موعظة الصيف

ناصر بن عبدالله الصوافي -

ما إن يأتي فصل الصيف إلا وتتهافت النفوس وتشرئب الأعناق إلى فراق الوطن والسياحة في أرض الله تعالى الباردة ذلك أن أرض الوطن تستعر بالحرارة وتزداد لهيبا وسخونة في الصيف وهو بداية اجازة المدارس وموافقتها مع إجازة الأعمال السنوية لمعظم الناس في هذه الفترة ومع شدة الحر في بلادنا وموافقة ذلك مع الإجازة السنوية فإن معظم الناس تبحث عن مكان بارد لتستجم فيه من عناء العمل وتهرب إليه من شدة الحر ولهيب الشمس المحرقة. ولكن مع ذلك فإنه نعمة عظيمة من نعم الله تعالى علينا فلولاه لما استقامت الحياة في هذا الكون ولما نضجت كثير من الثمار ولما ماتت كثير من الكائنات الضارة ولما حدث التوازن المطلوب لمسيرة الحياة والكائنات في هذا الكون الشاسع والذي بحكمة الخالق سبحانه دبر شؤونه واحكم نظامه وضبط مسيره وهو سبحانه اعلم به منا لأنه خلقه وساواه وعدله ونظمه فأحسن خلقه وأبدع صنعه ولذلك بحكمته جعل السنة مقسمة على فصول أربعة وجعلها متفاوتة بين حر وبرد وسير بينهما رياحا قوية وأعاصير شديدة وأمطارا كثيفة كلها بحكمته وعظمته يصلح بها الكون ويجدد بها مسيرة الحياة وتسعد البشرية والإنسان مطالب أن يأخذ العبرة والعظة من تقلبات الزمن وتغيرات المناخ فيزداد إيمانه وتقوى صلته بالله تعالى ربه وخالقه وهو سبحانه القائل في معرض وصفه للمؤمنين ( .. ويتفكرون في خلق السموات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار ..) ..

ان الفرار من لهيب حر ووهج الشمس يذكرنا بأمر لا ينبغي لأحد ان ينساه او يغيب عن باله وفكره بل عليه أن يكون متقيا وورعا وخائفا من ذلك اللهيب وتلك النار وتلك الحرارة الشديدة التي لا يتمناها أحد من البشر فكما أنك أيها الانسان تهرب من حر هذه الشمس وهي بسيطة هينة يقدر كل احد من البشر على تحملها ولا غضاضة في عدم الهروب منها إلا انك يجب ان تهرب مما هو اعظم واشد منها حرارة ولهيبا ومرارة وهي نار جهنم والعياذ بالله ولذلك نقول اهربوا من هذه الحرارة وهذه الشدة ولكن يجب ان تهربوا ايضا من تلك الحرارة وذلك المصير وان تمعنوا النظر والتفكر في كيفية الخلاص والمهرب من تلك الحرارة الشديدة وذلك بأن تتفكروا وأنتم تقضون اجازاتكم في جو بارد وجميل ومنظر خلاب ومريح ان هناك منظرا اجمل منه وأحسن وأفضل وان تطلبوا من الله تعالى ان يريحكم ويسعدكم ويمتعكم بما هو اعظم وأجمل في يوم القيامة ويوم الحساب ولذلك اياكم ان ترتكبوا المنكرات وتتعاطوا المسكرات وتحلوا المحرمات وتبيحوا لأنفسكم ما كان لكم في دينكم ووطنكم حراما وتظنون ان الله تعالى غافل عنكم وتذكروا انكم محاسبون وعلى أعمالكم مجزيون ولا مهرب ولا مفر من ذلك اليوم والوقوف بين يدي أحكم الحاكمين يومئذ توضع الموازين القسط وتوفى كل نفس ما عملت فمن وجد خيرا فليحمد الله تعالى ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه …

اللهم إنا نسألك حسن الخاتمة ونعوذ بك من سوء الخاتمة اللهم أحسن عاقبتنا في الامور كلها وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الاخرة..