توعويات : الأطفال بين الحقوق والاستغلال

حميد بن فاضل الشبلي –


المشاهد لواقع اليوم سوف يجد تناقضا كبيرا بين ما تقره وتوصي به المؤتمرات والندوات الخاصة بحقوق الأطفال، وبين ما يعانيه هؤلاء الصغار من انتهاك لحقوقهم المشروعة. في عام 1989 أقر زعماء العالم بحاجة أطفال الأرض إلى اتفاقية خاصة بهم، والسبب أنه غالبا ما يحتاج الأفراد دون سن الثامنة عشرة إلى رعاية خاصة وحماية لا يحتاجها الكبار، لذلك فان من أهم مضامين حقوق الطفل، أن تمنح له الفرص التي تساعد على نموه الجسمي والعقلي والروحي والاجتماعي.إذن مما سبق يتضح لنا مدى اهتمام العالم والمختصين بشؤون الطفل حول أهمية السعي نحو حماية حقوق الأطفال من أجل أن يستمتعوا بحياتهم وأوقاتهم، ولذلك يجب أن يتحمل هذا الفكر وهذه الرؤية جميع الأفراد والمؤسسات في الحياة الاجتماعية. إن المتتبع لواقع المجتمعات بدول الشرق الأوسط وخصوصاً بلداننا العربية سوف يصدم من حقيقة الوضع، فطفل لا يتعدى سن العاشرة سوف تشاهده يقوم بعملية غسيل السيارات وآخر بتنظيف دورات المياه في المطاعم والمحلات، وغيره تم بالدفع به في عملية البناء والحفر بمواقع الإنشاءات، فأين ذهب الساسة وصناع القرار من حقوق هذا الطفل نحو الاستمتاع بمرحلة الطفولة. وفي عملية تربية الطفل نحو السلوك الخالي من العنف والحقد والحياة بسلام، سنجد أن قنوات التلفزه تتسابق في بينها نحو عرض أحدث الأفلام والمسلسلات الكرتونية التي تحتوي على مشاهد القتل والتدمير والتخريب والانتقام، وكذلك هو الوضع مع شركات الترفيه والألعاب، فأين ذهبت تلك المبادئ والحقوق التي يسوق لها في الإعلام والندوات والمحاضرات نحو تجنيب الأطفال مشاهد تولد لديهم مشاعر الحقد والكراهية مستقبلا.أما فيما يخص صحة الطفل، فإننا سمعنا وقرأنا الكثير والكثير عن أهمية الغذاء السليم الذي يجب أن يتناوله الطفل من أجل حياة سعيدة له في قادم العمر، لذلك فمن الضرورة إبعاده عن الوجبات التي تكثر فيها الألوان والغازات وغيرها من المواد التي تساعد على زيادة السمنة، ولكن للأسف وجدنا مدى تظليل واستغلال هؤلاء الأطفال، فكم من إعلان ترويجي يقوم بتقديم المشروبات الغازية مجاناً مع وجبات الأطفال، بهدف إغرائهم بعملية الشراء، أو أن تشاهد مجموعة من الأطفال تقوم بالترويج لبعض السلع الغذائية عالية الدسم، وكثيراً ما نشاهد ملصقات دعائية بهذا الخصوص في مداخل المحلات والمراكز التجارية، فكيف يمكن أن نحقق للطفل وجبة خالية من المشاكل الصحية ونحن في تناقض فيما نطلبه منهم، وما نقوم به من سلوك وأفعال.أن التضامن مع الطفل يجب أن يكون واقعياً وليس شكلياً، فمنع مشاهد العنف والانتقام من مسلسلات الأطفال وألعاب التسلية، هو احد حقوق الطفل لتربيته تربية خالية من الكراهية، وكذلك الأمر مع الإعلانات الترويجية التي يجب أن تبتعد عن كل ما هو ضار بصحة الطفل وأن لا تكون غايتها الأولى هي الكسب المادي على بقية الجوانب الأخرى، لذلك يجب على الجهات المختصة متابعة هذه التجاوزات الصريحة في الإعلانات الدعائية التي تقوم بها بعض الشركات الغذائية وكذلك بعض مطاعم الوجبات السريعة.

وختاما يجب أن تنفذ توصيات المؤتمرات والندوات الخاصة بحقوق الطفل على أرض الواقع، لا أن تكون مجرد شعارات يتم التسويق لها بلا تطبيق، كما يجب منع أي استغلال لحقوق الطفل سواء كان ذلك صادر من الأفراد أو المؤسسات.


humaid.fadhil@yahoo.com