1000 طن الكمية المتوقعة لموسم هذا العام ولأول مرة -
استطلاع وتصوير/ سيف بن زاهر العبري -
حصد المزارعون بعدد من ولايات محافظة الداخلية محصولا وفيرا من القمح عالي الجودة بعد موسم زراعي جيد صاحبه استخدام أفضل الأساليب المتبعة في العمليات الزراعية، فقد حقق محصول القمح إنتاجا وفيرا هذا العام حيث ارتفعت نسبة إنتاج القمح بمحافظة الداخلية لموسم هذا العام إلى 37% مقارنة بإنتاجية العام الماضي، ومن المتوقع أن تصل الإنتاجية خلال هذا الموسم إلى أكثر من 1000 طن.
ولا تزال عمليات حصاد المحصول مستمرة بولايات المحافظة. وأظهرت استطلاعات الرأي التي قام بها «عُمان الاقتصادي» بعدد من الحقول المزروعة بمحصول القمح في محافظة الداخلية عن زيادة في إنتاجية المحصول لهذا العام وزيادة المساحات المزروعة بمحصول القمح بعدد من ولايات المحافظة، مما يبشر بزيادة إنتاجية الفدان نتيجة عدة عوامل مساعدة من أهمها إقبال المزارع العماني على زراعة المحصول، والدعم المتواصل من قبل وزارة الزراعة والثروة السمكية ممثلة في المديرية العامة للزراعة والثروة الحيوانية بمحافظة الداخلية ودوائر التنمية الزراعية بولايات المحافظة، كما أن الاهتمام بجودة المحصول يعد أحد الأسباب المهمة في زيادة الإنتاجية، إلى جانب الإقبال الكبير على المحصول من قبل المستهلكين، وارتفاع نسبة تسويقه في الأسواق المحلية وفي أسواق الدول المجاورة.
وقد أكد المهندسون والفنيون والمزارعون بمحافظة الداخلية أن أصناف القمح المحسنة أصبحت تنتج بكميات أفضل، وذلك مؤشر جيد على زيادة الإنتاج في واحد من أهم المحاصيل الزراعية التي تحظى باهتمام المزارعين في ولايات المحافظة، نظرا للاهتمام المتواصل من قبل وزارة الزراعة والثروة السمكية في نشر وتطوير زراعة القمح وتعظيم العائد الاقتصادي والبيئي والاجتماعي من هذا المحصول الاستراتيجي، فقد وصل معدل إنتاجية الفدان الواحد في بعض الحقول الزراعية إلى أكثر من طنين في بعض الأصناف.
فقال المهندس سلطان بن سيف بن سلطان الشيباني مدير عام الزراعة والثروة الحيوانية بمحافظة الداخلية: إن زيادة إنتاجية محصول القمح لهذا العام هو نتيجة لما تم التخطيط له من التوسع في زراعة محاصيل الحبوب والتي يأتي في مقدمتها القمح والشعير، كذلك فإن تجاوب المزارعين مع خطط وبرامج الوزارة كان له الأثر الإيجابي في إنجاح مشروع التوسع، فقد شكلت الوزارة فريق عمل لبحث أسس ووسائل التوسع في زراعة القمح بإضافة مساحات جديدة والتوسع الرأسي من خلال زيادة إنتاجية وحدة المساحة بإدخال أصناف جديدة ذات إنتاجية عالية مع ملاءمتها لظروف السلطنة ومقاومتها للأمراض والفطريات والرقاد.
الاهتمام بالمعاملات الزراعية
وأضاف في حديثه لـ«$الاقتصادي»: إن الاهتمام بالمعاملات الزراعية يعتبر أحد العوامل المساعدة في رفع الإنتاجية وهو ما تحقق بالفعل في بعض الأصناف كما في صنف وادي قريات 226 حيث وصلت إنتاجية الفدان إلى أكثر من 2200 كيلوجرام في بعض الحقول، ومقارنة بالمساحة المزروعة في الموسم الزراعي 2012/2013م والمساحة المزروعة في الموسم الزراعي 2013/2014م نجد أن هناك زيادة وصلت إلى 240 فدانا حيث وصلت المساحة المزروعة بحقول القمح والشعير إلى 650 فدانا ويرجع ذلك إلى توافر المياه وتشجيع الوزارة للمزارعين للنهوض بهذا المحصول من خلال البرامج والمشروعات التي تنفذها الوزارة للتوسع والاستمرارية في زراعته، وكذلك للعائد الجيد نتيجة لزيادة الطلب على المنتج المحلي وارتفاع أسعاره خلال السنوات الأخيرة، ومن المتوقع أن تصل الإنتاجية خلال هذا الموسم إلى أكثر من 1000 طن بزيادة تقدر بـ370 طنا عن إنتاج الموسم الماضي.
