براعم الإيمان: أحمد.. والغش

انتهى الأستاذ جلال من شرح الدرس الأخير قبل امتحان الشهر، ثم أخبر التلاميذ أنه سيجري امتحاناً في بداية الأسبوع وأنه يجب عليهم مراجعة الدروس جيداً ثم خرج من الفصل، التف التلاميذ مع بعضهم في مجموعات ليتحدثوا عن توقعاتهم للأسئلة التي ستأتي في الامتحان، بينما جلس أحمد وحده يلعب في هاتفه المحمول، وعندما نادى عليه زملاؤه ليراجع معهم قال:

- شكراً.. لست في حاجة إلى المراجعة فأنا أفهم الدرس جيداً.

رد عليه علي وهو أحد زملائه:

إذا كنت بهذه العبقرية فلماذا لم تجب عن السؤال الذي ألقاه عليك الأستاذ جلال؟

أحمد: أنا لا أحب أن أجيب في الفصل..، أجيب فقط في ورقة الإجابة.

أخذ أحمد حقيبته وانصرف إلى منزله غير قلق من الامتحان، فالموضوع لن يأخذ منه إلا بضع ورقات صغيرة سيكتبها ويغش منها في الامتحان، ويحصل على درجة مرتفعة.. فهو يرى أن المذاكرة مجهود ليس له أهمية أوضرورة.

وصل أحمدإلى البيت وبعد أن تناول غداءه ولعب كثيراً بدأ في إعداد الأوراق الصغيرة التي سيحل منها في الامتحان ثم وضعها في حقيبته، وفي يوم الامتحان قام بتخبئة الأوراق الصغيرة بطريقة مبتكرة وغير مرئية حتى لا يكشفها الأستاذ جلال.

حضر الأستاذ جلال وقام بتوزيع أوراق الأسئلة عليهم جميعاً، ولأنه كان يشك في الدرجات المرتفعة التي حصل أحمد عليها في الامتحان السابق، فقد قرر أن يكتشف الأمر، فوقف إلى جوار أحمد ليرى ماذا سيفعل، مرت دقيقة.. ودقائق والأستاذ جلال يقف بجوار أحمد، وأحمد قلق ومتوتر.. فنظر إليه الأستاذ جلال وقال له:

لماذا لا تحل الامتحان يا أحمد؟

أحمد في ارتباك: أفكر جيداً حتى لا أخطئ.

الأستاذ جلال: حسناً.

ظل أحمد على هذا الوضع حتى انتهى الوقت وقام الأستاذ جلال بجمع أوراق الإجابة، وجاء وقت إعلان النتيجة، فقد رسب أحمد في الامتحان وحصل على (صفر)، فطلب الأستاذ جلال من إدارة المدرسة الاتصال بولي أمره لاستيضاح الأمر.

حضر والد أحمد وشرح له الأستاذ جلال سبب التقدير المرتفع الذي حصل عليه في الاختبار الأول وأخبره بما حدث معه في الامتحان الثاني وكشف عن مستواه الحقيقي وقال له:إن أحمد يعتمد على الغش في الامتحان، وأن هذا الأمر سيقضي على مستقبله، وطلب منه التحدث معه ومعالجةالأمر.

خرج أحمد مع والده وعاد إلى المنزل فجلس معه والده في حجرته بعيداً عن إخوته وقال له:

الأب: لماذا فعلت ذلك؟

أحمد: المذاكرة شيء ثقيل يا أبي وأنا أحب اللعب، فقال لي زميلي أن أفعل ذلك وفعلته ونجحت.

الأب: وهل فكرت أنه من الممكن أنك لا تستطيع الغش في امتحان نهاية العام؟

أحمد: لا.

الأب: يا بني.. يجب أن تتعب وتسهر لتذاكر وتنجح، فالمذاكرة ليست فقط لتنجح في الامتحان، ولكنها تبني عقلك وتفتح لك آفاقا جديدة في حياتك، إلى جانب أن الغش حرام شرعاً.

أحمد: الغش في الامتحان؟

الأب: الغش في أي شيء.. ألم تقرأ حديث رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (من حمل علينا السلاح فليس منا ومن غشنا فليس منا). ولقد ذم الله تبارك وتعالى الغش وأهله في القرآن وتوعدهم بالويل، ونرى ذلك في قوله تعالى: {وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ، الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُواْ عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ، وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ} [سورةالمطففين: الآيات 1-3]، فهذا وعيد شديد للذين يبخسون وينقصون المكيال والميزان، فكيف بحال من يسرقها ويختلسها ويبخس الناس أشياءهم؟! إنه أولى بالوعيد من مطففي المكيال والميزان وهو من أنواع الغش الكثيرة.. فهل وعدتني أنك ستذاكر دروسك وتنجح وتحصل على درجات مرتفعة من دون غش.

أحمد: سوف أفعل يا أبي ولكن أرجوك أن تساعدني حتى أعتاد على ذلك.

الأب مبتسما: اتفقنا.