توعويات : السياحة المحلية تحت المجهر

حميد بن فاضل الشبلي –


قبل كتابة موضوع هذا اليوم كنت أنوي تناول موضوع اجتماعي آخر، إلا أن المنظر الذي شاهدته مع أصدقائي ونحن نسلك الطريق الذي يربط ولاية صحار مع ولاية عبري أجبرني على ضرورة التحليق على هذا الموضوع الهام، وأن أبرزه عبر هذا العمود التوعوي.في الحقيقة إن كل من سلك الطريق الذي يربط بين صحار وعبري مرورا بولاية ينقل، يعلم مدى تنوع المناظر السياحية الطبيعية بهذا الطريق، ولذلك لا عجب أن تكون هذه الأماكن متنفسا جميلا لعشاق السياحة المحلية بحكم المسافة القريبة للوصول إليها، وبما أن إجازة عيد الأضحى المبارك كانت فرصة لزيارة هذه المواقع ومن ثم الاستمتاع بجمال الطبيعة العمانية الخلابة، وبالتالي شاهدنا توافد الأفراد والأسر من داخل السلطنة وخارجها بشكل كبير على هذه الأماكن السياحية طيلة أيام الإجازة المنصرمة.

ولذلك صادفت زيارتنا لولاية عبري مساء يوم الجمعة، حيث خلو هذه الأماكن السياحية من السياح بحكم انتهاء إجازة العيد ومن ثم الاستعداد لدوام صباح يوم الأحد، إلا أن هذه الأماكن الجميلة تُركت بصورة لا تنم عن وعي السائح بأهمية المحافظة على هذه الموارد الطبيعية، وكذلك تدل على عدم تعاون الأفراد مع المؤسسات التي تقوم بصون ونظافة هذه المواقع، حيث تفاجئنا من حجم المخلفات التي تركها مرتادو تلك الأماكن، فلم تسلم مجاري الأودية ولا برك الماء ولا حتى ظليل الأشجار، أكياس هنا وهناك، ومخلفات أطعمة تركت في أماكنها وبدون استحياء، فوضى واستهتار من بعض السائحين رسمت صورة غير مشرفة للسياحة المحلية.

إن المشكلة تكمن من وجهة نظري في أمرين، الأول هو عدم اهتمام بعض الأفراد بأهمية المحافظة على البيئة والطبيعة العمانية، وكذلك على وجود ثقافة الاتكال على عامل النظافة لكي يأتي لتنظيف المخلفات، وأيضا إهمال غرس السلوك في الأطفال وأفراد الأسرة في أهمية أن نتعاون على نظافة بلدنا وان نغرس في النشء هذه الثقافة، فإذا كان الكبير لا يهتم بهذه الأمور فكيف يحق لنا أن نعاتب الصغيرعلى مثل هذا الفعل، إن هذه المناظر غير المألوفة في المجتمع العماني، لا تمثل طبع وأصالة هذا الشعب الذي اعتاد زوار هذا الوطن الإعجاب بمدى حب المواطنين لبيئتهم، والنظافة التي تتحلى بها القرى والمدن والمواقع السياحية العمانية.

والأمر الثاني الذي يجب أن ننبه عليه هو ضرورة توفير صناديق قمامة بعدد اكبر في هذه المواقع السياحية وخصوصا في أوقات الذروة في الإجازات والمناسبات، وذلك لكوننا لم نشاهد إلا صندوقا واحدا في موقع معروف بزحمة توافد السياح عليه، مما يصعب أن يتسع لاحتواء كل الأوساخ والفضلات التي كدست حوله، مع التأكيد أن هذا ليس مبررا على الفرد أن يرمي الفضلات بتلك الصورة السلبية، كما أنه يمكن للجهات المختصة بالنظافة وسلامة المواقع السياحية أن تتبنى مشروعا يتم من خلاله إشراك الفرق التطوعية من المجتمع أو المعاهد والمدارس في تنفيذ حملات توعية لهذه الأماكن وخصوصا في فترة المناسبات والإجازات، يتم خلالها توزيع النشرات التوعوية بأهمية الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية السياحية، وكذلك توزيع الأكياس التي تجمع فيها الأوساخ والفضلات لكي ترمى في صناديق القمامة، وفي الختام يجب أن نؤكد أن نجاح كل ذلك مرتبط بوجود القناعة الداخلية للفرد في أهمية التعاون من أجل المحافظة على أماكن ومواقع السياحة المحلية.

humaid.fadhil@yahoo.com