ضرورة إنجاح الحوارات العربية

على امتداد أكثر من أربع سنوات حتى الآن، ومنذ اندلاع ما سمي بالربيع العربي، ولم يكن ربيعا قط، دخلت العديد من الدول العربية في نفق خطير، حيث تعرضت، ولا تزال تتعرض إلى محاولات لتفكيكها، وتدمير قواها الذاتية، وعلى نحو لا يمكن أن يكون مصادفة في امتداده من العراق إلى السودان إلى سوريا واليمن وليبيا. ومع الوضع في الاعتبار أن التطورات والاضطرابات التي تعيشها أكثر من دولة عربية، تتم للأسف الشديد على ايدي قوى سياسية واجتماعية وقيادات داخلية في هذه الدولة العربية أو تلك، إلا أن المؤكد هو أن الثمن الفادح لكل ذلك، لم يقتصر بالضرورة، ولن يقتصر على الشعوب الشقيقة في تلك الدول، التي عانت وتعاني الكثير خلال السنوات الأخيرة، وذلك لسبب بسيط هو أن ما تتعرض له إحدى الدول الشقيقة، يؤثر بشكل أو بآخر في محيطها من حولها.

ونظرا لأن المواجهات المسلحة، وانتشار عمليات التدمير والتخريب، وظهور وتنافس الميليشيات، بكل الأطياف والمشارب، لا يمكن أن يحفظ حاضرا ولا يبني مستقبلا، فإنه من الطبيعي، بل والضروري، تشجيع ومساندة أية توجهات للحوار الجاد والصادق بين الفرقاء السياسيين والقوى الاجتماعية، بمسمياتها المختلفة في الدول الشقيقة، وذلك من أجل محاولة البحث الجاد عن سبل لتجاوز عمليات التدمير الذاتي في هذه الدولة العربية أو تلك من ناحية، وللالتقاء ولو على حد ادني للتوافق بين الاشقاء، وعلى نحو يحافظ على وحدة وتماسك الدول والمجتمعات العربية في الدول الشقيقة، ومن ثم إنقاذها من التفكيك بأي شكل، حفاظا على حاضرها، وأملا في بناء مستقبل يحقق لشعوبها ما تتطلع اليه من أمن وأمان واستقرار وازدهار، وذلك كله لا يمكن أن يتحقق عبر فوهات البنادق، ولا من خلال تصارع الميليشيات، المحلية أو العابرة للحدود، والتنظيمات التي تتكاثر كالفطر بمسميات عديدة.

وفي ضوء ذلك فإنه بالرغم من إدراك ما يمكن أن تواجهه محاولات الحوار في موسكو بين بعض الأطراف المعارضة والسلطات السورية، وفي جنيف بين بعض التنظيمات والفصائل الليبية، وفي صنعاء بين الأطراف والقوى السياسية والاجتماعية اليمنية، من صعوبات وعراقيل، ظهر بعضها على الأقل، إلا أن النجاح في جمع الأطراف المختلفة على مائدة حوار هو بالضرورة خطوة إيجابية، ينبغي دعمها ومساندتها، حتى تتمكن، على الاقل، من وضع أرضية محددة الملامح والعناصر لالتقاء الأطراف المعنية، للبحث عن مخارج سلمية وقادرة على الحفاظ على الدول الشقيقة والحيلولة دون الانجرار إلى هاوية التفتت والتقسيم أو الاستمرار في تدمير ما بقي من إمكانات، تحتاج اليه الشعوب الشقيقة لتضميد ولو بعض جراح السنوات الأخيرة. وبرغم أية تمنيات، إلا أن المسؤولية الأولى والأكبر تقع بالتأكيد على عاتق الفرقاء المعنيين في هذه الدولة العربية، أو تلك، وعليهم النجاح في القيام بها بدعم ومساندة الأشقاء، لأن الفشل يعني مزيدا من الخراب والدمار.