أداء اقتصادي جيد وخطوات مدروسة

من المعروف على صعيد الدوائر الاقتصادية والمالية، سواء في السلطنة، أو على المستويات الإقليمية والدولية المعنية بالتطور الاقتصادي فيها، إن التقرير السنوي للبنك المركزي العماني، هو من التقارير الاقتصادية شديدة الأهمية، ليس فقط لأنه يتسم بالشمول في النظرة والتناول لمختلف جوانب الاقتصاد العماني، ولكن أيضا لأنه يتسم بالموضوعية والتعامل العلمي المرتكز على الإحصائيات الموثقة والتحليل الاقتصادي السليم لها. ولذا فان دوائر عديدة تنتظر هذا التقرير، وتحرص على دراسته، أو على الأقل القطاع الذي يعنيها فيه.

ومع الوضع في الاعتبار الدور الحيوي الذي يقوم به البنك المركزي العماني، في إطار قيامه بمهامه كسلطة نقدية للمحافظة على الاستقرار النقدي والمالي وفقا للتطورات الاقتصادية الكلية على المستويين المحلي والعالمي، وذلك عبر السياسات التي يأخذ بها والأدوات المالية والنقدية التي يطبقها، فان تأكيد البنك، في تقريره، على أن (الوضع الاقتصادي الكلي في السلطنة ظل مواتيا خلال السنوات الأخيرة) هو أمر على جانب كبير من الأهمية؛ لأنه يشكل تقييما للأداء الاقتصادي والمالي بوجه عام، مع الأخذ في الاعتبار نتائج السنوات الأخيرة من ناحية، ومختلف التطورات الاقتصادية والمالية على الصعيدين الداخلي والخارجي من ناحية ثانية، وذلك بالنظر إلى ما هو معروف من أن الاقتصاد في أية دولة – تأخذ بمبدأ الاقتصاد الحر – يتأثر بالضرورة بالتطورات الإقليمية والعالمية من حولها.

وفي ظل أوضاع الاقتصاد العالمي، وانخفاض أسعار النفط خلال العام الماضي 2013، مقارنة بما كانت عليه عام 2012 بأكثر من 4 دولارات للبرميل، فان الناتج المحلي الإجمالي للسلطنة بالأسعار الجارية حقق نموا في عام 2013 بلغ 8.2%، بينما ظل معدل التضخم منخفضا عند 1.1%. ولعل مما له دلالة ان ايرادات النفط والغاز كنسبة من الناتج المحلي الاجمالي بلغت نحو 39% في العام الماضي، وهو ما يعني ان نسبة مساهمة القطاعات الاخرى في الناتج المحلي الاجمالي تتزايد بشكل مطرد، وملموس ايضا. اما بالنسبة للايرادات، فان ايرادات النفط والغاز شكلت نحو 7.85% من اجمالي الايرادات الحكومية. وبعد التحويل للاحتياطيات، فان الايرادات الحكومية زادت في العام الماضي بنحو 2.3% فقط، كما زاد الانفاق الحكومي بنسبة مماثلة، وهو ما يعبر عن فعالية سياسات الضبط المالي التي يتبعها البنك المركزي العماني، من خلال الموازنة العامة للدولة، حيث تواصل الحكومة ضبط وترشيد الانفاق الحكومي في عام 2014 ايضا، في اطار سياساتها واولوياتها المحددة والمعروفة، خاصة على صعيد العمل على ايجاد المزيد من فرص التوظيف، وتطوير الصناعات والمجالات كثيفة الاستخدام للقوى العاملة، وتشجيع القطاع الخاص على الإسهام بدور أكبر في هذا المجال ودفع سياسات التعمين في مختلف القطاعات. وفي التحليل النهائي فان الاقتصاد العماني يسير بخطى مدروسة نحو تحقيق الاهداف والاولويات الوطنية.