سلعة استراتيجية
وأكد المهندس سلطان الشيباني على أهمية النهوض بزراعة محصول القمح حيث تولي وزارة الزراعة والثروة السمكية زراعة القمح أهمية كبيرة وقد أصبحت الظروف ملحة وخاصة في ظل التقلبات الاقتصادية التي يشهدها العالم وما رافقه من ارتفاع في سعر أسعار السلع الغذائية، وبما أن القمح من السلع الغذائية الاستراتيجية فإن الوزارة تسعى إلى رفع نسبة المساهمة في احتياجات السلطنة من القمح وتقليل الفجوة بين احتياجات السلطنة من الحبوب والمنتج المحلي منها. وفي هذا الإطار يتم تقديم العديد من الخدمات للمزارعين من أهمها التقاوي (حبوب القمح) المنتقاة ذات الصفات الوراثية الجيدة، حيث يقوم الفريق الفني المشكل من قبل الوزارة بزيارة الحقول وتقييمها وانتقاء الحقول الجيدة الخالية من الغريبة (الخلط) وذات الصفات الوراثية الجيدة بكل صنف، كما تقوم الوزارة بالإشراف على الحقول عند الزراعة وحتى مرحلة الحصاد من قبل الفنيين بالدوائر في كل محافظة وتقدم الدعم المجاني للحصاد بآلات الحصاد والتذرية (الكمباين أو آلة الدوس المقطورة بالحراثة)، وتقوم أيضا بشراء المنتج من الحقول النظيفة والجيدة بسعر 600 ريال للطن ليتم توزيعه على المزارعين بالمجان لزراعته في الموسم القادم، وهذا يتم سنويا لضمان جودة الحبوب المزروعة في حقول المواطنين.
إرث زراعي
من جهته قال المهندس سليمان بن عبدالله العلوي مدير دائرة التنمية الزراعية بنزوى عن حصاد محصول القمح بولاية نزوى: إن المزارع العماني بولاية نزوى شمر عن ساعديه ليحرث الأرض ويقسمها إلى جلب ويزرع محصول القمح بنثر الحبوب في الأرض فيرويها بالمياه المتدفقة وفق أنظمة الري الحديثة، وسط موسم متميز وبعد غيث منهمر وتدفق مياه الأودية، فحصد محصولا وفيرا استبشر به الجميع، بعد أربعة أشهر من العمل الزراعي المتواصل حتى أنبت الزرع فصار حبوبا وسنابل قمح جميلة المنظر، هكذا هو المزارع العماني يتواصل مع الإرث الزراعي حتى أصبحت زراعة محصول القمح بولاية نزوى من أهم المحاصيل التي يحرص على زراعتها سنويا، فالقمح بأصنافه المتعددة وجودته العالية ومذاقه اللذيذ لا يخلو منه بيت كل عماني حيث يصنع منه شتى أصناف الطعام المتنوعة، بينما أوراق المحصول غذاء للحيوان ومخلفات القمح سماد زراعي ذات جودة عالية.
تقاوي عالية الإنتاج
وقال في حديثه: إن هناك عوامل ساعدت على زيادة إنتاجية المحصول من أهمها الاهتمام المتواصل من قبل وزارة الزراعة والثروة السمكية عناية ورعاية بالمزارعين، حيث تقدم دائرة التنمية الزراعية بنزوى دعما متواصلا لهم، كما أدى هطول الأمطار في الفترة الأخيرة قبل موسم زراعة القمح إلى زيادة منسوب المياه مما شجع المزارعين على استغلال وزيادة مساحات القمح، فقد تم توزيع أصناف متنوعة من القمح للمزارعين ذات تقاوي عالية الإنتاج، وهي قمح صينين ووادي قريات 226 ووادي قريات 110، وتتميز هذه الأصناف بغزارة الإنتاج ومقاومة الآفات والأمراض وملوحة التربة، كما أنها قصيرة الساق وتمكث في الأرض مدة قصيرة لا تتجاوز ثلاثة أشهر ونصف الشهر، كما تمت زراعة أصناف محلية وهي كولي والشعير.
