خبراء: إلزام البنوك بالكشف عن نشاطات التمويل العقاري يحد من الهزات غير المرغوبة


مصرفيون: التأكد من الأسعار الحقيقية للمشاريع الممولة.. أبرز الإجراءات الاحترازية


اللواتي: تطبيق "اعرف عميلك" يقلل المخاطر على التمويلات المصرفية


المسروري: علينا التعلم من تجارب الدول في تنظيم السوق العقاري


مُبكرا؛ وحتى لا تحدث أية هزات غير مرغوبة في التمويل العقاري، وجَّه البنك المركزي العماني، البنوك التجارية العاملة بالسلطنة، إلى مُتابعة التطورات في السوق العقاري بدقة، مع توفير تقارير ربع سنوية تتضمَّن بيانات دقيقة عن نشاطها في هذا القطاع الحيوي، وهي الخطوة التي اعتبرها مصرفيون ضروريَّة ووقائيَّة في نفس الوقت لطمأنة المصارف الممولة للعقارات، والحفاظ على قيمتها السوقية دون زيادات غير صحية.


البنك المركزي أيضاً؛ حثَّ البنوك على تنويع استثماراتها وعدم تكريسها في القطاع العقاري دون غيره، وإتاحة الفرص لقروض أخرى لضمان التوازن في التنمية، مع التأكد من أن قيمة المشروعات التي يتم تمويلها حقيقية، وليست مُفتعلة بفعل نوبات "الفوران" التي تحل بالسوق العقاري من وقت لآخر، والتوثق من قدرة المقترضين على الوفاء بالتزاماتهم في مواعيدها.


الرؤية - سمية النبهانية


وتأتي هذه التوجيهات أو التنبيهات من قبل البنك المركزي، في وقت يشهد فيه السوق العقاري ارتفاعاً غير صحي في أسعار الوحدات العقارية ببعض المناطق، بجانب عدد من المؤشرات الأخرى التي تؤشر على حدوث طفرة عقارية في السوق؛ الأمر الذي يقتضي التيقظ والتنظيم من الجهات المعنية.


ويقول مصدر مسؤول بأحد البنوك: إن البنك المركزي العماني، أكد على استمرار جميع البنوك العاملة في السلطنة بمتابعة التطورات التي تحدث في القطاع العقاري، وكذلك توفير البيانات الدقيقة حول أنشطتها العقارية بشكل ربع سنوي؛ وذلك ضمن سياسات البنوك بمتابعة عمليات الإقراض في القطاع، موضحا أن هذه التوجيهات أكدت على ضرورة متابعة التنمية العقارية في السلطنة، بما فيها توجهات السوق العقاري وتغيرات أسعار العقار في السلطنة، وذلك من أجل حماية البنوك والعمليات الإقراضية لها من أي تقلب محتمل في الأسعار قد يضر بالبنوك.


وأضاف بأن الوضع في السوق العقاري طبيعي، وكذلك الحال مع التمويلات العقارية، إلا أن البنك المركزي قد وجَّه البنوك إلى الانتباه ومراقبة المؤشرات، لحماية البنوك من أية أضرار محتملة، وذلك خلال اللقاء التي اجتمع فيه مسؤولو البنك المركزي العماني مع مسؤولي البنوك في السلطنة والنوافذ الإسلامية، وقد أتى التوجيه ضمن حزمة من التوجيهات في قطاعات شتى. وتابع بأن انتباه البنوك سوف يرتكز على تنويع عملية الإقراض وعدم التركيز على قطاع معين، وكذلك متابعة السوق العقاري والمشاريع العقارية التي تم تمويلها، بجانب التأكد من عدم تمويل مشاريع أكثر من أسعارها الطبيعية، والتأكد من قدرة المستثمرين أو المستقرضين على الوفاء بالتزاماتهم المالية.


العمليات التمويلية


وقال مسؤول مصرفي في إحدى المؤسسات المصرفية الإسلامية، إن البنك المركزي -وخلال لقائه بمسؤولي المصارف- وجه البنوك إلى متابعة السوق العقاري وتوفير معلومات ربع سنوية عنه، كما سيقوم البنك المركزي بدوره بعمل تقاريره في هذا الشأن، وذلك اطمئنانا على الأوضاع في السوق العقاري وتوجهاته، وذلك ضمن سلسلة أعمال البنوك في متابعتها لمختلف القطاعات في السلطنة.


