سقوط أهم قاعدة عسكرية في بنغازي في أيدي مقاتلين إسلاميين

باريس أجلت رعايا فرنسيين وبريطانيين من ليبيا -

بنغازي (ليبيا)- (أ ف ب) : سقطت أهم قاعدة عسكرية في بنغازي شرق ليبيا مساء امس الاول في أيدي مقاتلين اسلاميين، في وقت تخوض السلطات معارك دامية في العاصمة المهددة بكارثة جراء حريق هائل.

وازاء الفوضى المنتشرة في البلد، أجلت فرنسا رعاياها من ليبيا عن طريق البحر، بعد قرارات اتخذتها عدة دول غربية منها الولايات المتحدة وهولندا وكندا وبلغاريا بإجلاء طواقمها الدبلوماسية.

ودعت عدة دول رعاياها إلى مغادرة هذا البلد حيث تدور منذ اكثر من اسبوعين معارك دامية بين ميليشيات متناحرة في طرابلس وبنغازي.

واجلت فرنسا امس حوالي 50 فرنسيا وبريطانيا من ليبيا عبر البحر، وفق ما اعلن مسؤولون فرنسيون امس.

وقال المتحدث باسم الحكومة الفرنسية ستيفان لو فول للصحفيين انه تم بحث قضية «اعادة الفرنسيين» من ليبيا خلال اجتماع الحكومة، مشيرا إلى أن فرنسا «اعادت في الوقت ذاته … مواطنين بريطانيين».

وتحدثت مصادر في محيط وزارة الخارجية عن ان السفارة الفرنسية اجرت تعدادا وجمعت 55 فرنسيا، وقال مصدر دبلوماسي فرنسي ان من بينهم سفير فرنسا في ليبيا، بالاضافة إلى سبعة بريطانيين.

واوضح لو فول انه «تم اجلاؤهم، بحسب ما قال وزير الخارجية (لوران فابيوس)، في سفينة»، مؤكدا انه من بينهم «مواطنين بريطانيين».

وبدوره قال المتحدث باسم وزراة الخارجية الفرنسية فينسان فلورياني انه «بالنظر إلى الوضع الامني (في ليبيا) فان مقار سفارتنا في طرابلس مغلقة بشكل مؤقت، وستتم متابعة الانشطة الدبلوماسية من باريس».

فبعد سقوط نظام معمر القذافي في اكتوبر 2011 اثر ثورة استمرت ثمانية اشهر وحظيت بدعم الغرب، لا تزال السلطات الليبية عاجزة عن السيطرة على عشرات الميليشيات المؤلفة من ثوار سابقين والتي تفرض سيطرتها في غياب جيش وشرطة نظاميين مدربين تدريبا جيدا.

وأعلن مصدر في «مجلس شورى ثوار بنغازي»، وهو ائتلاف لجماعات مسلحة اسلامية، أن «المجلس استولى على المعسكر الرئيسي للقوات الخاصة والصاعقة بعد معارك دامت نحو أسبوع وتم الاستيلاء خلالها على عدة معسكرات هامة للجيش».

واكد مصدر عسكري ان «المعسكر الرئيسي للقوات الخاصة والصاعقة في منطقة بوعطني الواقع جنوب وسط مدينة بنغازي سقط امس الاول في أيدي الثوار السابقين المسلحين والمنتمين لما يعرف بمجلس شورى ثوار بنغازي» ومن ضمنهم مجموعة انصار الشريعة التي صنفتها واشنطن بين المنظمات الارهابية.

ونشرت مجموعة انصار الشريعة على صفحتها على موقع فيسبوك صورا لـ«غنيمة» حربها ظهرت فيها عشرات قطع السلاح وصناديق الذخائر، وتدور معارك ضارية في بنغازي اوقعت حوالي ستين قتيلا منذ السبت الماضي بحسب مصادر طبية في هذه المدينة.

ووحدة القوات الخاصة هي واحدة من الالوية القليلة التي يتألف منها الجيش النظامي الليبي وقد اعلنت تأييدها لعملية «الكرامة» التي اطلقها اللواء المتقاعد في الجيش الليبي خليفة حفتر في منتصف مايو لمكافحة ما وصفه بـ«الإرهاب»، لكن بدون ان تضع نفسها تحت قيادته.

واعلن اللواء حفتر في 16 مايو تكوين وحدات عسكرية لمحاربة المجموعات المسلحة في بنغازي، وفيما اتهمه معارضوه بالقيام بانقلاب، انضمت لقوته العسكرية أو اعلنت دعمها لعمليته عدة وحدات من الجيش أبرزها سلاح الجو الليبي ونخبة الجيش في القوات الخاصة والصاعقة ومشاة البحرية وقوات الدفاع الجوي وعدد من وحدات القوات البرية.

