الترشح للشورى واجب وطني

د.فيصل بن علي الزيدي –

أعلنت وزارة الداخلية أن موعد تقديم طلبات الترشح لعضوية مجلس الشورى للفترة الثامنة سيكون في الثامن عشر من يناير 2015 م، وينتهي في الخامس من فبراير، على أن يكون آخر موعد لسحب الترشح في الخامس والعشرين من أغسطس 2015 م، وعند الحديث عن انتخابات مجلس الشورى العماني ندرك أن تجربة الشورى العمانية لم تنسق وراء تقليد تجارب الآخرين، واتجهت إلى أن تجعل البناء الديمقراطي في السلطنة نابعا في الأساس من داخل البيئة العمانية، وعلى هذا فإن التسلسل والمراحل التي قام عليها هذا البناء منذ عام 1981م عند قيام المجلس الاستشاري، وحتى يومنا هذا جاء نتاجا طبيعيا للتغير الاجتماعي الكبير الذي حدث في المجتمع العماني طوال سنوات النهضة المباركة التي بدأت مع تولي جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- مقاليد الحكم في مطلع سبعينات القرن الماضي، ومع تزايد المكتسبات التي تحققت على مدار الأعوام الماضية، وفي ضوء ما اكتسبه أعضاء المجلس من صلاحيات واسعة، ومخصصات مالية أعلى، وإشراكهم في الحكومة كما حدث مع عدد من أعضاء المجالس السابقة الذين حملوا حقائب وزارية… فإن السؤال المهم الذي يطرح نفسه ونحن على أعتاب فتح باب الترشح للانتخابات الجديدة يتعلق بنوعية المترشحين الذين نتوقع أن يتقدموا بطلبات الترشح للمجلس.

فكما تطورت تجربة الشورى العمانية وفق القوانين والتشريعات المنظمة لهذا الشأن،هل سنشهد تطورا في نوعية المترشحين خلال الفترة القادمة؟ ولا يعني هذا بالطبع التقليل من شأن ومكانة الأعضاء الحاليين، إذ من المؤكد أن المترشح لا يفوز في الانتخابات، وبالتالي لا يصل إلى عضوية مجلس الشورى إلا من خلال الناخبين الذين يمثلون حجر الزاوية في النظام الانتخابي .

إن من أهم شروط الترشح لانتخابات مجلس الشورى ألا يقل المستوى التعليمي لطالب الترشح عن دبلوم التعليم العام. ويعكس هذا الشرط إيمان الدولة بأهمية أن يتمتع عضو مجلس الشورى خلال الفترة القادمة بالمعرفة التي لا يمكن بدونها أن يؤدي الدور المنوط به تحت قبة المجلس .

ويعرف القانون طالب الترشح؛ بأنه المواطن الذي يتقدم بطلب ترشحه بشخصه أو من وكيله القانوني لعضوية مجلس الشورى، ويقدم الطلب إلى والـــي الولاية أو نائبه أو من يفوضه الوزير لتسلم الطلب وفق النموذج المعد لهذا الغرض مرفقا به المستندات المطلوبة شريطة أن تنطبق عليه الشروط الواردة في المادة (34) من القانون، وهي أن يكون عماني الجنسية بصفة أصلية، وألا تقل سنه عند فتح باب الترشح عن ثلاثين سنة ميلادية،وألا يقل مستواه العلمي عن دبلوم التعليم العام، وألا يكون قد سبق الحكم عليه نهائيا بعقوبة جنائية أو جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة،وأن يكون مقيدا في السجل الانتخابي،وألا يكون منتسبا إلى جهة أمنية أو عسكرية، وألا يكون محكوما عليه بحكم قضائي وألا يكون مصابا بمرض عقلي.

إننا ندرك أن الوطن يزخر بشبابه وشيوخه ممن يستحقون أن يكونوا بين أعضاء مجلس الشورى كونهم يمثلون الصفوة الثقافية، والاقتصادية، والاجتماعية، ولديهم المقدرة على التعاطي مع المرحلة القادمة للشورى العمانية، فهم مدركون لسياسة بلدهم في مختلف الجوانب، ومطلعون على ما يدور في المجتمع. علاوة على أنهم متحدثين لبقين قادرين على التأثير في الآخرين،والتعاطي مع وسائل الإعلام الداخلي والخارجي، وهذا بطبيعة الحال يتأتى لهم من خلال ثقافتهم العالية، ومعرفتهم بالجوانب القانونية، وكذلك توظيفهم التكنولوجيا، ووسائل الاتصال الحديثة في خدمة أهدافهم.

إننا نأمل أن يكون عضو مجلس الشورى عضوا مشرفا لولايته التي سينطلق منها إلى وطنه الذي سيمثله تحت قبة المجلس وفي المحافل الخارجية، ونحن اليوم معنيون جميعا ومع اقتراب موعد تقديم طلبات الترشح لعضوية مجلس الشورى للفترة الثامنة؛ بأن نزج بمن نعتقد بأنهم سيجيدون تمثيلنا في هذه القبة البرلمانية، وأن ندفع بهم للأمام، وأن ندعو كل من يجدون في أنفسهم المقدرة للقيام بهذا الدور إلى عدم التردد في القيام به، فهو أولا وأخيرا واجب و طني وجزء من سداد الدين لهذا الوطن الغالي التي تقع علينا مسؤولية النهوض به، صحيح أن الترشح ليس معناه الفوز،وربما هذا ما يقلق البعض، ويجعلهم مترددين في خوض التجربة .

لكن نحن على ثقة بأن من يترشح لعضوية مجلس الشورى لن يكون شخصا تقليديا فهو وإن لم يجد في نفسه ما يميزه عن الآخرين لن يقدم على هذه الخطوة، فالانتخابات الوطنية لا يخوضها في الغالب إلا الأشخاص الواثقون من أنفسهم، والذين يتمتعون بصفات القيادة؛ مثل التأثير في الآخرين، والمعرفة والخبرة إلى آخر تلك الصفات التي أعتقد بأننا في أمس الحاجة إليها خلال المرحلة القادمة المليئة بالتحديات المحلية والإقليمية والعالمية،وواقعها السياسي والاقتصادي، والأمني. فلا يمكن أن نكون بمعزل عن هذه المنظومة،والأعضاء المقبلون لعضوية مجلس الشورى يجب عليهم وعلينا كذلك ؛أن نكون قادرين على فهم هذه المعادلة والتعاطي معها؛ لأننا في النهاية نحن من سنوصلهم إلى هذه العضوية، فالمرحلة القادمة بما تحمله من مؤشرات وصلاحيات واسعة منحت للأعضاء لن تكون كمثيلاتها من الفترات إلا أن بداية مشوار هذه المرحلة الهامة سينطلق في الثامن عشر من يناير 2015 م وهو اليوم الذي سيمثل مرحلة فاصلة في تاريخ العمانيين،ويجب علينا أن نعي أهميته، وما يمثله لنا جميعا.