عـودة الانتعاش إلى أسواق المال الخليجـية

وفقاً لمعهد المحاسبين القانونيين في انجلترا وويلز ICAEW، الرائد عالمياً في مجال المحاسبة والتمويل، من غير المحتمل أن تستمر الآثار المترتبة من جرّاء تقلّب أسعار النفط على الأسواق المالية في منطقة مجلس التعاون الخليجي على المدى البعيد، وذلك بسبب استمرار الإنفاق الحكومي المرتفع، والاستثمارات الأساسية في قطاع النفط.

واجتمع أعضاء معهد المحاسبين القانونيين في انجلترا وويلز ICAEW ونخبة من الضيوف في دبي الأسبوع الماضي، من أجل مناقشة تأثير موجة التصحيح السعري للنفط على الأسواق المالية. وأقيم الاجتماع المغلق برعاية شركة «مريل داتاسايت»، وأداره ديفيد بيتري، رئيس قسم تمويل الشركات في معهد المحاسبين القانونيين ICAEW . وتضمّنت قائمة الوفود المشاركة في الاجتماع: فادي السيد، المدير ومدير المحافظ والمحلّـل في شركة لازارد الخليج؛ وتيم فوكس، رئيس إدارة الأبحاث وكبير الاقتصاديين في مجموعة الإمارات دبي الوطني؛ وهيومايون شهريار، المؤسس والرئيس التنفيذي لمجموعة أوفيست؛ ووضّاح الطه، رئيس قسم الاستثمارات في مجموعة شركات الزرعوني؛ وتيري ويليس، المدير الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وإفريقيا ودول الكومنولث المستقلة لدى مجلس صناعات الطاقة.

وألقى الكلمة الرئيسية معالي اللورد ألدرمان آلان يارو، عمدة مدينة لندن، إذا قال في كلمته: «تدرك دول مجلس التعاون الخليجي بشكل كامل أنها بحاجة إلى تقليل اعتمادها على الهيدروكربونات، خاصة وأن هذه المسألة باتت تحت دائرة الضوء بسبب تأرجح أسعار النفط. ولهذا، أرست دول الخليج العربي خططاً طموحة وجريئة لتطوير بناها التحتية، من أجل تنويع اقتصادياتها باتجاه طيف واسع من القطاعات».

وأضاف: «ترغب مدينة لندن، بما تمتلكه من مؤسّسات مالية ومهنية ذات خبرات عريقة ومتمرسّة، في أن تدعم بلدان الخليج العربي في مشوارها لتنفيذ هذه الخطط. لدينا الكثير لنقدّمه، من نماذج التمويل المبتكرة إلى الخبرات الواسعة في مجالات التأمين، والأسواق القانونية، والتعليم، والمؤهلات، والتمويل الإسلامي. إن رسالتي واضحة للعيان: نحن نرغب في أن نكون الشريك الاقتصادي الطبيعي والمفضّل لدول المنطقة».

واتفق الحضور والمتحدّثون على أن أكثر ما يهم بالنسبة إلى المستثمرين ليس أسعار النفط بحد ذاتها، بل قدرة الحكومات واستعدادها للإنفاق في القطاعات غير النفطية. وتعتبر معدلات إنفاق الحكومات في دول مجلس التعاون الخليجي مرتفعة، على الأقل في المدى المتوسط، ولديها أيضاً الكثير من الاحتياطات التي يمكنها دعم خطط الإنفاق عند الحاجة.

وخلال حديثه في الاجتماع، قال ديفيد بيتري: «ليس هناك أدنى شك في أن الأسواق المالية قد تأثرت بموجة التصحيح السعري للنفط، إلا أن هذه التداعيات ستكون قصيرة الأجل، لا سيما مع استمرار الاستثمارات الأساسية في القطاع، وبقاء القطاعات غير النفطية كأهداف استثمارية جذّابة. قد يكون هناك مصلحة لمنتجي النفط من دول مجلس التعاون الخليجي إذا انخفضت أسعار النفط إلى أبعد من ذلك، الأمر الذي قد يؤدي إلى إيقاف الإنتاج وعدم الكفاءة التجارية في تلك الأجزاء من العالم حيث تكاليف الإنتاج أعلى من ذلك بكثير، وفي حدود100 دولار أمريكي للبرميل، وبالتالي سيتم إيقاف الإنتاج فيها».

كما اتفق الحضور على أن موجة التصحيح السعري للنفط وفّرت فرصاً استثمارية في القطاعات الأخرى مثل البتروكيماويات، والتجارة، والتصنيع الخفيف، والطيران، والخدمات اللوجستية، والطاقة المتجددة.

من جانبه، علّق ألكسندر جروس، المدير في شركة «مريل داتاسايت» قائلاً: «إن الهبوط الأخير في أسعار النفط قد يدفع الشركات في قطاع الطاقة للتخلص من المزيد من الأصول غير الأساسية لدعم نشاطها الرئيسي. وبصفتنا مزوّداً لغرف البيانات الافتراضية، نظنّ أن هذا الاتجاه قد يؤدي أيضاً إلى زيادة صفقات الدمج والاستحواذ، بما في ذلك عروض محتملة للاستحواذ على شركات النفط والغاز المُثــقـلة بالديون».

وأجمع المتحدّثون على أن أسعار النقط قد تهبط إلى 35 دولارا أمريكيا للبرميل بحلول شهر يوليو المقبل، لكن من المتوقع أن تعود للارتفاع مجدّداً لمعدلاتها الطبيعية بين65 و75 دولارا أميركيا للبرميل.

واتفق المتحدّثون أيضاً على أن بعض الاكتتابات الأولية العامة قد تتأخر في المدى القصير، نظراً لشح السيولة في الأسواق، وبسبب حذر المستثمرين، لكنّ الأوضاع سوف تتحسّن على ضوء تعافي معنويات السوق وقطاع النفط.