الأدوية المغشوشة ظاهرة تهدد صحة العالم

بوينوس آيرس «د.ب.أ»:- أودع 150 شخصا المستشفى في سنغافورة عام 2008 بعد أن شخصت إصابتهم بنقص سكر الدم.. توفي أربعة منهم وتعرض سبعة غيرهم لأضرار كبيرة بالمخ، وثبت بعدها أن جميعهم تناولوا عقارا يوصف للعلاج من الضعف، إلا أنه كان مغشوشا حيث احتوى على مُركب يطبق في الأساليب العلاجية لمكافحة مرض السكري.دفع هذا الأمر منظمة الصحة العالمية لإطلاق آلية جديدة تترأسها الأرجنتين لمواجهة هذه الممارسات التي تقع أضرارها مباشرة على صحة الإنسان.

تقول مديرة برنامج مراقبة منتجات الصحة (آنمات)، الهيئة الأرجنتينية التي ستظل قرابة عام على رأس الآلية الجديدة التي أطلقتها منظمة الصحة العالمية، لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) إن «مسألة غش الأدوية لا تؤثر فقط على منطقة واحدة بل على دول بأكملها». وبدأ البرنامج الذي يسعى لمكافحة الأدوية غير الأصلية والمغشوشة أو ذات الملصقات الخادعة انطلاقا من مبادرة قدمتها الأرجنتين لمنظمة الصحة العالمية بدعم من اتحاد دول أمريكا الجنوبية (أوناسور). وتحكي سانشيز «في البداية، حينما انطلقت حملات التفتيش في الأرجنتين، عثرنا على الكثير من المواد المغشوشة في الأدوية منخفضة التكلفة والشائعة مثل الإسبرين ومنتجات خفض الحرارة والحمى».

وأضافت المسؤولة «بعدها تغيرت طرق التلاعب بالمنتج الدوائي وفي 2007 رصدنا إعادة استخدام العبوات الفارغة لأنواع أخرى من الأدوية، مثل تلك المستخدمة في مكافحة الأورام والإيدز والهيموفيليا، نظرا لارتفاع تكلفة تصنيعها، حينها بدأنا في التخطيط لمراقبة أكبر، وجاء لنا الدعم بإدراج عقوبات لغش الأدوية في القانون الأرجنتيني». ويبدو أن العمل الذي تقوم به هيئة (آنمات) منذ 20 عاما في الأرجنتين قد آتى بثماره في البلد اللاتيني، حيث تقول سانشيز إنه خلال العام الماضي لم يتم تسجيل أية حالة لأدوية مغشوشة.

على الرغم من هذا، يبدو أن هذه الفاعلية كانت لها آثار سلبية وفقا لما أشارت إليه سانشيز التي أضافت «رصدنا أن بعض الأنواع التي سحبت من السوق الأرجنتيني ظهرت في البلدان المجاورة، هذا الأمر يجب أن تتم مكافحته عن طريق الآلية الدولية الجديدة». ووفقا لمنظمة الصحة العالمية فإن الدول الأكثر تأثرا بهذه الظاهرة الخطيرة في أمريكا اللاتينية هي بوليفيا وبيرو والبرازيل وباراجواي وكولومبيا، حيث تشير إلى أن السبب وراء الأمر يتمثل في ارتفاع أسعار بعض الأدوية مما يؤدي إلى ظهور منتجات موازية رخيصة.

ومن ضمن الأسباب الأخرى التي عددتها المنظمة وجود نقص في الدواء وزيادة التجارة الطبية بقوانين متساهلة وقبل كل هذه العناصر، البيع الالكتروني عن طريق الانترنت الذي تنتمي له 50% من الحالات المصابة.

حول هذا الأمر علقت سانشيز بقولها «شراء وبيع الأدوية عن طريق الإنترنت يتخطى حدود الدولة وتعد إشكالية تعمل الأرجنتين في الوقت الحالي على إعداد تقرير بخصوصها». وتتعاون (آنمات)، ذات الصيت الدولي، بالفعل مع أجهزة حكومية في الاكوادور وكولومبيا في هذا الصدد، وأيضا داخل إطار برامج منظمة الدول الأمريكية للصحة وبمبادرة برازيلية أرجنتينية يتم تنفيذ ورش إعداد أدوات مكافحة غش الأدوية في دول المنطقة، وفقا لما قالته المسؤولة.

وأضافت سانشيز «يجب تطبيق تجربتنا بعد ذلك في كل مكان على أرض الواقع بعد إجراء التعديلات اللازمة، لأن النماذج الصحية تختلف، في تركيا على سبيل المثال يتم شراء 100% من الأدوية ودفع ثمنها من قبل الدولة»، مما يعني أن السياسات التي سيتم تطبيقها ستكون مختلفة تماما.

ودائما ما يتحكم عاملان في منتجات هذا المجال: الجانب الاقتصادي ونظيره الصحي، وكثيرا ما وجدت فضائح بسبب رفع الأسعار بصورة كبيرة عن تكلفتها الحقيقية أو ظهرت مآسي تتعلق باستخدام أدوية مغشوشة، مثلما حدث في 2012 مع 19 مريضا بالسرطان في الولايات المتحدة، حيث كانوا يتلقون علاجا يخلو من المادة الفعالة المطلوبة.

وتختلف المبادرة الدولية الجديدة، وفقا لسانشيز، عن مجموعة المراقبة السابقة التي كانت موجودة على الساحة والمعروفة باسم (امباكت) والتي كان يشارك بها بجانب الدول الأعضاء ممثلون لشركات صناعة الدواء.

الأمر في الآلية الجديدة يتعلق بوجود «دول مهتمة بمراقبة الأدوية كعنصر صحي وليس اقتصادي، والدفاع عن قوانين تتعلق بالأدوية الفعالة، وليس فقط مسألة براءات الاختراع»، وذلك وفقا لما أكدته سانشيز.

في النهاية فإن الفكرة تهدف إلى أن يؤدي نظام المراقبة الجديد إلى محاصرة هذا النوع من الجرائم الذي لا يرغب في التوقف ولو حتى على حساب أكثر المتضررين وهم المرضى.