الحرف العمانية خلدت الموروث وتناقلها الأبناء عن الأجداد

شاهد على الأصالة وامتزاج القديم بالحديث -

الفضيات والسعفيات والأثاث قطع فنية تجد رواجا ودعما حكوميا -

استطلاع – زينب الربخية -

خياطة الدهداشة 2لا تزال رائحة الماضي التليد تمتزج مع عبق الحضارة الاصيلة في تخليد الموروثات التراثية العمانية، وابقائها رمزا نفخر به مع اختلاف العصور والأزمنة، وتجسدت هذه الموروثات في انواع واصناف شتى، فامتهنت كل محافظة من محافظات السلطنة حرفة وجعلتها كرمز وطابع مميز لها.ونقلت حرفتها لأجيالها من الشباب لتظل الحرفة خالدة بأصالتها وعراقتها.

شباب اليوم ابدعوا في الحفاظ على التراث العماني وشقوا طريقهم الخاص لتأسيس مشاريع حرفية عمانية ناجحة، وبدعم من الجهات الحكومية وتوفير التمويل الذي يضمن لهم الاستمرار في العمل الناجح تستحق حقا هذه المشاريع ان نفخر بها.

ابداع من الخشب والفضة من ولاية بهلاء بالتحديد، تنطلق حرفتا النجارة وصناعة الفضيات كرمز عن تراث محافظة الداخلية.

فتطل علينا مؤسسة الزبروك في انتاج الاعمال الحرفية الخشبية والتي قامت منذ 45عاما على يد الحرفي صالح بن سعيد الربخي وتوالى على امتهان الحرفة ابناؤه الثلاثة حيث تعلموا من والدهم صناعة المناديس والابواب الخشبية بالإضافة الى الاثاث كالأسرة والطاولات والكراسي.

ولكن مع تطورالحياة العصرية أصبح من الضروري مزج التراث القديم بالحضارة العصرية، فتطورت الصناعة الحرفية للأثاث العماني وادخلت عليها لمسات ومفاهيم الحداثة، واتى هذا التطور نتيجة لجهود الحكومة وتوفير الدعم المالي عام 1995 عن طريق بنك التنمية العماني حيث تمكنت المؤسسة من خلاله شراء معدات النجارة المتطورة من القطع والمكابس وغيرها بالإضافة الى تطوير مبنى الورشة وشراء السيارات.

يقول مهنا الربخي – أحد أبناء الحرفي صالح والذي تعلم الحرفة: ولله الحمد المؤسسة لا تواجه صعوبات في الحرفة حيث ان الاقبال من قبل الافراد ممتاز والمؤسسة قامت ولا تزال تقوم بجهودنا وبمساعدة الحكومة.

صناعة الحرفيات

من زاوية اخرى يطل علينا الحرفي سالم الزهيمي الذي امتهن حرفة صناعة الفضيات منذ عام 70 .

فقد احترف المهنة وتعلمها من والده وبالممارسة الشديدة أستطاع ان يبدع فيها ويعلمها للكثير من ابناء جيله.

الزهيمي سافر الى العديد من الدول المجاورة في سبيل تطوير الحرفة منذ القدم والى الآن فهو يعتبر هذه الحرفة المصدر الاساسي في توفير الدخل له ولعائلته بالإضافة الى القيمة الشعورية التي يشعرها الزهيمي جراء امتهانه هذه الحرفة.

فهي فخر له كونه مهتما بالجانب التراثي العماني.

ويشير الزهيمي الى انه حاول مليا الحصول على الدعم الحكومي الذي يمكن ان يطور به حرفته للأحسن ولكنه لم يحصل الا على بعض اللقاءات الصحفية وبعضا من الوعود لتوفير الدعم المالي، وعلى الرغم من الصعوبات التي تواجهه نتيجة قلة الإقبال حاليا الا انه يسعى للحصول على الدعم من القطاعين الخاص والعام حيث اشار الى ان الاقبال كان شديدا في الماضي اما حاليا فأًصبح توجهه الناس لشراء الذهب أكثر متغاضين عن المشغولات الفضية كالخواتم والاساور والخلخال والتي تعبر عن التراث العماني بصفة عامة.ويقول الزهيمي انه شارك في العديد من المعارض التي أقيمت في السلطنة ودول مجلس التعاون بالإضافة الى الدول العربية والاوروبية وقام بعرض صياغة الفضة بكافة انواعها وذلك للإسهام في نشر الموروث الحضاري العماني.


