محمد الشيزاوي -
shfafiah@yahoo.com -
شدّني وأنا في طريقي من مسقط إلى صحار يوم الخميس الماضي برنامج البث المباشر، فقد أشارت الحلقة إلى مدى الهوّة التي تفصل بين المسؤولين في وزارة الصحة والعاملين في القطاع، وعجبتُ كيف لبرنامج حواري هدفه تقريب وجهات النظر بين الفريقين أن ينتهي دون تحقيق أي هدف سوى أن يقول كل طرف ما يشاء ثم ينتهي البرنامج من حيث ابتدأ، وكأن مسؤولي الوزارة لم يشاركوا في البرنامج إلا من أجل تبرير الخطوات التي اتخذوها.
ولأن الموضوع شائك ومعقّد أكثر مما ينبغي فإنني سأقصر حديثي على عدد من النقاط الرئيسية، لعل في مقدمتها أن المرسوم السلطاني رقم 33/2013م الصادر في 19 مايو 2013م هدفه الرئيسي إعطاء مزيد من الاهتمام للعاملين في القطاع الصحي بالسلطنة تقديرا لما يبذله الأطباء والفنيون ومختلف العاملين في هذا القطاع من جهد كبير لا يمكن تقديره بالمال خاصة أنهم يعملون ليل نهار دون كلل أو ملل أو شكوى أو تذمر، ولهذا فإن المرسوم السلطاني – من وجهة نظرنا – جاء ليعطي هؤلاء العاملين ما يستحقون من تقدير خاصة في الجانب المالي المتعلق بمعيشتهم، ولعل هذا يفسر أن (الوظائف الطبية والوظائف الطبية المساعدة) لم تتم معاملتها مثل باقي الوظائف الأخرى، رغم تقديرنا لأهمية مختلف الأعمال التي نؤديها في حياتنا، وفي نظرنا أن هذا الاستثناء لم تتم ترجمته في التطبيق، فالمرسوم أعطى مهلة لإصدار اللائحة لا تتجاوز 6 أشهر من تاريخ صدوره إلا أنه أجاز لمجلس الوزراء تمديد المهلة لفترة مماثلة بناء على طلب وزير الصحة.
ما حدث بعد ذلك أن السلطنة قامت بتوحيد رواتب جميع الموظفين العمانيين المدنيين وفقا للمرسوم السلطاني رقم 78/2013م الصادر في 23 ديسمبر 2013م والذي تم تطبيقه اعتبارا من الأول من يناير 2014م، وقد ابتهج جميع الموظفين بما حصلوا عليه من مرتبات مرتفعة باستثناء العاملين في (الوظائف الطبية المساعدة) الذين لم تصدر لائحتهم حتى ذلك الوقت، ووقع مسؤولو وزارة الصحة في مأزق، كيف يعاملون ذوي (الوظائف الطبية المساعدة)، هل يرفعون رواتبهم أسوة بجميع الموظفين العمانيين أو لا؟ وفي النهاية حصل الموظفون على زيادات، لكن اللائحة المنتظرة لم تصدر إلا في شهر فبراير 2014م والغريب في الموضوع ثلاثة أمور: الأول: أن العبرة كانت برواتب ديسمبر 2013م أي قبل الزيادات التي طرأت، والثاني: أنه لم تتحقق المساواة في الرواتب بين العاملين في وزارة الصحة والعاملين في المؤسسات الطبية الحكومية الأخرى لأن الوزارة ارتأت أن ينقل الموظفون للدرجات الجديدة وفقا للراتب الأساسي ولا يخفى على أحد أن هناك تفاوتا كبيرا في الرواتب الأساسية بين الجهتين، وهذا لم يحقق المبدأ الأساسي وهو توحيد الرواتب كما حدث لدى (الموظفين العمانيين المدنيين) الذين شملهم المرسوم السلطاني رقم 78/2013م، والثالث: أن تحسين الرواتب في وزارة الصحة شمل جميع العاملين سواء العمانيون أو الأجانب مما ضغط على الموازنة العامة للدولة وبالتالي على المكاسب التي كان ينبغي أن يحصل عليها الموظفون العمانيون.
إننا اليوم إذ نطرح وجهة نظرنا هنا فإننا نتمنى أن يكون لدى وزارة الصحة الصدر الرحب لتقبل آراء غيرهم، وليس كما سمعنا في برنامج البث المباشر، فهدف العاملين في الشؤون المالية والإدارية في أي جهة حكومية حلّ الإشكالات التي تواجه العاملين ومساعدتهم في أداء عملهم، وليس الدفاع عن وجهة نظر وحيدة ربما لم يشرك كثير من المختصين والعاملين في صياغتها وبلورتها.