الصين ترحب وتؤكد على التسوية السياسية -
سلافيانسك (أوكرانيا) – بكين (أ ف ب – د ب أ): ما زال الانفصاليون في شرق اوكرانيا أمس يتمسكون بمواقفهم رغم اتفاق جنيف المفاجئ القاضي بالقاء اسلحتهم واخلاء المباني التي يحتلونها منذ عشرة ايام متحدين حكومة كييف الموالية لأوروبا.
ويسيطر “الرجال الخضر” المسلحون الغامضو الهوية والذين تقول كييف انهم عسكريون روس، في حين تقول روسيا انهم “مجموعات دفاع ذاتي محلية”، على بلدية سلافيانسك التي احتلوها منذ ستة ايام.
وفي تلك المنطقة تحديدا، كبدوا الاربعاء الماضي عشية مباحثات جنيف، القوات المسلحة الاوكرانية هزيمة مهينة باستيلائهم على قافلة دبابات ارسلتها الحكومة الاوكرانية لاستعادة السيطرة على الوضع قبل اعادة بقية الجنود الى ثكناتهم.
وفي “جمهورية دونيتسك” اعلن احد مسؤولي الانفصاليين الخميس الماضي انهم لا يعتبرون انفسهم ملزمين بالاتفاق المبرم الخميس في جنيف والذي لم “يتم التوقيع عليه باسمهم” ويصرون على نيتهم تنظيم استفتاء حول حكم ذاتي.
وصرح دنيس بوشيلين احد “وزراء” حكومة هذه “الجمهورية” المعلنة من طرف واحد للصحفيين في دونيتسك ان الانفصاليين يوافقون على اخلاء المباني التي يحتلونها كما ينص الاتفاق، لكن على السلطات الاوكرانية الموالية لاوروبا “اولا ان تغادر المباني التي تحتلها بشكل غير شرعي منذ الانقلاب الذي قامت به”.
واضاف ان تطبيق الاتفاق لا يمكن ان يتم “الا بعد اصلاح دستوري”، مضيفا ان الانفصاليين يطلبون ادراج “نظام فدرالي” في الدستور الاوكراني وهو ما ترفضه الحكومة التي ترى في ذلك افساحا في المجال امام تفكيك أوكرانيا وتقترح “لامركزية”.
ويرفض الانفصاليون على غرار موسكو الاعتراف بالحكومة الانتقالية التي تشكلت في فبراير الماضي بعد التظاهرات الدامية التي اطاحت بالرئيس الموالي للروس فيكتور يانوكوفيتش الذي كانت دونيتسك معقله.
ولا يعتبر الانفصاليون انفسهم ملزمين بالاتفاق لان وزير الخارجية الروسي سيرغي “لافروف لم يوقع باسمنا بل باسم روسيا” كما اضاف المسؤول، بينما اعربت موسكو عن رغبتها في ان يتمثل الانفصاليون في المفاوضات التي جمعت أمس الاول في جنيف اوكرانيا وروسيا والولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي.
واضاف بوشيلين “نتوقع ان لا تحترم كييف هذا الاتفاق، ونستعد في شكل كثيف لاجراء استفتاء في 11 مايو” حول حكم ذاتي واسع يريد الانفصاليون تنظيمه، هم الذين يحتلون منذ السادس من ابريل مقر الادارة المركزية الاقليمية في دونيتسك.
وتابع “نتوقع تصعيدا في النزاع” بسبب سياسة كييف، مؤكدا ان الحكومة الاوكرانية “انتهكت اتفاق جنيف منذ امس الأول باعلانها ان القوات الاوكرانية ستبقى” في المنطقة.
وقال كيريل رودنكو احد الناطقين باسم الانفصاليين لفرانس برس ان “على كييف اولا ان تنزع اسلحة برافي سكتور (الحركة القومية شبه العسكرية) والحرس الوطني (الذي تأسس مؤخرا وجمع وحدات الدفاع الذاتي في ساحة الميدان) وغيرها من المنظمات غير الشرعية وبعد ذلك ربما قد نسلم اسلحتنا”.
وقد ابرم الغربيون وكييف وموسكو الخميس الماضي في جنيف اتفاقا يهدف الى الحد من تصعيد التوتر بينما بدت اوكرانيا على شفير التفكك بعد عمليات التمرد في شرق أوكرانيا المطالبة بالانضمام الى روسيا او بنظام “فدرالي”.
وينص الاتفاق خصوصا على نزع اسلحة المجموعات غير القانونية واخلاء المباني المحتلة والعفو عن الذين يحترمون هذه التدابير باستثناء “الذين ارتكبوا جرائم اريقت فيها الدماء”.
كما ينص ايضا على ان تكون العملية الدستورية التي وعدت بها الحكومة الانتقالية الاوكرانية “شفافة” “مع تنظيم حوار وطني واسع يضم المناطق الاوكرانية وكل الاطراف السياسية.
