معضلة تشريع القنب الهندي في أمريكا اللاتينية

مونتيفيديو «أ.ف.ب»: – بدأت فكرة تشريع القنب الهندي تنتقل من الأوروجواي الى سائر دول أمريكا اللاتينية الواقعة في براثن كارتلات المخدرات، حتى لو كانت بعض بلدان المنطقة تعارض هذه الفكرة بشدة.

«لا بد من أن يبدأ أحد بلدان أمريكا اللاتينية بتنفيذ هذه المبادرة»… بهذه الجملة قدم رئيس أوروجواي خوسيه موخيكا مشروعه الجريء.

وبعد سنة على اعتماد قانون جعل أوروجواي أول بلد في العالم ينظم إنتاج الماريجوانا، لم يبدأ بعد بيع المنتج في الصيدليات.

وقد كشف المعهد الوطني المعني بشؤون المخدرات (جي ان دي) أن 1300 شخص سجل اسمه في سجل مزارعي القنب الهندي وأسست ستة نواد يضم كل منها 45 مستهلكا على أقصى تقدير.

وأثار هذا الوضع حيرة البلدان المجاورة وبدأ البعض يتساءل «كيف فعلت أوروجواي فعلتها من دون أن تتعرض بعد لتداعيات كبيرة على مستوى العلاقات الدولية والعقوبات ورفض الفكرة على الصعيد المحلي. وباتت هذه الحالة احتمالا تدرسه البلدان الأخرى»، على ما شرح جون والش المحلل في مركز التفكير «واشنطن أوفيس أون لاتن أمريكا» (دبليو أو إل إيه).

وأكدت بيين ميتال الخبيرة في مركز الأبحاث «ترانسناشنل إنستيتوت» في أمستردام أن «حالة أوروجواي دفعت بلدان عدة إلى النظر أقله في احتمال اتخاذ خطوة في هذا المجال».

وهي أضافت «لا عدول عن هذا القرار، فقد خرج العفريت من القمقم وما من سبيل لإعادته إليه». وفي نهاية أكتوبر، باتت تشيلي أول بلد في المنطقة يزرع القنب الهندي لأغراض علاجية، علما أن هذه النبتة لا تزال تعتبر هناك من المخدرات القوية. وقد أعد مشروع قانون لتشريع زراعتها لأغراض شخصية.

أما في الأرجنتين، فقد طرح مشروع قانون يؤيده أنيبال فيرنانديس الأمين العام للرئاسة لتشريع القنب الهندي للاستهلاك الشخصي، لكن الحكومة لا تزال تعارضه. كما أعد مشروع آخر للسماح باستخدامه لأغراض علاجية.

ويشار في هذا السياق إلى أن القانون لا يعاقب حيازة المخدرات لاستخدام شخصي في عدة بلدان من المنطقة.

وفي شمال القارة الأمريكية يثير بلد آخر اهتمام المحللين.

فقد عرفت الولايات المتحدة بحربها على المخدرات منذ عهد الرئيس ريتشارد نيكسون، لكنها باتت تميل اليوم إلى مناهج أقل صرامة. وذكرت المحللة بيين متال بأن «أربع ولايات أمريكية شرعت القنب الهندي لأغراض ترفيهية (واشنطن وكولورادو وألاسكا وأوريغون)، كما أن 23 ولاية شرعته لأغراض طبية»، ما يضعف بعض الشيء مصداقية الولايات المتحدة «في وقت تملي فيه على بلدان أمريكا اللاتينية سياسات مكافحة الاتجار بالمخدرات، كما هي الحال منذ عقود».

وبعد أن كانت بلاد العم السام من أشد مؤيدي سياسة المنع، «حان الوقت كي تعتمد مناهج تتماشى مع تلك السائدة في بلدان المنطقة وتتوقف عن إصدار توجيهات يتعذر عليها هي أن تطبقها»، على حد قول إدواردو فيرغارا مدير مركز التحليلات «أسونتوس ديل سور». لكن المنطقة تبقى منقسمة إزاء هذه المسألة، ولا تزال بعض البلدان الأمريكية اللاتينية تبدي تحفظات في هذا الخصوص، بحسب فيرغارا.

ومنذ فترة وجيزة، أكد وزير العدل البرازيلي جوزيه إدواردو كاردوزو أن «تشريع القنب الهندي ليس من بنود جدول أعمالنا راهنا»، بالرغم من تقديم مشاريع في هذا الشأن.

والأمر سيان في نيكاراغوا وبنما والمكسيك وكوستاريكا وفنزويلا والبيرو.

غير أن بعض الأصوات بدأت ترفع للمطالبة بتشريع القنب الهندي. ويحظى هذا الاقتراح بتأييد الرئيسين السابقين البرازيلي فيرناندو هنريكي والمكسيكي فيسنتي فوكس. وراحت مطالب اعتماد منهج جديد في هذا المجال تنتشر في المنطقة التي تعد أكبر منتج عالمي للكوكايين والواقعة في شباك أعمال العنف الناجمة عن الاتجار بالمخدرات.

وقد فشلت سياسات القمع التام فشلا ذريعا، في نظر الرئيسين الكولومبي والإكوادوري. ومن المزمع أن تخصص الأمم المتحدة دورة لهذه المسألة في العام 2016، وذلك بمبادرة من كولومبيا والمكسيك وغواتيمالا.

وفي حين تشق فكرة تشريع القنب الهندي طريقها في الولايات المتحدة بدفع شعبي، قد يستغرق التغيير وقتا أطول في أمريكا اللاتينية.