دفع لشركات انتاج الموسيقي وللفنانين أكثر من ملياري دولار تحت بند حقوق الملكية الفكرية.

ورغم ذلك، فإن بعض الفنانين يرون أن القيمة التي يدفعها مستخدمو الانترنت مقابل الاستماع لأعمالهم زهيدة لا تعوض خسائر مبيعات الاسطوانات والتنزيل القانوني، وهو الأمر الذي ترفضه إدارة سبوتيفي (Spotify Ek) حيث ترى أن انخفاض مبيعات الاسطوانات لا علاقة له برواج الاستماع للأعمال الموسيقية عبر الانترنت.

ووفقا لما أفادت به جريدة “وول ستريت جورنال” في أكتوبر الماضي، فإن مبيعات متجر (اي تيونز) التابع لشركة (ابل) انخفضت بأكثر من 13% خلال 2014، بينما زادت عائدات (سبوتيفي) خلال النصف الأول من العام الجاري بنسبة 28%.

وبدأ النزاع بين سويفت وموقع (سبوتيفي) عندما قررت المغنية عدم إتاحة ألبومها “1989” عبر الموقع، لحث المستخدمين على الدفع مقابل تنزيله نظرا لعدم قدرتهم على الاستماع له مجانا.

ورغم استحالة تحديد حجم وطبيعة تداعيات المبادرة، فإن الألبوم حقق نجاحا كبيرا، حيث تم بيع 3ر1 مليون نسخة في الأسبوع الأول من طرحه، في أفضل طرح لألبوم أمريكي منذ عام 2002.

بعد قليل، قررت المغنية سحب كل أغانيها من الموقع، ورفضت الإبقاء عليها حتى لمستخدمي الخدمة المميزة المدفوعة، وقالت في حوار صحفي “أعتقد أن الجماهير يجب أن تفهم أن ما نبدعه نحن الموسيقيون له قيمة”.

ويبدو أن سويفت لن تكون الوحيدة التي تقدم على تلك الخطوة، فقد أوصى وكيل أعمال الفنانين إرفين زوف زبائنه، وبينهم فاريل ويليامز وسموكي روبنسون ومؤسسة جون لينون بعدم طرح أعمالهم الموسيقية على مواقع مثل (ميوزك كي) التابع لـ(يوتيوب) لأن المقابل في وجهة نظره منخفض للغاية، وفقا لصحيفة (لوس أنجليس تايمز).

كما أن موقع (ديجيتال ميوزك نيوز) قدم قائمة بـ 16 فنانا تضم أسماء مثل بينك فلويد وديفيد بيرن ونقابة الموسيقيين السويديين يشكون من تعاقدات خدمات الاستماع المباشر للأغاني عبر الانترنت.

وفي المقابل، هناك من ينظرون للأمر بصورة مختلفة، حيث يرى فنانون أمثال قائد فريق (يوتو) بونو ومنتجون أمثال كوينسي جونز أن تشغيل الأغاني عبر الانترنت حل محتمل أمام صناعة الموسيقى أكثر منه مشكلة.

وكتب جونز، عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك)، “سبوتيفي ليس العدو. العدو هو القرصنة”، وقال “إذا كان عليّ إطلاق ألبوم، ثقوا أنني أود أن يطرح عبر سبوتيفي”، مشيرا إلى أن “الجني لن يعود للزجاجة”، لذا فإن الحل يكمن في “العمل المشترك لحل مشكلات الصناعة”.

من جانبه، قال بونو في مؤتمر حول الانترنت عقد في إيرلندا إن الفنانين “ينبغي أن يحصلوا على عائد أفضل”، ولكن “الطريقة الأفضل لأن تكون الأغنيات مفيدة هي أن يتم سماعها”. ( د ب أ ).