لكن الحكومة المنبثقة عن الانتفاضة التي اطاحت في فبراير بالرئيس الموالي للروس فيكتور يانوكوفيتش، ترفض ارساء “نظام فدرالي” كما يطالب به الانفصاليون وتدعو اليه موسكو غير انها وعدت باصلاحات تهدف الى اقامة نظام “لامركزي” ومنح صلاحيات كبيرة لا سيما انتخاب هيئات تنفيذية اقليمية كانت حتى الان تعينها السلطات المركزية.
وفي حين ينتظر تنظيم انتخابات رئاسية في 25 مايو القادم لارساء اسس نظام شرعي عبر الاقتراع، اقرت الحكومة مساء الخميس مرسوما يمنحها مهلة حتى الاول من اكتوبر المقبل لاعداد “اللامركزية” بينما يطالب الانفصاليون باستفتاء حول الحاقهم بروسيا او”نظام فدرالي” قبل ذلك الموعد او بحلوله على اقصى تقدير، وهو ما لم يستبعده الرئيس بالوكالة اولكسندر تورتشينوف.
كذلك خيب اتفاق جنيف آمال انصار الوحدة الاوكرانية. وقال اناتولي غريتسكون وزير الدفاع السابق والمرشح الى الانتخابات الرئاسية في 25 مايو في مدونته على الانترنت غاضبا ان “تلك الاتفاقات لم تذكر وحدة اراضي اوكرانيا ولا تطالب روسيا بالكف عن احتلال القرم ولم تشر الى المخربين الروس في دومباس” (الحوض المنجمي في الشرق)، فهل لا يدرك الغربيون ان (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين يشكل خطرا على اوروبا والعالم؟”.
من جانبها قالت المغنية روسلانا الفائزة بجائزة يوروفيجيون والناشطة في ساحة الميدان “انه فشل لقوانين وضمانات الامن العالمي، اننا نرى الان ان ضمانات عدم انتهاك الحدود الاوكرانية لا تساوي شيئا”.
غير ان الرئيس الامريكي باراك اوباما ابدى حذرا كبيرا بشان تلك الاتفاقات مؤكدا ان ليس لديه اي يقين ان الاتفاق “سيخفض التوتر” ميدانيا، وحذر من فرض عقوبات جديدة اميركية واوروبية على موسكو في حال آلت المفاوضات الى مأزق.
وقال “يجب الانتظار عدة ايام قبل ان نرى تلك التصريحات تترجم” في شكل ملموس.
وتتبنى موسكو التي تنفي بشدة ان تكون وراء الانتفاضات الاخيرة كما يتهمها الغربيون وكييف، لهجة شديدة حول الازمة الاوكرانية وهي الاسوأ بين الشرق والغرب منذ نهاية الحرب الباردة وتنذر بتفكيك هذا البلد الذي يعد 46 مليون نسمة والواقع عند حدود عدة بلدان عضو في الاتحاد الاوروبي والحلف الاطلسي.
وقبل ساعات من اعلان اتفاق جنيف وبينما كانت المفاوضات جارية، اعرب الرئيس فلاديمير بوتين عن “امل كبير” في “عدم الاضطرار الى اللجوء” الى ارسال قوات مسلحة الى اوكرانيا.
وحشدت روسيا نحو اربعين الف رجل عند الحدود بين البلدين واكد الرئيس الروسي مرارا انه سيضمن “مهما كان الثمن” حماية الناطقين بالروسية من دول الاتحاد السوفياتي سابقا.
وصرح وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف امام الصحفيين الخميس الماضي في جنيف ان روسيا “ليس لديها اية رغبة” في ارسال قوات الى اوكرانيا، وقال “سيكون ذلك مناقضا لمصالحنا الاساسية”.
واعتبر وزير الخارجية الاوكراني اندري ديشتشيتسا ان موسكو ما زالت تمارس ازدواجية الخطاب علما بان “الشهرين او الاشهر الثلاثة المقبلة (تعتبر) حاسمة”.
في شأن ذي صلة اشادت الصين أمس بالاتفاق الذى تم التوصل اليه في محادثات جنيف الرباعية بشأن نزع فتيل التوتر في اوكرانيا، ودعت إلى بذل جهود مشتركة لتعزيز التسوية السياسية النهائية للأزمة
ونقلت وكالة أنباء الصين الجديدة “شينخوا” عن المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية هوا تشون يينج قولها ردا على سؤال خلال مؤتمر صحفي، حيث قالت ان بكين “تتمسك دائما بالتسوية السلمية للأزمة الأوكرانية وتؤيد التوازن في مصالح كل الأطراف المعنية”
واضافت: “نأمل في أن تبذل الأطراف المعنية جهودا مشتركة وتتخذ إجراءات محددة لتنفيذ التوافق ودعم تسوية سياسية نهائية للأزمة وتحقيق استقرار أوكرانيا وتنميتها في أقرب وقت ممكن”.
يذكر أن الولايات المتحدة وروسيا وأوكرانيا والاتحاد الاوروبي اختتموا محادثات عقدوها في جنيف أمس الأول بالتوقيع على بيان حول نزع فتيل التوتر في اوكرانيا.
وذكر البيان انه يتعين على الاطراف المعنية الامتناع عن اي اعمال العنف والتخويف أو التصرفات الاستفزازية كجزء من خطوات ابتدائية لاستعادة النظام في أوكرانيا.