وأضاف: من الملاحظ أن الأسعار في قطاع الأراضي ترتفع بشكل غير طبيعي خاصة في المخططات التي تقع خارج العاصمة مسقط؛ وذلك نتيجة المضاربات واحتكار السوق في تلك المنطقة...وغيرها من الأسباب التي رفعت الأسعار لأكثر من مستواها العادي؛ مما يستوجب النظر للأمور بحذر، وانتقاء العمليات التمويلية العقارية؛ حرصا على عدم حصول أي طفرة عقارية من شأنها أن تتسبَّب في حدوث تضخم للأسعار يتبعه هبوط فيها؛ الأمر الذي يؤثر على العمليات الإقراضية للبنوك في المجال العقاري.


ويرى المصدر أنه يجب التفريق عند التمويل بين المشاريع العقارية البحتة والتي قد تصاب بالضرر عند حدوث أي طفرة عقارية، كالتداول في قطع الأراضي والمباني، والتمويلات للمشاريع السياحية العقارية -على سبيل المثال- والتي تعد مشاريع ذات دخول مستمرة ولا تشكل ضررا على العمليات التمويلية في البنوك.


واستطرد: لم يصل السوق العقاري لمرحلة تستوجب أي قلق، كما أن الطفرات العقارية تعد أمرا طبيعيا في الدول، ولكن هذا يضع الجهات الحكومية تحت واجب تنظيم السوق العقاري خاصة قطاع السمسرة؛ لما له من ضرر في السوق العقاري نتيجة قلة الرقابة عليهم، لتقليل آثار هذه الطفرات، كما يجب على البنوك الاحتياط والتبين من العملاء وملاءتهم المالية، حتى لا تتسبب هذه التمويلات بأية أخطار للبنوك.


وجوب الانتباه


فيما يرى مصطفى بن سلمان اللواتي الرئيس التنفيذي لشركة المتحدة للأوراق المالية، أن هناك ارتفاعا كبيرا جدا في السوق العقاري وبسرعة كبيرة، نتيجة ضيق المساحات الصالحة للبناء ومحدوديتها، خاصة في الأماكن الحيوية، كما أن حجم التسجيل الفعلي للتداولات العقارية في وزارة الإسكان كبيرة، وهذا دليل على توافر السيولة للشراء وتداول العقارات، بجانب التمويلات البنكية التي تدعم التداولات العقارية في السوق، خاصة وأن التمويلات العقارية من البنوك تصل إلى 70% من قيمة العقار؛ مما يجعل البنوك في أوضاع حرجة إن حدثت طفرة عقارية بالسوق.


وقال اللواتي: بالفعل يجب على البنوك متابعة السوق العقاري والانتباه لعملياتهم الإقراضية لهذا القطاع، كما يجب التركيز في هذه التمويلات على تمويل البناء والمشاريع التي تنتج منها عوائد تنموية، والتأكد من أسعار هذه المشاريع ومدى مطابقتها للواقع، ولكن في الجهة المقابلة لا يمكن منع التمويلات العقارية من البنوك لما لها من تأثيرات كبيرة على نمو الاقتصاد. كما يجب ألا يشكل تهديدا للعمليات الإقراضية للبنوك، خاصة وأنها لا تشكل نسبة كبيرة من محافظ البنوك الإقراضية.


وأضاف بأن تطبيق نظام "اعرف عميلك" من شأنه أن يضمن تقليل المخاطر على العمليات الإقراضية للبنوك، حيث كانت هناك مطالبات سابقة بإنشاء وكالة تصنيف ائتماني للأفراد، يقيم من خلالها الوضع المالي والأمني للأفراد واستقرارهم وضمان استمراريتهم في دفع المستلزمات المالية وغيره، بحيث يكون هناك ربط مع مختلف الجهات الحكومية للفرد ليكون هناك ملف لجميع الأفراد بالسلطنة، لمساعدة البنوك على تقليل المخاطر في عملياتها التمويلية المختلفة، إلا أن هذه المطالبات لم ترَ النور حتى الآن.


وختم اللواتي حديثه بالقول: إن هذا الحديث يحثنا على ضرورة تنظيم السوق العقاري، خاصة المكاتب العقارية؛ فعلى الرغم من أننا في وضع جيد بالنسبة لارتفاعات الأسعار، إلا أنه يجب تنظيم العملية والتعلم من الطفرات العقارية السابقة.