وفي طرابلس، لا يزال حريق اندلع نتيجة اشتباكات بين ميليشيات متناحرة، مشتعلا امس ولليوم الرابع على التوالي في خزاني محروقات قرب مطار طرابلس .

وطلبت الحكومة الليبية مساعدة عدة بلدان اعربت عن استعدادها لارسال طائرات اطفاء لكن العديد منها مثل فرنسا وايطاليا اشترط اولا وقف المعارك بين الميليشيات وفق ما قالت طرابلس.

واعلنت السلطات ان الحريق «خارج السيطرة» محذرة من «كارثة انسانية وبيئية» في العاصمة طرابلس، وشب الحريق بعد سقوط قذيفة على خزان يحتوي على ستة ملايين لتر من الوقود، ليمتد الى خزان آخر لمشتقات نفطية.

ويحتوي الموقع بصورة اجمالية على اكثر من تسعين مليون ليتر من الوقود فضلا عن خزان للغاز المنزلي.

وتدور معارك منذ 13 يوليو في جنوب العاصمة الليبية وعلى الاخص في محيط المطار بعد هجوم شنه مقاتلون اسلاميون وثوار سابقون من مدينة مصراتة (200 كلم شرقي العاصمة) حاولوا طرد كتائب ثوار الزنتان من المطار المغلق منذ ذلك الحين.

واسفرت المعارك حتى الآن عن مقتل ما لا يقل عن مائة شخص وجرح 400 آخرين.

وثوار الزنتان (170 كلم غرب العاصمة) الذين ينظر اليهم باعتبارهم الذراع العسكرية للتيار الليبيرالي، يسيطرون على مطار طرابلس والعديد من المواقع العسكرية والمدنية في جنوب العاصمة الليبية.

وفشلت حتى الآن جميع جهود الوساطة التي قامت بها الحكومة لوقف المعارك وباتت الآمال معلقة على البرلمان الجديد المنبثق عن انتخابات 25 يونيو والذي قد يفرض وقف المعارك.

لكن الشكوك تحوم منذ الآن حول قدرة النواب على الاجتماع في بنغازي التي تشهد مواجهات شبه يومية.

وفي ظل الفوضى السائدة في ليبيا وظروف الطقس المؤاتية، يتكدس مئات المهاجرين غير الشرعيين في مراكب هشة مجازفين بحياتهم لمحاولة العبور الى السواحل الاوروبية.

وفي الشأن ذاته، افرجت مجموعة مسلحة في العاصمة الليبية طرابلس مساء امس الاول عن النائب السابق لرئيس الوزراء مصطفى ابو شاقور الذي انتخب مؤخرا عضوا في البرلمان، وذلك بعدما خطفته لساعات، بحسب ما أفاد احد اقاربه.

وقال قريبه عصام النعاس لوكالة فرانس برس «تم الافراج عن الدكتور ابو شاقور. هو متعب ولكنه بصحة جيدة. لم يعامل معاملة سيئة»، واضاف «لقد رفض ان يتكلم او ان يعطي تفاصيل عن ملابسات خطفه او هوية خاطفيه».

وكان المصدر نفسه قال في وقت سابق امس الاول ان «رجالا في ثلاث سيارات خطفوا عمي من منزله واقتادوه بعيدا الى مكان مجهول»، واضاف انه «قبل 20 دقيقة من خطفه، تلقى ابو شاقور مكالمة هاتفية من مجهول طلب منه فيها مغادرة المنزل بسبب خطر وشيك»، ولم تعلن اية جهة مسؤوليتها عن الخطف.

وانتخب ابو شاقور عضوا في المؤتمر الوطني العام (البرلمان) في 25 يونيو كمرشح مستقل، وكان من المقرر ان يبدأ مهامه في الرابع من اغسطس في الجلسة الافتتاحية لمجلس النواب الذي انتخب ليحل محل البرلمان المؤقت.

وشغل ابو شاقور منصب نائب رئيس الوزراء لمدة عام في حكومة عبد الرحيم الكيب الذي قاد اول حكومة انتقالية بعد الاطاحة بالزعيم الليبي معمر القذافي في 2011.

وتزايدت عمليات خطف واغتيال السياسيين ونشطاء حقوق الانسان والصحفيين وسط الفوضى التي تعم ليبيا بعد سقوط ومقتل القذافي.