بعد افتتاح اكاديمية لتعليم الموسيقى العربية -
بروكسل – «أ.ف.ب»: افتتحت السبت الأول في بروكسل أكاديمية لتعليم الموسيقى العربية اعتبرها مؤسسوها الأولى من نوعها في أوروبا، وسط حماسة عدد من المسؤولين البلجيكيين، بينهم وزيرة الداخلية جويل ميلكيه التي قالت لوكالة فرانس برس إن عاصمة الاتحاد الاوروبي تحتاج لاقامة مركز كبير وجامع للثقافة العربية.
الأكاديمية تمثل مشروعا جديدا للمركز الثقافي العربي القائم منذ 1988 في حي “مادو” وسط العاصمة البلجيكية، وهي تحتل صالات ملحقة به، بعدما كان قسم صغير فيه يتولى تدريس بعض آلات الموسيقى العربية لسنوات.
ويقول العراقي علي خضر مدير المركز الذي أسسه بعد عشر سنوات من استقراره في بلجيكا، لوكالة فرانس برس إن الدافع الأول لانشاء الأكاديمية “هو هاجس شخصي” لكونه يحمل دكتوراه في علوم الموسيقى.
لكنه يرى أن الهاجس العام كان أكثر إلحاحا، موضحا أن “الجالية العربية في بلجيكا صارت أكبر وأكبر وتحتاج لمؤسسة موسيقية”، مضيفا “من الضروري جدا إيجاد حضور لمؤسسات أكاديمية لأنه يعطي الجاليات العربية حضورا مثقفا يوجد نوعا من التوازن مع المجتمع الذي استقبلها”.
كثافة الحضور العربي أكدتها آخر احصاءات رسمية نشرت في ربيع 2013. قد اظهر مسح أجراه مركز بروكسل للمعلومات والتوثيق والابحاث (بريو)ان واحدا من كل خمسة من سكان بروكسل، الذين يزيد عددهم على مليون ومائة ألف نسمة، يتكلم العربية، ما يجعل اللغة العربية الرابعة بعد الفرنسية والانجليزية والهولندية. وسط جمع التم حول منبر افتتاح الأكاديمية، ابدى مسؤولون بلجيكيون عدة تشجيعا كبيرا للخطوة. وقال وزير الثقافة السابق لاقليم بروكسل ديديه غوزان “سيكون هذا المكان مليئا بآلات ترمز لغنى الارث الثقافي العربي، وسيمكننا اكتشافها لأنها ليست ملكا لهذه الثقافة الواحدة”.
واثارت كلمات التشجيع عاصفة من التصفيق بين الحضور فيما لم تتردد بعض النساء من اطلاق الزغاريد بين الحين والآخر.
ووسط هذه الحماسة تحدث اخرون عن دوافع “منطقية” لضرورة الدعم الحكومي، كما قالت وزيرة الداخلية البلجيكية جويل ميلكيه في حديث لوكالة فرانس برس.
فبعدما لفتت إلى الحضور المعتبر لناطقي العربية في عاصمة الاتحاد الأوروبي، قالت “من المهم جدا أن يكون لدينا مركز ثقافي عربي خصوصا في مدينة تشكل رمزا كبيرا”، مضيفة “علينا تنظيمه كما حدث في باريس ليكون لدينا مركز كبير ومهم للثقافة العربية” في اشارة الى “معهد العالم العربي” في العاصمة الفرنسية الذي يشكل أبرز معالم الثقافة العربية في أوروبا.
ورأت ميلكيه أنه “من المهم جدا” توسيع المركز الثقافي العربي في بروكسل وتحصيل ما يلزم ذلك من الدعم المالي الحكومي.
وقالت “في بلجيكا ندعم العديد من المبادرات، ولهذا لدينا مراكز عدة للثقافة العربية وهي مختلفة ومعزولة في المدينة. نحتاج إلى مركز واحد وجامع يظهر الثقافة العربية بكل تجلياتها”.
ويعتمد المركز الثقافي العربي الآن على مداخليه بدون أي دعم حكومي، وهو يحتل طابقين يملكهما في بناء سكني، ويضم قاعات عديدة للتدريس وصالة معارض إضافة لصالة حفلات صغيرة بالكاد تتسع لمائة شخص. لكن بعيدا عن جدل غياب الدعم، تحقق حلم شخصي تحت سقف الاكاديمية الصغير الملحق بالمركز.
فبداية الحلم تعود لعام 1997، عندما غادر عازف آلة السنطور العراقي وسام العزاوي بلاده، بعد سنوات على تخرجه من أكادميتيها الموسيقية، وكان تدريس العزف في المركز أحد نشاطاته.
ويقول العزاوي لوكالة فرانس برس “عندما وصلت إلى أوروبا كنت أحلم بصرح أتولى مسؤولية إدارته، والآن حلمي بدأ يتحقق”. ويلفت إلى أن المشروع الجديد جاء نتيجة جهود شخصية “خالصة” تشاركها مع إدارة المركز، ليضع أمامهم دراسة المشروع وتفاصيله.
ويحرص مسؤولو المركز على التأكيد أن الاكاديمية هي “الأولى من نوعها في أوروبا”، ويوضح العزاوي أن ما يميزهم هو تدريس أصول ونظريات الموسيقى الشرقية بشكل منهجي، ما يمكن الدارسين من الحصول على شهادات علمية.
المركز سيعتمد على أساتذة مقيمين في أوروبا، منهم استاذ آلة الكمان الشرقي نوري الجبوري، الذي اشتهر خلال عزفه مع مواطنه العراقي والموسيقي الشهير نصير شما، كما سيدرس العازف الشاب علي شاكر آلة القانون، وتضم خطط التدريس أيضا آلات العود والسنطور والايقاع الشرقي وأصول الغناء العربي. الشاب السوداني أحمد فاروق يقدم نفسه مثالا حيا عن الحاجة العملية للأكاديمية بعدما امضى ثلاث سنوات يتعلم آلة العود في المركز.
ففاروق كان عازف جيتار يهيم بحثا عمن يدرسه العود في بروكسل، وهو يقول لوكالة فرانس برس “فتشت على الانترنت وفي كل مكان ولم اجد شيئا، لكن الحظ ساعدني. مرة كنت في الشارع وبالصدفة رأيت شابا يحمل عودا، لحقته وسألته أين يتعلم العزف فدلني على هذا المركز”.