مؤشرات طفرة قادمة


ومن جانب آخر، أوضح محسن بن حمد بن علي المسروري مساعد الرئيس التنفيذي لشركة سراج العقارية، أن المؤشرات العقارية في السوق تظهر أننا نعيش بدايات لطفرة عقارية، حيث تظهر المؤشرات أنها ترتفع بشكل تدريجي وتستمر لمدة خمس سنوات، ومن ثم تعاود الأسعار في الانخفاض؛ فالمؤشرات تظهر أن التداول في بعض الأماكن في السلطنة صحي، ومناطق أخرى تشهد بدايات الطفرة العقارية.


وقال المسروري: إن من العوامل التي تدعم ظهور الطفرة هو التحسن المعيشي للمواطنين ورفع الرواتب وعملية التوظيف والذي جعلهم يقبلون على العقار للاستقرار، وكذلك إنشاء البنوك والنوافذ الإسلامية، بجانب الأحداث السياسية في المنطقة والتي قابلتها حكمة السلطنة؛ مما جعلها المكان الأفضل للاستثمار، ولاستقرار الأموال المهاجرة من الدول المجاورة والتي تشهد اضطرابات سياسية.


وأضاف بأن السوق العقاري يشهد ارتفاعا غير طبيعي في الأسعار في أماكن عدة في السلطنة، ومضاربات غير صحية، والكثير من القضايا العقارية الأخرى، والتي تجعل عملية التنظيم في العقار مطلبا ضروريا من الجهات المعنية، مشيرا إلى أنه يجب أن تستفيد الحكومة من الطفرة العقارية إلى تحقيق استدامة عقارية وعائد اقتصادي مفيد للدولة، وكذلك تنظيم السوق العقاري حتى لا يتضرر السوق في حالة مرور أي طفرة عقارية فيه.


وكان سعادة محمد البوسعيدي رئيس الجمعية العقارية العمانية قد حذر من حدوث طفرة عقارية قادمة، موضحا أنها ظاهرة اقتصادية تحدث في بعض الدول، آخرها تلك التي وقعت في العام 2008، والدورة عبارة عن أربع مراحل يسبقها ركود، ثم انتعاش، وطرح منتجات وتوسع ومن ثم عرض سريع، وأعتقد أنّه في حال لم يتم اتخاذ إجراء سريع خلال هذه المرحلة فقد نصل إلى فقاعة عقارية جديدة، والمؤشرات الحالية تثبت ذلك، فالأسعار عالية جدًا، والعرض بدأ يرتفع.


وقال الدكتور إبراهيم العجمي رئيس اللجنة العقارية بغرفة التجارة والصناعة -في تصريح سابق موسَّع عن مفهوم الفقاعة العقارية- إنها وصف لحالة تحدث عندما تتسبب المضاربة على سلعة ما في تزايد سعرها، وكذلك تتزايد المضاربة عليها، وفي هذا الوقت يبلغ سعر السلعة مستويات خيالية، مما يجعلها أشبه بانتفاخ البالون، وهنا تبلغ مرحلة "انفجار الفقاعة" أو البالون وهو ما يعني الانهيار، ويشهد السوق في هذه الحالة تراجعا حادا ومفاجئًا في سعر السلعة.


ويضيف: يُقصد كذلك بهذا التعبير حالة بعض الاقتصادات التي تشهد رواجاً اقتصادياً كبيراً في فترات زمنية محدودة، دون أن يستند هذا الرواج إلى قاعدة إنتاجية متينة قادرة على توليد الدخل المنتظم والاستمرار في الرفاهة والرواج على أسس دائمة ومتواصلة. ويمضي يقول: يُنظر عامة إلى الفقاعات الاقتصادية على أنّها ذات تأثير سلبي على حالة الاقتصاد، لأنّها تسبب حدوث حالة من التوزيع غير العادل للموارد، في اتجاه استخدامات غير مثلى، وفي الوقت الراهن ليس هناك ما يشير إلى وجود فقاعة عقارية في سوق العقار بالسلطنة، ولكن إذا ما اتخذت الإجراءات اللازمة من حيث تفعيل هيئة تنظيمية للعقار من حيث تفعيل القوانين النافذة واقتراح مشروعات قوانين وتشريعات جديدة، كما أنّ إنشاء مؤشر سيجنبنا وقوع فقاعة على مدى الخمس سنوات المقبلة على الأقل.