شغب الذاكرة: سيناريو الاختبارات (1)

سعاد بنت فايز  العلوية –
تُعيدني هذه الأيام إلى سنة كنت فيها مقيدة في الصف الحادي عشر، يوم أن نهضت باكرا لمذاكرة مادة الأحياء، كنت مفعمة بالنشاط خصصتُ الليلة التي سبقت لمادة الثقافة الإسلامية، وفي صباح اليوم التالي بدأت بمراجعة ما لخصته في مادة الأحياء؛ استعدادا لغدٍ نؤدي فيه اختبار المادتين في يوم واحد.
أجلس مقابلة الباب الرئيس للمنزل، وجرس الباب يدق بشكل هستيري، ثمة حافلة مدرسية أمام الباب وامرأتين!. تقدمت لفتح الباب فإذا باثنتين من إدارة المدرسة، يناظرنني بغضب، أناظرهن بخوف. “لما لم تأتِ لقاعة الاختبار؟ أي اختبار؟ اختبار اليوم مادتي الثقافة الإسلامية والأحياء!! أكدت لهن أنه وحسب الجدول، فاليوم استراحة والاختبارين غدا. أخبرنني بغضب أيضا أن القاعتين قد اكتملتا وأن الطالبات شرعن في الإجابات.
عدت إلى داخل المنزل لأخبر والدتي بما قيل وذهبت أجهز نفسي بالزي المدرسي وأقلامي. وأنا خارجة، تذكرت أن شقيقتي التي كانت تنتظر التعيين من قبل وزارة التربية كانت قد قررت اعادة الدراسة الثانوية مجددا ولكن في القسم الأدبي وكانت تذاكر ما كنت أذاكره، فأخبرتها وسبقتها للقاعة.
لحظة وصولي للممر المؤدي للقاعة، ثمة معلمات يضحكن، وفي قاعة الاختبار ثمة طالبات يضحكن أيضا وهناك من سأل بسخرية: كيف ستؤدين الاختبارات وأنتِ لم تذاكري؟ أخبرتها أنني نسيت الموعد لا المذاكرة. قررت أن أصرف النظر عن كل شي عدا طريق الطاولة الخاصة بي، شرعت في كتابة الإجابات الاختيارية ثم المقالية، وحين رفعت رأسي، وجدت المراقبة مشددة حولي، في داخلي صوت يصرخ ليقول: “ ليس من عادتي أن آخذ الاجابات من غيري ولا حتى من عادتي أن أجلب في جيبي مددا من الكتاب”. منظر المراقبتين أربكني، فلم أستطع تذكر الآيات المطلوبة، قمت بحل كامل أسئلة الاختبار ولم أستطع تحريك القلم في الآيات، حاولت وحاولت ولكن كان الأفضل بالنسبة لي أن أترك قاعة الاختبار للرجوع لملخصات الأحياء. تركت مساحة فارغة للآيات مع أني كنت أحفظها لفظا ومعنى، لكن نعم خانتني الذاكرة، فخرجت.
بعد خروج العديد من الطالبات، جاءتني بعض الزميلات بأن لا تقلقي سيكون اختبار الأحياء بسيطا ولن يستدعي منك المراجعة في هذه الاستراحة فالمنهج هيّن، تشجعت حينها لطلب الكتاب منهن للمرور سريعا على ما تمت دراسته فتمنعن،صرخت إحداهن “ اوووووه والله بعدي ما مخلصة ووايد دَسْم”.
شقيقتي التي دفعت ثمن تسجيلي للجدول بدون تركيز نصحتني أن نعود للمنزل للرجوع للكتاب، استلمت الملخصات وأنا أقوم بمراجعتها بصوتٍ عالٍ وأحوم بشكل دائري في المنزل وأبكي، أبكي ليس لأنني لم أذاكر، فجدول مذاكرتي كان محكما؛ لكني أتذكر من قالت “ اووووه…”!.
لم تكن الأسئلة صعبة، فقط الارتباك الذي صاحبني وأفقدني دقة بعض المصطلحات العلمية، خاصة وأنا أؤدي اختبارين دون تهيئة نفسية نتيجة عشوائية نقل الجدول بالتوقيت الصحيح. وبالمناسبة، كنتُ كثيرة النسيان خاصة في فترة الاختبارات، أعني نسيان المواعيد وتحديد الدروس، ولا أخفيكم أمرا، غالبا ما تحدث معي مواقف مشابهة لذلك أعتمد على التحضير والاستعداد المسبق. نعم فقد حدث ذات عام أن قدمت اختبارا دون كتاب مدرسي أذاكر منه وخجلت أن أقول لأسرتي أنني أضعت الكتاب، معتمدة على التحضير الدائم وعلى شرح المعلمة يوم أن كنت أتمتع بالحفظ الجيد للمعلومات التي أقرأها والتي أسمعها من المعلمة، ولا مشاكل في العلامات.