حينما أخطط للفشل

هل صحيح أن الكثير منا هم ضحايا مجتمعاتهم، وبيئاتهم؟ هل من المنطقي أن نردد أن ما يحدث لنا هو بسبب المجتمع؟ هل سبق وأن توارد في خاطرك، أن مصيرك الفشل؛ لأن البيئة التي نشأت فيها لا ترقى لطموحك؟ كم مرة شعرت أنك لم تعش أبدا كما خططت؟! وأنك تسلك طريقًا رَسمهُ لك الآخرون ولا يمكنك أن تتخطاه. فهناك من يفرض عليك أن تتبع خطى أبيك أو أخيك. ما الذي تشعر به؟! أنت مستسلم وتائه، وتشعر بالضعف والخذلان لأنك نشأت هناك؟! كم مرة رددت: أنا جزء لا يتجزأ من هذا المجتمع ولا أستطيع أن أطير خارج السرب! لا أحد يستسيغ أفكاري ولا أحد يقدّرني.


يقول الله تعالى: (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم). نص صريح بأن التغيير يبدأ من الداخل لمن يريد الأفضل، وليس هناك عذرٌ لمن ينتظر حدوث المعجزات. إن أسوأ ما يمكن أن يفعله المرء تجاه طموحاته هو أن ينافق نفسه، كما أن من أكثر الأشياء سهولة وراحة للنفس –الكسولة- اختلاق الحجج وسوق الأعذار بهدف تبرير الفشل. بل إن من الناس من تمادى به الوضع إلى الحالة المرضية وصار يتوهم أنه يتعرض لمؤامرة كونية من قبل أهل الأرض جميعًا. وقد لا يكتفي بذلك فيتجرأ على رب العباد، ليقول: (الله لم يرزقني).


سبحان الله! هناك آلاف الأمثلة حولنا كافية كدلالة واضحة لأن تفضح تواكلنا وكسلنا. لنمر على قصص بعض الناجحين، ولنقترح بعض الأسماء، أمثال: إبراهيم الفقيه، ابراهام لنكولن، إيفا بيرون وكاثرين كوكسن، ومانديلا والقائمة لا شك تطول. لا أقول إن علينا أن نكون نسخة منهم. ولكن فلنتأمل كيف جعلوا من حياتهم نجاحا، وكيف حولوا العوائق والتحديات إلى نقاط قوة! لنقول في النهاية: كم هم رائعون!


انظر من حولك، ستجد أن الكثير من النجاحات جاءت من رحم المعاناة والألم، تهميش أو قسوة، فقر أو ذل، عجز أو مرض، وهناك من اكتفى فاستمع لها؛ ليتسلى وكأنه يقرأ حكايات قبل النوم، بينما هناك من قرأها لينجح، ويتعلم من تجارب غيره، فيكون نموذجًا إيجابيًا يُقتدى به. إن فصول السنة، باختلافها، تلد لنا في كل موسم، حكاية، وتجربة. كما أن الرياح التي تمر علينا هنا، قد كانت إعصارا في مكان آخر. إن العقبات نفسها تعلم الإنسان تخطي الصعوبات وتجاوزها، هي طريقةٌ تعلم الإنسان، أن اجمع الحجر الذي يعيق مسيرك وابنِ به سلما للنجاح.

لا تنسَ أن الإنسان الذي يريد النجاح، عليه أن يتوقف في البداية عن اللوم، ويبتعد عن اختلاق الأعذار والمبررات، وبكل تأكيد الحرص على عدم التسويف.


استيقظ، وردد قوله تعالى: (ألم تك أرض الله واسعة لتهاجروا فيها)، خذ بالأسباب وتوكل على الله، فالمرء في نهاية المطاف سيحاسب عن عمله، ف(لا تزر وازرة وزر أخرى)، دع عنك التّهم، فلا أراك إلا وأنت تمشي وتتكلم وتسمع وترى، أبعد هذا، كله، مازلت تخطط لتفشل؟!


زهرة بنت سعيد القايدية