خطوط حمراء – غدا أيام العتق ..

احمد بن سالم الفلاحي -

Dreemlife11@yahoo.com -

تنسل الأيام سريعة من بين أيدينا، من بين اهتماماتنا، من بين تفكيرنا، من بين حساباتنا، المهم انها تذهب سريعا، وهنا تكمن خطورة الموقف، وهي أحد أهم إشكالياتنا مع الزمن، من ينتبه في هذه اللحظة أنه قضى عشرين يوما من أهم الأيام في حياته، صحيح ان كل الأيام في حياة الإنسان مهمة، ولكن كأيام شهر رمضان ليس هناك اهم، حيث إنها الأيام المخضبة بالرحمة في أولها، والمفعمة بالمغفرة في أوسطها، والمختومة بالعتق من النار في آخرها، أي أنها كلها أيام يحيطها الخير من كل مكان، وهذا الخير كله مسخر لهذا الإنسان الذي لا يزال يعيش مع نفسه صراع البقاء.

لعلنا ننظر إلى هذه الأيام العشرة الأخيرة من هذا الشهر الفضيل على انها أيام استنفارية، حيث تستنفر من خلالها كافة قوانا الجسدية، والذهنية، لأنها آخر ما تبقى لنا من أيام هذا الشهر المبارك الكريم، والذي لن نستطيع التأكيد على لقائه مرة أخرى، ولو أننا ندعو الله سبحانه وتعالى أن يمد في أعمارنا لنتزود من خيراته وبركاته لعلها تكون لنا معينا يوم القيامة، وللذين فاتهم الشيء الكثير من مكارم هذا الشهر عليهم أن لا ينسلوا محبطين مما لم يحققوه، فالأعمار بيد الله، وهو مصرف القلوب والأذهان، عليهم أن يستبسلوا أكثر، ولعلنا نستحضر قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، فيما معنى الحديث: ( إذا قامت القيامة، وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها)، ومعنى ذلك علينا ان لا نستنكف من عمل الخير حتى الى آخر لحظة من حياتنا، ولا تزال، كما تؤكد بعض النصوص، ان قبول التوبة قائم، إلى حد وصول الغرغرة في آخر لحظة من العمر.

نعم قضينا بفضل الله عشرين يوما من هذا الشهر الفضيل، نسأل الله تعالى أن يكون عملنا فيها متقبلا، بقدر جهدنا، وإخلاصنا، وصدقنا مع الله، ومع انفسنا، وعلينا بنفس هذا الصدق والإخلاص ان نواصل العمل بنفس هذه الهمة فيما تبقى من أيام عشر من شهرنا المبارك الكريم، فشروع الهمة والصبر على المكاره من العوامل الفاعلة في حياة الانسان، الذي يسعى إلى التميز، وإلى السمو، وإلى الرفعة، وما يتبع ذلك من أيام أخر تأتي بعد ذلك، فرهان التميز، والسمو بالعمل مرهون، كما هو معلوم، بالصبر، والجلد، والرجاء بما عند الله سبحانه وتعالى، سواء موقوت ذلك بمناسبة معينة كشهر رمضان، او الحج، او اي يوم تدل عليه النصوص بأفضلية ما عن بقية الأيام، أو غير مشار إليه أيضا.