محمد الشحري -
حينما يبدأ موسم الخريف في ظفار تتذكر وزارة السياحة، أن هناك مدينةً ستستقبل مئات السياح من داخل السلطنة وخارجها، فتبادر الوزارة إلى إعلان مناقصات تشغيلية بآلاف الريالات، تتنوع بين استئجار خيام مؤقتة وبين توفير دورات مياه أيضًا مؤقتة، إضافة إلى تنظيم عدة فعاليات خجولة في مواقع سياحية مختلفة لمدة 45 يوميا كحد أقصى، وبعد ان ينقضي الموسم، يُطوى اهتمام الوزارة بالقطاع السياحي في المحافظة، إلى الموسم الخريفي القادم، وبذلك تضيع آلاف الريالات في مشاريع مؤقتة لا يستفيد منها إلا المقاول الذي رست عليه المناقصة.
نعم قد نتفهم أن وزارة السياحة قد خرجت من المنافسة على تنظيم أهم المهرجانات في السلطنة، وهما مهرجان مسقط ومهرجان صلالة، فالأول تشرف عليه بلدية مسقط، والثاني بلدية ظفار، وبالتالي لم يعد للوزارة دور تنظيمي للمهرجانات السياحية الكبيرة، إلا حضور شرفي يُكتب في قائمة الجهات المساهمة في إنجاح المهرجان، هذا بالإضافة إلى أن فعاليات حصن الفليج التي تشرف عليها الوزارة، والتي لاقت نجاحًا وحضورًا في تنظيم حفلات موسيقية وشعرية، قد سحبتها منه دار الأوبرا، مما يعني أن الوزارة المعنية بالقطاع السياحي، هي في الواقع خارجة عن المجال ذاته، وهي على استعداد لطرح مناقصات تشغيلية مؤقتة في المواقع السياحية، ودفع مبالغ مالية باهظة للتواجد -قدر المستطاع- على خارطة السياحة في السلطنة، وهذا قد نرجعه حسب اعتقادنا إلى غياب استراتيجية واضحة للنهوض بالقطاع السياحي لدى الوزارة، ومن أراد أن يتأكد من ذلك فما عليه إلا زيارة موقع الوزارة على الشبكة العالمية (الانترنت)، وننصح القارئ الاطلاع على أهداف الوزارة، التي يقول الهدف الأول فيها: «زيادة نسبة التعمين في وظائف القطاع السياحي من النسبة الحالية (37%) إلى نسبة (90%) بحلول عام 2010»، قد نترك النسب المئوية لأهل الاختصاص فهي تحتاج إلى تدقيق وتمحيص، لكننا ننبه إلى أن السقف الزمني قد تجاوز العام المحدد بأربع سنوات، فنحن الآن في العام 2014، أما الدراسات التي نشرتها الوزارة على موقعها، فهي في الحقيقة تفتقر إلى المعلومات الدقيقة ناهيك عن انتهاء عمرها الافتراضي، فعلى سبيل المثال يوجد تقرير حول المناخ الاستثماري في السلطنة صدر في مجلة (New York Times) في يناير 2009، وتقرير عن خدمات الضيافة أصدرته شركة (ديلويت) لا تتجاوز عدد كلمته 400 كلمة، ودراسة أخرى عن العرض والطلب في قطاع الفنادق في السلطنة صدر في صدر في العام 2008، أما الاستراتيجية السياحية المنشورة في موقع الوزارة فهي لا تتجاوز ثلاث صفحات، أما الأهداف التطويرية فهي منشورة –مصورة- باللغة الانجليزية في كراسة أشبه ببحث مدرسي، لا يرقى إلى النشر في موقع جهة حكومية هي وجه السلطنة في العالم الافتراضي، فالسائح والمستثمر -على حد سواء- وممن يهمه الحصول على معلومات عن عُمان، سيجري بحثا عن السلطنة في (الانترنت)، وبالتأكيد سيطلع على موقع وزارة السياحة، لكني أخشى أن تصدمه المعلومات القديمة، التي عفا عليها الزمن، فلم يطرأ أي تحديث للبيانات المطلوبة، هذا بالنسبة للترويج السياحي، أما بالنسبة لصانع القرار في الوزارة، فقد نعذره -الآن- إن لم يتخذ القرار المناسب، لأن المعطيات والمعلومات التي يستند إليها -الدراسات المنشورة على موقع الوزارة- مُبنية على معلومات لا تتفق مع الواقع، حيث جرت تحولات اجتماعية واقتصادية في السلطنة، ساهمت في توظيف المواطنين، وفي زيادة قدرة الفرد الشرائية، ناهيك عن اتساع عدد الباحثين عن السفر والسياحة و قضاء أوقات خارج مناطقهم.
إننا نأمل من وزارة السياحة أعداد خطة سياحية وطنية متكاملة بناء على الإحصاءات والمؤشرات الصادرة عن المراكز الوطنية، وبما يتناسب مع الرؤية المستقبلية (عمان 2040)، بالإضافة إلى القيام بندوة وطنية للنهوض بالقطاع السياحي، يشارك فيها المختصون ويعمل بتوصياتها.