العنف العربي المجنون يــدمر الحاضر والمستقبل

بالرغم من أن السنوات الأربع الأخيرة قد خضبتها الدماء العربية في عدد من البلدان العربية، وعلى نحو غير مسبوق، في اتساعه والخسائر المصاحبة له في الأرواح والممتلكات العامة والخاصة، وبالطبع موجات اللاجئين التي تدفقت ولم تتوقف، إلا أن هذا العام 2014، الذي يلملم ساعاته الأخيرة ليرحل، قد شهد حالات من العنف تصل حد الجنون، وللأسف في أكثر من دولة عربية، وجد أن المدنيين والموارد والممتلكات العامة وقود الحرائق التي أشعلتها، وتشعلها الميليشيات، غير عابئة بشيء، وغير متحسبة لأية نتائج، وكأن الهدف هو إضرام مزيد من النيران، أو السباق للانتقام من الإخوة والأشقاء، بعد أن استبيحت دماؤهم عبر فتاوى دينية أو مواقف سياسية يبررها هذا الطرف أو ذاك، طالما أنه تحقق مصالحه، أو ما يراه هو مصلحة له، بغض النظر عن أي شيء آخر.ومن التطهير العرقي الذي تمارسه داعش في المناطق التي تسيطر عليها في العراق وسوريا، إلى البراميل المتفجرة على الأحياء المدنية، وأحيانا الأسلحة الكيماوية في سوريا، إلى اقتحام منازل الخصوم وتفجيرها في اليمن، إلى غارات الطيران المتبادلة ضد المدن الليبية، ووصولا إلى حد إشعال الحرائق المتعمدة في خزانات الوقود في ميناء سدر الليبي بعد فشل السيطرة عليها من جانب هذه الميليشيا أو تلك، وهذه كلها ممارسات لا يقرها عقل ولا دين، وتنتهك كل الأعراف والمواثيق الدولية والإنسانية، والأكثر من ذلك أنها تسيء، أبلغ إساءة إلى العرب والمسلمين أمام العالم، لأنها ببساطة تتنافى إلى أبعد حد مع الدين الإسلامي الحنيف، دين الرحمة والتراحم والسلام. وإذا كانت المواجهات الميليشياوية المسلحة، في أكثر من دولة عربية قد تحولت إلى أشد صور العنف بشاعة أحيانا، وعلى نحو يترك أبلغ الآثار سوءا على أبناء الشعب العربي في هذه الدولة أو تلك، ويغذي مخططات التقسيم، أو على الأقل يوفر البيئة التي تهيئ لذلك، فإن عمليات التدمير الشاملة للإمكانيات وللبنية الأساسية وللمرافق ، وللموارد النفطية، وحتى للأحياء السكنية والمباني، من شأنها أن تحول المدن والمناطق التي تتعرض لذلك في الدول الشقيقة ، التي ابتليت بهذه الممارسات، إلى أراض خربة ومناطق محروقة، وتعود بهذه الدول إلى الخلف عشرات السنين، هذا فضلا عن الحاجة إلى موارد مالية ضخمة، سواء للتخلص من مواد الدمار التي تتراكم، أو لإعادة البناء والتعمير والتنمية مرة أخرى. والمؤسف أنه لا أحد من تلك الميليشيات، والتنظيمات التي تتكاثر كالفطر، يفكر في الغد أو المستقبل، وكأن العنف والتدمير والقتل والتخريب ، وهدم الدولة، هو الغاية والهدف، بغض النظر عما يترتب عليه، الآن وفي المستقبل !! إنها لوثة تدميرية بشعة تتطلب ضرورة دراستها من كل جوانبها الفكرية والدينية والاجتماعية والسياسية أيضا، للتعرف على كل أبعادها وامتداداتها، والتعامل الصحيح معها أيضا.