وتقدر إنتاجية هذا العام 150 طنا تمت زراعتها على مساحة تقدر 105 أفدنة، وتقوم دائرة التنمية الزراعية بنزوى بتقديم خدمات الدعم والإشراف على عملية حصاد المحصول بتوفير الآلات والمعدات التي تساعد المزارعين على جني وحصاد محصولهم، كما تقوم وزارة الزراعة والثروة السمكية بشراء القمح للإكثار ونشر التقاوي المحسنة من المزارعين عن طريق لجنة تم تشكيلها من المختصين لمعاينة ومتابعة محصول القمح بالمزرعة منذ مرحلة النضج وحتى الحصاد، لضمان إنتاجية وفيرة وزيادة رقعة وغلة المحصول.
العائلة النجيلية
وقال المهندس شيخان بن ناصر العبري مدير دائرة التنمية الزراعية بوادي قريات: إن محصول القمح يعد من المحاصيل الرئيسية التي تزرع على مستوى القرى التابعة لدائرة التنمية الزراعية بوادي قريات، فالقمح من المحاصيل التي تنتمي إلى العائلة النجيلية كما يعد من المحاصيل الاستراتيجية الغذائية. وكان المزارع العماني في قديم الزمان يعتمد في زراعته على الأصناف المحلية وهي مجموعة من الأصناف التي كانت وما زالت تزرع في مساحات متناثرة ومختلفة لدى عدد لا بأس به من المزارعين، وتتميز هذه الأصناف بملاءمتها للظروف المناخية المحلية إلا أنه يعاب عليها انخفاض الإنتاجية وقابليتها الشديدة للإصابة بالأمراض الفطرية، وهذه الأصناف هي سريعا، ميساني، حميرا، وليدي، كولا- كولي، جريدا، من هنا قامت البحوث الزراعية والتنمية الزراعية باستنباط أصناف من القمح والشعير من خلال برامج التربية والتحسين الوراثي في ارتفاع إنتاجيه هذه الأصناف وملاءمتها للنمو تحت الظروف المحلية المختلفة للقرى، حيث يتم إكثار تقاوي أصناف القمح لدى عدد من المزارعين المُجيدين من خلال تنفيذ البرنامج الإرشادي، كما أن هذه الأصناف تتميز بمقاومتها لعدد من الأمراض الفطرية التي تصيب أصناف القمح المحلية مثل التفحم والصدى وعيب الرقاد، ومن أهم الأصناف المحسنة صينين، وادي قريات 101 و110 و151 و226 و302 و308، كما أن هناك أصنافا من الشعير تمت زراعتها فمنها المحلية وأصناف محسنة ذات ستة صفوف وجماح 51 وجماح 98، وبلغت المساحة المزروعة بالقمح والشعير ما يقارب 250 فدانا بقرى وادي قريات والمعيلف واللثيلة ووادي الأعلى ووادي السافل والغشيبة ومختلف القرى التي تشرف عليها دائرة التنمية الزراعية بوادي قريات.
زيادة معدلات الإنتاج
وأشار المهندس شيخان العبري إلى أن من أسباب زيادة المساحة المزروعة هي ارتفاع منسوب المياه ودور الإرشاد الزراعي بوصفه خدمة زراعية تعليمية هدفها رفع كفاءة المزارع، باتباع كافة الوسائل الإرشادية من زيارات حقلية وندوات موسعة ومصغرة وتنفيذ المحاضرات وحلقات النقاش وحلقات العمل واللقاءات الإرشادية، كلها عوامل ساعدت على توصيل المعلومة الفنية بطريقة مبسطة وأسلوب سلس للمزارعين، مما أدى إلى زيادة معدلات الإنتاج، كما أن توفير الميكنة الزراعية ساعد على تنفيذ عمليات تجهيز الأرض قبل الزراعة وكذلك الحصاد، وتم إدخال تقنية حديثة ذاتية العمل مثل آلة الحصاد «الكمباين» تعمل على جز المحصول ودراسته وتذريته، مما سهل على المزارع في استقبال الإنتاج وتعبئته بأقل تكلفة، إلى جانب استخدام أنظمة الري الحديثة لها دور مهم في ترشيد استخدام مياه الري وزيادة الرقعة الزراعية من المحصول، واتباع برنامج مكافحة الآفات الزراعية المختلفة التي تصيب القمح، كل ذلك أدى إلى زيادة إنتاجية الفدان الواحد من طن واحد إلى ما يقارب طنين «2 طن».
