أمواج : الحقيبة المدرسية مؤلمة

فوزي حديد –


طفلة تبلغ من العمر سبع سنوات تحمل حقيبتها كل صباح، تكابد من أجل رفعها حتى تدخل الحافلة بصعوبة بالغة وهي تلهث من شدة ثقلها، لا تستطيع أن تحمل كل هذا الثقل بمفردها، تستعين بأحد أقاربها أو بمن كان قريبا من الحافلة لعله يخفّف عنها ما تحمله، وإن وجدت في اليوم الأول من يعينها فإنها تشكو في الأيام الأخرى وربما تسخط من كثرة ما فيها من كتب وكراريس وكأنها طالبة في الجامعة، هذا المشهد يتكرر كل يوم أمام أعيننا ونعيشه واقعا مؤلما كلما شاهدنا الموقف، نتساءل، نبحث عن العلّة، نحاول الرجوع إلى الوراء قليلا، ندرك في النهاية أن الطفل ليس له قدرة جسدية على تحمّل مشاق الحقيبة المدرسية بهذه الكيفية.

الطفل كما يقال عود طري، لا بد أن نشفق عليه، لا نحمّله أكثر من طاقته، فوزنه لا يتجاوز 17 كلغ وهو في السنتين الأولى والثانية، ولكننا نطالبه بحمل حقيبة تزن في أغلب الأحيان 8 كلغ فهل يعقل هذا؟ هل أننا في مسابقة لرفع الأثقال حتى نطالب الطفل بحمل هذه الحقيبة؟، إن هذا المشهد يقلق كثيرا أولياء الأمور كل صباح ويتألمون عندما يشاهدون أطفالهم يحملون أثقالا تضاهي نصف أوزانهم ألا يعد هذا المشهد مؤرِّقا فعلا؟ ألا يستدعي التدخل فورا؟ ألا يجعل منظمات حقوق الطفل تتحرك من أجل البحث عن حلول عاجلة لهذه المشكلة أم أن الأمر لا يهمها، يبدو فعلا أنه لا يهمها لأنه لو كان كذلك لتدخلت فعلا في أماكن النزاع في العالم العربي الذي يشهد اليوم اضطرابات عِدّة من حروب ودمار يعيش الطفل أسوأ أيّامه في ظلها حيث لا يتمتع بالتعلم في وقته ولا في أماكن التعليم المخصصة بل إن بعضهم قد حرم من التعليم أصلا.

هل انعدمت الحلول فعلا؟ هل فكرت الجهات المعنية والمسؤولة في البحث عن حلول جذرية للأزمة الطفولية؟ وإلا فإننا سنشاهد أطفالا منحني الظهور، أو يشتكون من آلام متواصلة بفعل الحمل الثقيل الذي يلازمهم كل يوم أيام الدراسة، ألا تجتمع المنظمة العربية لحقوق الطفل وترى المسألة بجدية تامة وتبحث عن عيوب الأزمة التي يعيشها أطفالنا كل يوم، إما باستحداث محفظة الكترونية تخفف عنهم وطأة الميزان الثقيل وربما هذا يحتاج إلى وقت كبير لتعميمه وقد يكلف الحكومات مبالغ باهظة، ولكن ما يمكن فعله اليوم وبشكل عاجل تقليص الحصص الثماني إلى أربع حصص في اليوم تكون مركّزة وبها معلومات دسمة يستطيع الطفل وهو في تلك المرحلة أن يستوعبها ويحقق مبتغاه التعليمي، وبالتالي نخفف عنه مجموعة من الكتب والدفاتر التي يحملها ويتكبد مشاقها كل يوم ونزرع الابتسامة على وجهه وهو يشرق كل صباح ذاهبا لمدرسته دون أن نكشف شعوره بالملل وهو يتحدث عن حصص كثيرة لا يستفيد إلا النزر اليسير من المعلومات التي تبثها المعلم أو المعلمة.

وقفة جدية من جميع الأطراف لإيجاد حل سريع وناجع للأزمة التي نعيشها كل يوم ونعايشها مع أطفالنا الصغار، ونأمل أن نبحث عن طرق نتفادى بها المشاكل الصحية التي تلحقها هذه الحقائب بأطفالنا ربما على المديين القريب والبعيد، كما نود أن نرى اليوم الذي يسعد فيه أبناؤنا بقرارات تفيدهم علما ومعرفة وتحل مشاكلهم وتبعد عنهم شبح الهم والحزن الذي يرافقهم كل صباح وهم يتجهون إلى المدارس أفواجا أفواجا، كل ذلك يرقى بالعملية التعليمية ويزيدها نقاء وبهاء.


abuadam-ajim4135@hotmail.com