اضاءة : المرء قوي بإخوانه

سالم بن حمدان الحسيني –


تتنازعني في أحيان كثيرة الكثير من الرؤى والأماني أشعر وكأنها سهلة المنال ممكنة التحقيق في عامنا الهجري الجديد بل وكأنها قاب قوسين من ذلك وفي أحايين أخرى يذهب بي الخيال إلى أبعد من ذلك خصوصا عندما أشاهد اليوم كل شعوب الأرض تتجه نحو السلم وتصنع السلام بل وتبحث جاهدة عما يجمع بينها من مصالح مشتركة لتشكل من خلالها تكتلات سياسية واقتصادية واجتماعية ونجحت معظم شعوب الأرض رغم الفروقات المتباينة فيما بينها والتي كان اتحادها يعتبر ضربا من الخيال الا انها بقوة ارادتها وعزم قياداتها استطاعت أن تتغلب على الأنا البغيضة لتنطلق إلى فضاءات أوسع متجاوزة كل المصالح الضيقة إلى المصالح القومية فكانت نتيجة ذلك أن أصبحت تلك الدول في مقدمة الركب الحضاري فاشتغلت بما يبقيها في المقدمة وحرصت على أن يكون لها ثقلها السياسي والاقتصادي وفرضت بذلك احترام العالم اجمع لأنها أيقنت أن البقاء للأقوى في زمن غلبت عليه المصالح.

يقال ان المرء قوي بإخوانه كثير بهم.. فهل هناك أقوى من روابط الدين واللغة والدم.. تلك الروابط جميعها تمتلكها بلادنا العربية لا تتجشم عناء البحث عنها ولا تحتاج إلى أن تتصنع ما يجمع شتاتها إلا انها وللأسف الشديد تجاهلت تعاليم الشرع الحكيم وكل ما يدعوها إلى الاعتصام بحبله المتين وصراطه المستقيم كما تجاهلت المنطق السليم وسارعت الخطى لتبحث عن حتفها خوفا من أن تدور عليها الدائرة ليصدق عليها قول الحق سبحانه (فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ).

ألم تكن الحقيقة واضحة جلية كالشمس في رابعة النهار أم أن هناك تجاهلا لأوامر الله عز وجل وهل أعدت جوابا حينما تواجه السؤال: (أَلَمْ تَكُنْ آَيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ).. أم أن الجواب سوف يكون: (قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ)..

فتدرك حينها المصير المحتوم وقد تلاشت الأماني التي قد تعلقت بها: (لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا).. أم يكون اللجوء حينئذ إلى من منحها صكوك الغفران ومفاتيح الجنان.. وليس هناك من ملجأ إلاه.