د. سليمان الحسيني لـشرفات : « الحملات التنصيرية إلى عمان» مكتمل وآمل في طبعة ثالثة

لم يبق من آثار مقر الإرسالية التنصيرية الأمريكية في مدينة مطرح إلا تلك المروحة الشهيرة، التي كانت تستخدم لاستخراج الماء من البئر، وفي مكان المستشفى الذي عمل فيه الطبيب الأمريكي الشهير وليز توماس، أو كما يسميه العمانيون: (الطبيب طومس) شيد


1397303625979631400أجرى الحوار: محمد الحضرمي -

مستشفى حديثا، لقد انتهى زمن الإرسالية بدخول عام 1970م، وعاد ويلز توماس إلى أمريكا في العام ذاته، ليلقى حتفه فيها، متأثرا بمرض السرطان، تاريخ يتناثر في صفحات الذاكرة، عن هذا الطبيب الذي امتزج بحياة الناس، حتى أنه أجرى بنجاح عملية جراحية لعين الإمام محمد بن عبدالله الخليلي، ومع معرفة الناس به أنه نصراني، إلا أن التسامح الديني هو السلوك الذي لزمه العمانيون مع طومس ووالده من قبله، وبقية من عمل في الإرسالية خلال ما يقرب من 80 عاما، وهي الفترة الممتدة من 1893 إلى 1970م.

ومع ذلك ظل تاريخ الإرسالية الأمريكية مجرد حكايات راسخة في الأذهان، ويتناقلها الناس بغير وعي ولا معرفة بالتاريخ الحقيقي لوجودهم في مسقط ومطرح، إلى أن جاء الباحث العماني الدكتور سليمان بن سالم بن ناصر الحسيني، ليشمر عن ساعد الجد، ويبدأ في قراءة هذا التاريخ المجهول، ويتعرف على نشاط الإرسالية الأمريكية في عمان وبقية دول الخليج العربي، من خلال ما كتبه ودوَّنه الإرساليون بأنفسهم، في تقاريرهم، ومذكراتهم وكتبهم، واستطاع الحسيني أن يلم بكل تفاصيل الحكاية، ليخرج للساحة الثقافية كتابا يعد اليوم مرجعا في مادته، وهو كتاب (تاريخ الحملات التنصيرية إلى عمان والعلاقة المعاصرة بين النصرانية والإسلام)، صدرت الطبعة الثانية من الكتاب عن جامعة نزوى، وألفه بجهد شخصي وليست رسالة أكاديمية، من أجل ذلك التقى (شرفات) بهذا الباحث، للحديث عن هذه الحكاية الشيقة، حكاية الإرسالية التنصيرية في عمان، والطبيب طومس، وموقف العمانيين منهم، والتعايش السلمي والتسامح الذي ساد خلال فترة وجودهم بين مسقط ومطرح.

يحمل الدكتور سليمان بن سالم الحسيني شهادة دكتوراة في التربية، تخصص لغة إنجليزية، حيث حصل عليها من جامعة ليدز البريطانية في عام 2004م، ويعمل حاليا باحثا متفرغا في جامعة نزوى، فمع تفاصيل الحوار حول كتابه:


حدثنا عن نشوء فكرة تأليف كتابك الموسوم بـ(تاريخ الحملات التنصيرية إلى عمان والعلاقة المعاصرة بين النصرانية والإسلام)، وكيف أعددت بحثك له؟

كنت كغيري من أبناء هذا الوطن أسمع عن التنصير في عمان، وعن (الطبيب طومس) في مسقط، وأنه توجد كنيسة في مدينة روي، ومع هذه التشابكات نما في داخلي حب الاستطلاع، فأحببت أن أنمِّي معرفتي في هذا الجانب، وعندما كنت أقدم الماجستير في جامعة ليدز بلندن، كان أحد مساقاتي اختيارية، فاخترت الديانات، وقررت أن ألتحق بهذا الجانب، من باب أن أعرف أكثر عن الديانات، وكيف ينظر لها في الجامعات الغربية، وكانت اختبارات هذا المساق تقدم بالبحوث وليس بصورة أسئلة وأجوبة، فقررت أن يكون موضوع بحثي هو (الوجود المسيحي والنصراني في عمان)، كان بحثا محدودا، لأنه بحث مساق وليس بحثا موسعا، ولكن اهتماماتي البحثية بفكرة التنصير بدأت بعد ذلك، فرأيت أن أتوسع في البحث عن هذا الموضوع، واستفدت من وجودي في (المملكة المتحدة) حين كنت أعمل على دراسة الدكتوراة، كنت أعمل على موضوعين بالتوازي، رسالتي للدكتوراة، والحملات التنصيرية إلى عمان، إذ إن وجودي في المملكة المتحدة أتاح لي الحصول على المراجع والمصادر من مختلف الجهات البحثية والجامعات، تلك المراجع التي كتبها المنصِّرون بأنفسهم، بعضها كانت موجودة في مكتبة جامعة ليدز التي أدرس فيها، وبعضها لم تكن موجودة، وكان كل مرجع يعرفني بمرجع آخر، فاضطررت أن أستعيرها باسم الجامعة، وهي مراجع موجودة في أمريكا وليس في المملكة المتحدة، لأن الإرساليات التنصيرية إلى (عمان ومنطقة الخليج العربي) كانت أمريكية، فكثير من مراجعهم موجودة في أمريكا، فصرت آخذها عن طريق الإعارة، ثم تعاد إلى أمريكا مرة ثانية، وكذلك استعنت بشبكة الإنترنت للحصول على الكتب المتعلقة بهذا الموضع، وهي كتب نادرة، فاشتريتها بأسعار مرتفعة، وكنت أبحث كثيرا عن أي كتاب له علاقة بفكرة التنصير في عمان والدول العربية، وحصلت على مراجع كثيرة في هذا الجانب.