البخور والسعفيات


أما زهرة بنت ناصر الشريانية فقد برعت بجوانب اخرى بعيدة عن الخشب والفضة، فهي ومنذ القدم امتهنت صناعة البخورات التقليدية وصناعة السعفيات كالمجامع العمانية القديمة والتي كانت تستخدم قديما والى الآن في عمليات تنظيف المنزل.

واشارت الشريانية الى انها تعلمت المهنة منذ ان كانت صغيرة ومازالت تمارسها ، وقالت بأن المواد التي تستخدم في صنع السعفيات بسيطة فهي عبارة عن خوص النخيل والحبال الصغيرة كما أن ألية الصنع سهلة ايضا واوضحت ان لا يوجد منزل في المجتمع العماني يخلو من هذه الادوات وذلك لانها تعبر عن طبيعة المجتمع العماني وثقافته الأصيلة.

من جانب آخر تقول الشريانية بأنها تعلمت صناعة البخور والخلطات العطرية العمانية القديمة وذلك باستخدام اللبان وانواع من العطور والبخور.

وعلى الرغم من اهتمام النساء العمانيات بصناعة السعفيات والبخور واقبالهن الشديد على تعلم هذه الحرفة لما لها من مردود مالي جيد، الا انه لا يوجد دعم للمساعدة بفتح محلات او مشاريع صغيرة لتطوير مستوى الحرفة من جانب وتعليمها للنساء من جانب آخر.

ويضيف مبارك بن علي الصلتي الذي يمارس المهنة من زمن طويل مما جعله متمرسا فيها حيث أشار الى ان هذه الحرفة تأتي بالممارسة مما يساعد على ايجاد افكار جديدة في الصناعة وصناعة أنواع مميزة من السعفيات كالقفير والحصير وعلى الرغم من كثرة الطلب المحلي على المنتجات السعفية الا ان الصلتي لم يحصل على الدعم الكافي ليفتح مشروعه الخاص في هذه الحرفة.


وللفخار نصيب آخر


سعيد بن سليمان العدوي حرفي امتهن الفخار وسط بيئة تحترف صناعة الفخار بكافة أشكاله، حيث ان ولاية بهلاء تتميز بكثرة مصانع الفخار وتعددها والطراز الفريد في الفخاريات المصنوعة يقول العدوي ان صناعة الفخار تحتاج للتدريب المستمر والى وجود الآلات والاجهزة التي تساعد على توفير الجهد والوقت وهذا ما يفتقره العدوي في مهنته فهو قادر على صنع الخروس والمزهريات والمجامر بأشكال جميلة، ولكن على الرغم من وجود مصنع التدريب الحرفي في الولاية والذي قام بجهود الهيئة العامة للصناعات الحرفية، إلا ان العدوي يطمح لتكوين مشروعه الخاص والذي يكافئ المصانع الأخرى في الولاية.

ويضيف العدوي ان العديد من السياح الاجانب يتوافدون للولاية لاهتمامهم بالفخاريات التي ذاع صيتها في ربوع السلطنة كما ان الاقبال عليها كثير لما فيها من اشكال ولمسات جمالية عمانية.


خياطة الزي العماني


وبعيدا عن محافظة الداخلية وحرفها التقليدية، توجهنا الى محافظة الباطنة والتقينا بمسعودة بنت هديب الحمدانية حرفية من ولاية المصنعة، التي بدأت بخياطة الدشداشة العمانية عن طريق اليد منذ 30 عاما ومع توالي الاعوام تطورت الحمدانية وبدأت بإدخال الرسومات والأشكال الجديدة وبدأت بتغيير الخيوط المستخدمة في الخياطة.

وتشير الى انها وجدت المساعدة والاهتمام بجهود من الهيئة العامة للصناعات الحرفية التي ساعدتها بالحصول على التدريب والتحفيز، و تضيف الحمدانية انها لا تسعى للتمويل المادي فحرفتها تتطلب الجهود البشرية والكفاءة اكثر مما تطلبه من اجهزة او معدات، فإبداع هذه الحرفة يكمن في خفة اليد والتفكير البشري الخلاق في الانتاج.

وتضيف ايضا ان الاقبال على منتجاتها كبير فهي في بعض الاحيان لا تستطيع تغطية معظم الطلبات ولكن ما ينقص هذه الحرفة هو تعليمها للجيل الجديد من الفتيات لأنه ومن الملاحظ ان من لديه الخبرة بممارسة الحرفة هو النساء كبيرات السن والمجتمع بحاجة لأيد عاملة تستطيع حفظ هذه الحرفة من الزوال والاندثار.