تجربة ناجحة
وفي قرية الغشيبة بولاية بهلا جرت عملية حصاد محصول القمح خلال الأيام الماضية، وسط نتائج مبشرة بحصاد وفير لمحصول هذا العام، وذلك نتيجة الاهتمام المتواصل في زراعة المحصول والعمليات الزراعية المصاحبة المستخدمة فيها الوسائل الحديثة من حيث إعداد الأرض للزراعة، واستخدام وسائل الري الحديثة، وكذلك حصاد المحصول بالميكنة الآلية التي تساعد على تقليل الفاقد واختصار الوقت المحدد لموعد الحصاد، وغيرها من العوامل المساعدة والتي نتعرف عليها من خلال اللقاء الذي أجراه «$ الاقتصادي» مع عبدالرحمن بن أحمد بن حماد العبري حيث يقول: اجتمعنا أنا والأولاد ذات يوم فقررنا زراعة محصول القمح للمرة الأولى قبل عدة سنوات، وعندما نجحت التجربة وبعد النتائج الطيبة التي حققها المحصول تمت زراعته مرة أخرى، وعند زيارة دائرة التنمية الزراعية بوادي قريات أفادنا المهندس مدير الدائرة بأن صنف وادي قريات 110 يعد هو الأفضل، ومن ثم قام بتزويدنا بكمية جيدة من القمح عالي الجودة لزراعته، إلى جانب ذلك قمت بشراء كمية إضافية تفي بالمساحة التي خصصناها لزراعة المحصول، وفي عام 2012م وصلت كمية الإنتاج إلى 550 جونية سعة كل جونية 50 كيلوجراما، وفي العام الماضي 2013م قررنا زراعة المحصول في مساحة 30 فدانا بزيادة 10 أفدنة عن عام 2012م، وكانت إنتاجية المحصول 880 جونية سعة كل جونية 50 كيلوجراما، وفي هذا العام تمت زراعة المحصول في مساحة مماثلة 30 فدانا باستخدام البذور المنتجة من المزرعة، والنتائج تبشر بمحصول وفير.
وقال: إن التوسع في زراعة محصول القمح جاء نتيجة عدة عوامل مهمة من بينها تحسن منسوب المياه الجوفية، والدعم المتواصل من قبل دائرة التنمية الزراعية بوادي قريات من خلال توفير آلات الحصاد، إلى جانب خلو المحصول من الأوبئة ما ساعده على زيادة الإنتاج، كذلك زيادة الإقبال عليه من المستهلكين من خلال تسويقه بصورة جيدة محليا وخارجيا.
وأشار عبدالرحمن العبري إلى أن الاهتمام بالقطاع الزراعي لم يقتصر على زراعة القمح فحسب، بل تم تخصيص مساحات أخرى لزراعة محاصيل متنوعة، منها زراعة قصب السكر في مساحة 5 أفدنة، والبرسيم بمساحة 4 أفدنة، وحشائش أعلاف الثروة الحيوانية في مساحة فدانين، إلى جانب زراعة الثوم والبصل بكمية جيدة، لتكون الزراعة أحد جوانب الاهتمام المتواصل لدينا، كي تبقى الزراعة مصدر دخل جيد للمزارعين، داعيا الشباب العماني إلى اقتفاء سيرة آبائهم وأجدادهم في الاهتمام بالقطاع الزراعي وخاصة المحاصيل الموسمية، والاستفادة من الإمكانات المتاحة.
إنتاج وفير
وقال أحمد بن عبدالله بن زهران العدوي: إن زراعة القمح شهدت توسعا في المساحات المزروعة نظرا للإنتاج الوفير الذي حققه المحصول في السنوات الماضية حيث تقدر إنتاجية الفدان ما بين طن ونصف الطن إلى طنين، كما أن استخدام وسائل حديثة ساعد على زيادة الإنتاجية وتقليل الفاقد خلال عمليات الحصاد، ومن بينها استخدام الميكنة الآلية ونظام الري الحديث، مع وجود تقاوي لأصناف البذور المحسنة التي تتحمل ظروف الطقس وذات إنتاجية أعلى، إلى جانب الإقبال المتزايد عليه من قبل المستهلكين سواء للاستهلاك المحلي أو التسويق إلى الدول المجاورة وخاصة عند زيادة الإنتاجية بما يفوق قدرة السوق المحلي على استيعابه وفق أسعار جيدة، وجاء موسم هذا العام بشكل أفضل بعد زيادة منسوب المياه الجوفية وخلو المحصول من الآفات الضارة.
الأصناف عالية الإنتاجية
هذا وقد أوصت وزارة الزراعة والثروة السمكية بضرورة الاهتمام بزراعة محصول القمح من خلال تقليل تكاليف الإنتاج عن طريق تطويع التكنولوجيا المناسبة لزراعة وإنتاج وحصاد القمح، وتحسين نوعية بنشر زراعة الأصناف المحسنة العالية الإنتاجية عن طريق إنتاجها تحت الإشراف المباشر للأجهزة الفنية المختصة، والتوسع في نشر ميكنة العمليات الزراعية.