إيلي كمال: موسيقى «ثورة التانجو» ممثل أساسي في الفيلم

حوار- ضحى عبدالرؤوف المل –

يعتمد فيلم «ثورة التانجو» على موسيقى «جاهدة وهبي» المفتوحة على عدة مشاهد موسيقية ذات نغمات تتواءم حسيا مع خطوات الرقص الرافضة للواقع والباحثة عنه، ومع المعنى السريالي للثورة العربية الغامضة في مستقبلها، التي تخيف وتربك المجتمعات العربية وخصوصا في الدول النامية التي غالبا ما تنصت الى الاخبار بارتباك يزيد من حدة خوفها او هواجسها ، فرؤية المخرج” ايلي كمال” تناغمت مع عناصر الفيلم كافة من حيث الحركة المرسومة بتعبيرات موسيقية راقصة صامتة نقلت الاحساس الفني بجمالية اخراجية لم تخل من رموز سوريالية تهدف الى البحث عن صحوة من دوامة او حلم مزعج نعيشه في مجتمعاتنا دون اللجوء الى متنفس يجعلنا نحيا بتفاعل اجتماعي وبسلام.
هنا حوار مع المخرج ايلي كمال:

تربية الإنسان تعتمد إلى درجة كبيرة على السينما ما رأيك بهذا؟

الانسان كائن يتأثر بمجتمعه ومحيطه وبما يراه ويسمع ويعيش، وهوية الشعوب وذاكرتها تعتمد على ثقافة وفنون هذه الشعوب، السينما محصلة الفنون وأصغرها عمرا وغنية بطرق التعبير، وهي توثق حالة المجتمعات والحقبات التي تنتجها. الفنون بشكل عام لها تأثرها على الناس وكون السينما فن صغير في العمر ومنبثق من الشعب والشارع فهو سهل الفهم والاستيعاب( نسبيا) والأقرب إلى الناس، لكن من ناحية أخرى، كثير من الشعوب ليس لديها وصول إلى السينما والصالات، لكن يبقى لديها مكون او اكثر من الفن السابع من الموسيقى والعمارة والرسم. برأيي حتى هذه المجتمعات تنتظر السينما لتأتيها ليصبح التعرف متبادل، لأن السينما على الأرجح قد سبقتها وتعرفت عليها.
فيلم ثورة تانجو هو رقصة تم تقديمها بما يتوافق مع الرؤية الموسيقية هل هذا صحيح برأيك؟ ألم تجد صعوبة في مواكبة المشهد الموسيقي؟
جاهدة وهبي ألفت موسيقى الفيلم بعد قراءة السيناريو وجلسات مناقشة طويلة حول الفيلم. صحيح انه في اغلب الاحيان، وبما هو متعارف عليه، ان المؤلف يستوحي من المشاهد المصورة ليكتب الموسيقى في الفيلم، لكن الكثير من المخرجين والمؤلفين يفضلون التعاون من البداية وقبل التصوير.
الموسيقى في هذا الفيلم ليست تصويرية، بل هي ممثل اساسي ووجب كتابتها قبل التصوير لانها اساس في تصميم الحوارات الراقصة، كما ان المخرج يختار الممثلين قبل التصوير، كذلك جرى العمل على الموسيقى ككاستينج. انا كتبت السيناريو، جاهدة قرأت ثم الفت، بعدها انا سمعت وصورت وولفت، وبالتالي هناك ترابط وعدوى متبادلة بين الكتابة والموسيقى في هذا الفيلم، بالاخص انه فيلم حواراته غير محكية لكن موسيقية راقصة.

اخراج فيلم ثورة تانجو يرتبط بمفهوم الثورات وتأثيراتها على المجتمع او على الفرد إن صح التعبير.. برأيك الى أي مدى استطعت حصر المشهد ليكون رسالة بصرية مقروءة عبر الرقص؟

ما حصل من حركات في الشارع العربي وما يحصل الآن معقد جدا ومفتوح للكثير من التحليل والمناقشة. برأيي أنه من المبكر جدا الحديث عما جرى ويجري، لكن نقل ما عشناه وما زلنا نعيش من تأثير هذا الموضوع علينا كبشر وسكان في هذه البقع من العالم هو شيء ضروري واساسي ونوع من التوثيق والتعبير عن حالة قلق وخوف وعدم استقرار وترقب.

تصوير الفيلم اعتمد على كثرة التنوع في اللقطات مع التركيز على الرموز والاشارات لماذا؟ وهل يمكن وصف المشهد بالسريالية؟

ما نعيشه هو قمة السريالية والعبثية في آن معا، علما بأنني اعتبر السريالية شىء جميل يتخطى الازمنة والامكنة، يمكن أن يكون الفيلم بوابة هروب من هذا الواقع او فسحة امل او حجر يسبب الارتباك لعلماء ومكتشفي المستقبل . الفنان السوريالي البلجيكي “جيل برنتا “ياخذ حجر من بلدته في كل مرة يسافر ويرمي به في مكان ما في العالم أملا ان يربك من سوف يأتي في المستقبل لينقب عن حضارتنا وحضرتنا، وانا أمل ان يمتع هذا الفيلم كائنا مستقبليا.

تركت للنهاية رؤية مغايرة اثارت الدهشة واستفاق منها المشاهد على حقيقة تهدف الى سذاجة العرب في تناقل الانتقادات الاعلامية وغيرها لماذا؟ هل هذا نوع من الاحساس السينمائي بالواقع؟

الفيلم محاط بالmedia والاخبار من اوله الى اخره، لكن درجات استعمال وتواجد وسائل الاعلام تختلف حسب المشاهد، وما النهاية سوى صورة اوضح لبداية الفيلم. عندما يراود الانسان حلم مزعج فالامور تتفاقم من انزعاج الى تقلب الى تعرق، وصولا الى ان يستفيق المرء، لا اعتقد أن حدة المشاهد في الأحلام المزعجة تختلف كثيرا انما كثافتها وطول المدة هو ما يفعل فعله، كما في الفيلم، كلما طالت مدة الميديا زاد الاحساس بالاختناق حتى شعر المشاهد بضرورة الاستفاقة.

من مدير تصوير الى الاخراج ومن سيناريو محكي الى سيناريو موسيقي.. هل سنشهد لك افلام شبيهة بذلك؟

Revoltangoاو تانجو او ثورة التانجو هو ثالث فيلم قصير لي كمخرج، وكل هذه الافلام صامتة لكن غير خرساء، لاني اعتبر ان هناك عناصر كثيرة في السينما يمكن ان يستعملها المخرج من اجل توصيل فكرته من الممثل، للاماكن وطريقة التصوير وصولا الى تصميم الصوت. من الممكن ان يكون الحوار يخيفني والا اكون امتلك المهارة لكتابته او ممكن ان هناك الكثير من الثرثرة وانا اكره ذلك، واحاول ان اعوض عن الفائض في الكلام في الحياة اليومية بافلام من دون حوار..لست ادري، على الارجح سأكتب حوارات عندما تكون هي الوسيلة الواحدة الناقصة لاكتمال الفكرة.