هل اعتمدت على مراجع أوروبية أم عربية في كتابتك عن تاريخ الحملات التنصيرية؟

الميزة التي أراها في كتابي (تاريخ الحملات التنصيرية إلى عمان، والعلاقة المعاصرة بين النصرانية والإسلام) أنه يعتمد على مراجع أولوية، تلك التي كتبها المنصِّرون أنفسهم، وتحدثوا فيها عن دورهم التنصيري في عمان، ومن أهم المراجع التي استندت إليها، هي الدورية التي كانت تصدرها الإرسالية العربية الأمريكية، بعنوان (الجزيرة العربية المهجورة)، وهي دورية تصدر في العام أربع مرات، تتضمن تقارير دورية، تصدر أربع مرات في السنة، تصدرها مراكز الإرسالية الأربعة التي أنشئت في الخليج، وهي في مسقط، والبحرين والبصرة والعمارة في العراق، واختاروا هذا العنوان لأنهم يقولون: إن الجزيرة العربية هجرها الإرساليون، وأن المنصِّرين الغربيين، لم يأتوا إليها، وكانوا يشدون الانتباه إليها، ثم تغير عنوانها بعد ذلك إلى (نداء الجزيرة العربية)، لأنها لم تعد مهجورة، وهو عنوان كما أراه ألطف وأرشق بكثير من العنوان السابق.


متى وصلت الإرسالية التنصيرية إلى عمان، وما هي طبيعة أعمالها؟

بحسب تصنيفي لها، فقد بدأت مرحلتها الأولى من عام (1811 إلى 1893م)، والثانية من عام (1893 إلى 1970م)، كانت المرحلة الأولى مجرد زيارات تمهيدية لاستكشاف المكان، ومحاولات تنصيرية أولية، هيأت الأرضية لشروع الإرسالية العربية في نشاطها التنصيري.

أما الثانية فقد توطنت بتأسيس مقر ثابت للإرسالية التنصيرية في مسقط، واستمر العمل فيها حتى عام 1970م، وهي مرحلة واضحة المعالم، ومع تولي صاحب الجلالة الحكم، بعث برسالة بتاريخ 15 أغسطس 1970، إلى مقر الإرسالية العربية في مسقط، يعلن لهم فيها عن شكره للخدمات الصحية التي قاموا بها، وأن الخدمات الصحية في عمان ستتولاها الحكومة، ويطلب منهم أن يضموا جهودهم إلى جهود الحكومة، وكذلك منعهم من التنصير في عمان، وهذه أول مرة يقال لهم فيها: إن التنصير في عمان ممنوع.


الدعوة إلى تنصير العرب


كيف تحقق دخول الحملات التنصيرية في عمان؟

بداية أحب أن أعطي توطئة تمهد لدخول الإرساليات في دول الخليج العربية، ففي عام 1811م، جاء أحد القساوسة الإنجليز، واسمه هنري مارتن، وكان يعمل في الهند، لزيارة مسقط، كانت زيارة عابرة استمرت خمسة أيام فقط، وكان مارتن نشطا في مجال التنصير، حيث ترجم الإنجيل إلى اللغات المستخدمة في المنطقة، بما فيها اللغة الفارسية، وبعث بتلك النسخة إلى فارس، فعلم أن لغتها ركيكة، وقرر أن يذهب إلى فارس ليتعرف على المستوى اللغوي، وأثناء رحلة السفينة من الهند إلى فارس، كانت قد توقفت في مسقط، وبعث برسالة يصف فيها الوضع القائم، وقال فيها عبارة حساسة جدا، وهي: (إنني لم أجد فيما شاهدته في شبه الجزيرة العربية، ما ينطبق عليها بوصف البلاد السعيدة، إلا جبال قاحلة فقط)، – وكان يتحدث عن جبال مسقط -(لكني على ثقة أنه يوجد وعد مدَّخر لبني يقطان، أن أرضهم ستكون يوما مباركة بحق)، وبني يقطان هم العرب أنفسهم، بحسب ما ورد عنهم في التوراة.

