ليس من المبالغة في شيء القول إن تدشين صاحب السمو السيد هيثم بن طارق آل سعيد وزير التراث والثقافة شعار ندوة عاصمة الثقافة الإسلامية 2015 بالتزامن مع اختتام ندوة تطور العلوم الفقهية في دورتها الثالثة عشرة، كان أمرا بالغ الدلالة، ليس فقط في الترابط الوثيق بين الأمرين اللذين يلتقيان على صعيد واحد، فيما يتصل بالعمل بكل السبل الممكنة من أجل التقريب بين الدول والشعوب والمذاهب الإسلامية، على امتداد العالم الإسلامي، والسعي إلى تقديم صورة نقية للفقه الإسلامي، وللإسلام بوجه عام بعيدا عن محاولات شده أو تشويهه أو دفع صورته السمحة في هذه الزاوية أو تلك، ولكن أيضا لأن الكثير من الأحداث والتطورات، على امتداد السنوات والعقود الماضية، وحتى الآن، أثبتت ما تتمتع به السلطنة، قيادة وحكومة وشعبا، من قدرة على بناء التوافق، واحتضان الأشقاء والأصدقاء، وإتاحة الفرص أمامهم، للوصول إلى أكبر مساحة ممكنة من القواسم المشتركة، والاتفاق بشأنها، لتحقيق المصالح المشتركة والمتبادلة، في كل المجالات، وعلى كافة المستويات، دينية ودنيوية أيضا.
وفي الوقت الذي أكدت فيه ندوة تطور العلوم الفقهية في دورتها الثالثة عشرة، في ختام فعالياتها الثرية، على مجموعة من التوصيات، التي تتطلع كل شعوب العالم الإسلامي الى العمل بها وتطبيقها، سواء في علاقاتها المتبادلة او في علاقاتها مع العالم من حولها، فإن الاحتفالات بنزوى عاصمة الثقافة الإسلامية عام 2015، تتسم في الواقع بالكثير من الأهمية، سواء بحكم ما تمثله مدينة نزوى العريقة– بيضة الإسلام– من مكانة فقهية في التاريخ الإسلامي، وهو ما يعززه الإسهام العماني الممتد والمتواصل حتى الآن، أو بحكم إلحاح وضرورة العمل الجاد والمكثف من أجل تحقيق أكبر درجة ممكنة من الوئام والتوافق والالتقاء والتفاعل بين المذاهب الإسلامية المختلفة، لتنصهر جميعها في بوتقة الإسلام الواحدة، وحتى يتمكن العالم الإسلامي من الحديث بصوت مشترك إلى العالم من حوله، وتفويت الفرصة على أية محاولات لبث الفرقة أو الفتنة بين أبنائه، بغض النظر عن الثوب أو المبررات أو المنطلقات التي يسوقها المتربصون أو دعاة الفتنة، سواء بوعي أو بغير وعي أحيانا.
وبينما يجري العمل، بنشاط كبير للانتهاء من تشييد مبنى المركز الثقافي بنزوى، خاصة بعد مضاعفة تكلفة المبنى وإعادة تخطيطه ليتواكب مع الطموح والمأمول، من هذا المعلم الحضاري في هذه المدينة العريقة، فإن اللجان المختصة بالتحضير للاحتفالات بنزوى عاصمة الثقافة الإسلامية، على امتداد العام القادم 2015، تقوم بأعمالها بنشاط كبير، وبدرجة عالية من التنسيق، وبما يليق أيضا بمثل هذه الفعاليات المهمة، التي تتسع لاحتضان العالم الإسلامي كله، والتعبير عن جوهر الإسلام الحنيف وتطلع الشعوب الإسلامية للعيش في سلام ووئام واستقرار، سواء مع بعضها البعض أو مع العالم من حولها.