عالم الجودة: «مصنع الثقافــة»

فهد الكلباني –
عزيزي القارئ المميز: ما سر بقاء أفكار بعض القادة بعد رحيلهم عن مؤسساتهم أو مواقعهم؟ هل السر يكمن في سمات الشخصية أم السمات العلمية؟ وكيف نستطيع بناء ثقافة قوية لمؤسساتنا تحكم السلوك وتحرك الهمم والعزائم وتكتشف القدرات والمواهب فلماذا لا نذهب سويا لنتعرف على عالم الثقافة التنظيمية وبعض أسرارها؟ وكما يقول هارولد جينين “ القيادة ليست كلمات إنما هي سلوك وأفعال”
تعد الثقافة التنظيمية أحد العناصر الأساسية والحيوية التي تؤثر على سلوك الأفراد داخل التنظيمات في الوقت الذي تعمل على إكساب السمة الشخصية التي تميزها عن غيرها من التنظيمات الأخرى, كما وأنها تساعد في وضع الإطار الفكري الذي يعمل على توضيح طريقة أداء العمل وترفع من مستوى التزام الأفراد ورضاهم وكذلك توحدهم نحو تحقيق الأهداف المنشودة في ظل التنافس الشديد نحو تطبيق معايير الجودة الشاملة كما تقول ماري أش “ سرعة المدير هي سرعة فريقه”.
كما أصبحت دراسة الثقافة التنظيمية ضرورة لازمة ومطلبا مجتمعيا، وذلك لإيجاد مؤسسات ذات ثقافات تنظيمية قادرة على المنافسة ضمن التوجه نحو إدارة الجودة الشاملة؛ لذلك توجهت الدراسات البحثية الحديثة إلى التركيز على مفهوم الثقافة التنظيمية باعتبارها أحد المجالات الحيوية المعاصرة في دراسة أنشطة المنظمات، كون الثقافة هي التي توفر الإطار أو القالب الذي يبين أسلوب العمل في المنظمات وتميّزها عن غيرها.
وكلما كانت القيم الأساسية للعمل مشتركة ومقبولة من الجميع كلما كان ذلك دليلا على قوة الثقافة وهذه ميزة التنظيمات المستقرة والقوية على عكس التنظيمات الجديدة التي يصاحبها ولاء تنظيميا أقل وثقافة تنظيمية ضعيفة ولعل الإدارة في اليابان هي أحد الأمثلة على أهمية الالتزام بالقيم الاجتماعية الإيجابية في العمل كما أن نجاح الفعالية التنظيمية مقرون بالثقافات التي تؤكد على قيم المبادرة الذاتية والانضباط الذاتي.
ومن أجل الوصول إلى الأداء المنشود والفاعلية المطلوبة في مؤسساتنا الحكومية والخاصة فعلى القيادات مسؤولية كبرى في إجراء تغيير شامل في الرؤى الفلسفية والمفاهيم والافتراضات والقيم وأنماط التفكير، وهذا يتطلب إعادة النظر في المفاهيم السائدة فيها من أجل أداء متميز وأرض خصبة لتطبيقات الجودة الشاملة حيث أن ثقافة المنظمة يمكن أن يكون لها آثار ونتائج إيجابية وسلبية، ولكي تكون ثقافة المنظمة إيجابية فعليها المساعدة على تحسين الفاعلية والأداء والتي بدورها ستؤدي إلى نتائج متميزة على مستوى الفرد أو المؤسسة، وأما الثقافة السلبية يمكن أن تعيق السلوك الأدائي المناسب وتربك فاعلية جماعات العمل المختلفة وتحول دون تحقيق نتائج جيدة من التصميـــــــم الجيد للمنظمة وتعيق عمليات المنظمة في القيادة، والاتصال، واتخاذ القرارات ومن خلال ما تقدم علينا أن نعيد النظر والاعتبار لمفهوم الثقافة التنظيمية كمدخل مهم من مداخل التحول إلى عالم الجودة في الأداء.