هذه العبارة التي بعث بها هنري مارتن وجدت صدى عند الإرسالية التبشيرية الأمريكية، وتداولها صامويل زويمر، وكتب عنها كثيرا، لأنه كان يريد أن يستنفر جهود المنصرين في الجزيرة العربية، حيث قال: (لا يوجد أي جهد تنصيري في الجزيرة العربية، إلا ما قام به هنري مارتن من جهد)، وفي عام 1885م قام فلكس هيج، وكان يعمل في البحرية البريطانية، ويمر بالبحر الأحمر، ورغم أنه عسكري إلا أنه كان مشبعا بالروح التنصيرية، حيث كتب تقريرا نُشِر في بريطانيا وأمريكا، يدعو فيه إلى تنصير شبه الجزيرة العربية، وبناء على تقريره كلفته إحدى المؤسسات التنصيرية الغربية، بأن يقوم بزيارة ميدانية إلى الجزيرة العربية، يتعرف فيها على فرص إنشاء مؤسسات تنصيرية تستهدف عمان وشبه الجزيرة العربية، فقام بهذه الجولة في عام 1886م، و1887م.


هل كان لإنشاء الإرسالية في مسقط أهداف تنصيرية أخرى خارج عمان؟

كانت لهم أهداف لتنصير إفريقيا، في عام 1886م جاء إلى عمان، والتقى بالسلطان تركي بن سعيد، وقام بجولة من مسقط إلى سمائل، للتعرف على المستوى الديني والعلمي والثقافي في المجتمع، وكتب تقريرا انتشر في بريطانيا وأمريكا، يدعو فيه إلى ضرورة إنشاء مركز إرسالي تنصيري في عُمان.

من جانب آخر يوجد منصِّر بريطاني اسمه (الكسندر ماكاي)، كان قائد حملة تنصيرية إلى إفريقيا، في تلك الفترة، أي في عام 1888م، كان العمانيون متغلغلون في شرق إفريقيا، فلما وصل الأوروبيون، لم تكن الأرضية مهيأة لهم، لنشر الدين المسيحي في شرق إفريقيا، فوجد نفورا من قبل أفراد المجتمع، وبعث من أوغندا إلى أوروبا تقريرا يدعو فيه إلى إنشاء مركز تنصيري في مسقط، ويعتَبِر (الكسندر ماكاي) أن إنشاء هذه المركز في مسقط مفتاح لوصول المنصِّرين إلى إفريقيا.

وبناء على هذا التقرير، وتقرير هيج السابق الذي كتبه 1887م، وجد صدى بطريقتين، أولهما أن ثمة منصِّرا بريطانيا اسمه (توماس فالبي فرنش)، وكان قسيسا في الهند، تخرَّج في جامعة اكسفورد، ويتحدث سبع لغات، فلما أن قرأ التقرير تحمس إلى إقامة الإرسالية في مسقط، ولكنه جاء بصورة فردية، وبدأ مشروعه في عمان في 1891م، ومعه زميل له مرافق، وكان الرجل متقدما في السن، ولم يكن لديه مقدرة أن يقوم بتأسيس إرسالية، وحينها قام ببعض الجهود في مطرح ومسقط والقرى وما حولها، وحاول أن يصل إلى الجبل الأخضر، فاستقل قاربا ليقلَّه من مسقط إلى السيب، لكنه أصيب بضربة شمس، وعاد من جديد إلى مسقط، وفيها توفي، إن أول إرسالية أنشئت في مسقط كانت في عام 1893م، ثم انتقلت بعد ذلك إلى مطرح، وانتهت في عام 1970م.


هل أسفرت حملات التنصير في عمان إلى دخول عمانيين في الدين المسيحي؟

المتتبع لما كتبه المنصِّرون إلى عام 1970، لن يجد أحدا من العمانيين قد دخل في الدين المسيحي، رغم حضورهم الكبير في الوسط الاجتماعي، لا توجد ثمرة للجهود التنصيرية، وحتى من أدعوا أنه تنصَّر من العاملين منهم أو المهاجرين المستوطنين داخل مسقط، عادوا إلى الدين الإسلامي بعد انقطاع علاقتهم بالمنصرين.


