ريو دي جانيرو- (أ ف ب): تبدي الناشطة مارينا سيلفا، التي تضعها استطلاعات الرأي في المقدمة مع الرئيسة اليسارية ديلما روسيف، في الانتخابات الرئاسية التي تنظم الاحد القادم في البرازيل، قدرا وافرا من التودد للفوز بأصوات متظاهري العصيان الاجتماعي التاريخي الذي هز البرازيل في يونيو 2013.
لكن هذه الحركة غير المتجانسة منقسمة بين الراديكاليين الذين يرفضون النظام ويدعون الى مقاطعة الانتخابات او الى وضع ورقة بيضاء، وبين ناشطي احزاب اليسار المتطرف والواقعيين المضطرين لاختيار «أهون الشرين».
ففي خضم كأس القارات في يونيو 2013، فوجئت الحكومة والطبقة السياسية البرازيلية بظهور حركة احتجاج عفوية سرعان ما اتسعت بشكل لم يسبق له مثيل.
فالتظاهرات المحدودة التي فجرها في البداية شبان من الطبقات المتوسطة في ساو باولو ثم في ريو دو جانيرو (الجنوب الشرقي الصناعي)، للاحتجاج على ارتفاع سعر بطاقات الحافلات، تمددت الى مناطق اخرى، وانتهت بمواجهات عنيفة مع الشرطة.
وشارك مئات الالاف في التظاهرات، وناهز عدد المشاركين 1,5 مليون خلال ليلة واحدة، تظاهروا في كل انحاء البرازيل للاحتجاج على فاتورة مونديال 2014 لكرة القدم، والمطالبة بخدمات صحية ومستوى تعليمي ووسائل نقل تليق ببلد متطور.
واعربوا عن استيائهم من النخب السياسية التي يعتبرونها غير فعالة وفاسدة.
وفي تصريح لوكالة فرانس برس، قال مدير معهد «داتافولها» لاستطلاعات الرأي ماورو بولينهو، ان مارينا سيلفا التي انفصلت عن حزب العمال اليساري الحاكم ودعت الى «سياسة جديدة» بعيدا عن سياسات الاحزاب الكبيرة، «تنجح بالتأكيد في استقطاب المستائين».
وقبل خمسة ايام من الدورة الاولى، قال دانيال كوسينسكي الخبير السياسي (31 عاما) الذي شارك في تظاهرات يونيو 2013، «تبدو مارينا المرشحة التي تستقطب اكبر نسبة من المؤيدين وسط هذه الكتلة من المتظاهرين».
واضاف ان مارينا سيلفا «برعت في اختيار موقعها وسط هذه المجموعة الكبيرة من المترددين الذين يرفضون هيمنة الاحزاب الكبيرة».
وتفيد الاستطلاعات الاخيرة للرأي، ان ديلما روسيف ستحقق فوزا كبيرا في الدورة الاولى وقد يعاد انتخابها الاحد اذا ما اكدت عودتها بقوة في استطلاعات الرأي.
لكن اذا نظمت دورة ثانية في 26 اكتوبر، فيتوقع ان تواجه منافسة شرسة من مارينا سيلفا التي ستستفيد من انتقال اعداد كبيرة من الاصوات لمصلحتها، ومن تعاطف الناخبين معها. واستجابت ديلما روسيف لمطالب المتظاهرين باستقدام آلاف الاطباء الكوبيين الى المناطق الفقيرة والنائية، واقرار قانون يخصص عائدات النفط لقطاعي التعليم والصحة العامة.
واقترحت ايضا ان تطرح للاستفتاء، قواعد اصلاح شامل للنظام السياسي الذي يعرقله ائتلافها البرلماني غير المتجانس.
وقالت مارينا سيلفا اخيرا ان «المجتمع يشعر ان المؤسسات السياسية لا تمثله. وليس من قبيل المصادفة انه ارسل هذه الاشارة في 2013».
وتبهر افكارها البيئية الشبان من ابناء الطبقة المتوسطة حملة الشهادات الجامعية.
لكن تنقلها السياسي من حزب العمال الى الحزب الاشتراكي البرازيلي مرورا بحزب الخضر، يطرح علامات استفهام إضافة إلى مواقفها الدينية الرافضة لتشريع الاجهاض وزواج المثليين او الماريجوانا، تلجم حماس شبان المدن المتعلمين الاكثر انفتاحا على هذه المواضيع من معظم البرازيليين.
وقالت لويزا الفيس استاذة الموسيقى (23 عاما) التي شاركت في تظاهرات يونيو 2013، ان «مارينا شخصية لا توحي لي بالثقة».
واضافت «لا احب ايا من الثلاثة الاوفر حظا لكن سأختار في النهاية الاقل سوءا» الذي لم تسمه.
ويؤكد لوكاس اوليفييرا من مجموعة «العبور بحرية» التي نظمت اولى التظاهرات في ساو باولو، ان «ايا من المرشحين الاثني عشر الى الانتخابات الرئاسية لا يمثل المجموعة».
واضاف ان «مارينا تشارك في الواقع في الافكار القديمة للتحالفات الحزبية».
وقال ان «الشارع لا يريد منقذا جديدا» بل اشراكه في القرارات. وعلى صفحته في الفايسبوك بعنوان انونيموس برازيل التي حرضت المتظاهرين المتطرفين، كتب تحت رسم كاريكاتوري لرجل متوجه الى مركز اقتراع نصبت فوقه مشنقة، «لا تصوت، بل قاتل». وتراجع عدد المترددين منذ دخول مارينا سيلفا ميدان التنافس.
لكن مقترحاتها الوسطية تقلق عددا كبيرا من المتظاهرين الذين كانوا يطالبون بتغييرات جذرية.
وقال البرتو اكلمين من مدرسة العلوم الاجتماعية في الجامعة الكاثوليكية في ريو، ان مرشحي اليسار المتطرف مثل زي ماريا ولوسيانا جنرو، يمكن ان يجيروا قسما كبيرا من اصواتهم.
ويقلل هذا الخبير من وزن المتظاهرين في 2013 الذين يشكلون كما قال اقل من 10% من الناخبين.
واضاف ان «صوتهم لا يمثل صوت الناس عموما».