ألم يحدث العكس، أي أن يدخل أحد المنصرين الدين الإسلامي، متأثرا بسلوك الإنسان المسلم في عمان؟

على حسب ما تتبعت من مصادرهم، لم أجد أحدا منهم دخل الإسلامي، رغم أنهم أشادوا بثقافة المجتمع، وتحدثوا عن التسامح الديني، وكتبوا كلاما طيبا عن الإمام محمد بن عبدالله الخليلي (ت: 1954م)، من حيث سياسته والأمن والأمان، والعدالة الاجتماعية، الخ.


بين التبشير والتنصير


بحاجة إلى تفصيل أدق في المصطلح والمفهوم، هل هي حملات تنصيرية أم تبشيرية؟

التبشيرية كلمة عربية، وكذلك التنصيرية، هم يقولون إنهم يبشرون بالمملكة القادمة للمسيح، وأنه سيعود إلى الأرض، فهم يبشرون بالمقدم الثاني للمسيح، ونحن نستخدم كلمة التنصير باعتبار ورودها في القرآن الكريم، حيث وصفهم بأنهم نصارى، وهذا ليس من باب الانتقاص، لسببين، أولا لأن القرآن الكريم قال عنهم: إنهم هم أنفسهم سموا أنفسهم نصارى، (الذين قالوا إنا نصارى)، وكذلك ورد في القرآن الكريم: (يا أيها الذين آمنوا كونوا أنصار الله كما قال عيسى ابن مريم للحواريين من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله)، فكلمة نصارى ليس انتقاصا في حقهم.


برأيك، لماذا وافقت الحكومة العمانية في عهد السلطان فيصل بن تركي، على إنشاء أول إرسالية تنصيرية في مسقط، ولماذا وافق العلماء؟ أم أن إنشاءها كان في الخفاء؟

هذا السؤال له شقان، سياسي ويتعلق بحكومة فيصل بن تركي، وديني ويتعلق بعلماء وفقهاء عمان في تلك الفترة، وهذا السؤال يدار أمامي كثيرا، وبحسب ما تذكر المصادر، فإن الإرساليين لما جاءوا إلى مسقط، وحاولوا تأسيس مستشفى في مطرح في عام 1909م، على يد شارون توماس، حاول السلطان منعه، لكن شارون استند إلى الاتفاقيات والمعاهدات بين مسقط وأمريكا، قال له: إنني مواطن أمريكي، وبيننا وبينكم معاهدات تسمح لي بالعمل في عمان، باعتباري أمريكيا، فقانونيا لا يستطيع منعه، فتصاعدت الرسائل بين المقيم الأمريكي والسلطان، وفي النهاية تراجع السلطان ورضخ إلى مطلبه، بسبب غياب دولة المؤسسات في عمان، ولم يكن لدى السلطان وزارة خارجية ولا قانونيين، بينما المنصِّرون هم نتاج دولة تعرف القوانين وتطبق المعاهدات.

من هم بالضبط الذين أسسوا الإرسالية التنصيرية في مسقط؟

هو بيتر زويمر، الأخ الأصغر لصمويل زويمر، وذلك في عام 1893م، جاء من أمريكا في 1893م، واستمر يعمل في مقر الإرسالية بمسقط، ثم بعد ذلك عاد إلى أمريكا، ثم تولى إدارة الإرسالية جيمس كانتاين، والنشاط الطبي بدأ في مسقط، وكانت زوجة جيمس كانتاين واسمها اليزابيث، بدأت بتقديم خدمات طبية للمواطنين في منزلها، ثم أسسوا مستشفى في مطرح، أما شارون توماس، فكان يعمل في البصرة، وأتى إلى مسقط بأمر عاجل، وأسس فيها مستشفى، لكنه توفي، حيث سقط أثناء محاولته لمد خط سلكي، ودفن في مسقط عام 1913م، وكان معه ولده ويلز توماس، ثم رجعت الأسرة إلى أمريكا، وبعد أن درس ويلز الطب عاد مرة إلى عمان، ومكث فيها طبيبا مشهورا بين الناس.


الطبيب طومس مات بالسرطان


من هو الطبيب الذي عالج الإمام محمد بن عبدالله الخليلي وأجرى له عملية جراحية في عينه؟

هو ذاته ويلز توماس، ابن شارون توماس، فبعد أن درس الطب، عاد مرة ثانية إلى عمان في الثلاثينات، وعلى يديه توسَّع عمل المستشفى، ناهجا منهج والده، وبقي في مطرح حتى عام 1970م، وبدخول هذا العام تنتهي علاقته بعمان، بالحياة كلها، حيث عاد عودته الأخيرة إلى أمريكا، وتوفي مباشرة في أمريكا في شهر أكتوبر 1970م، حيث أصيب بالسرطان.

هل يمكن القول إن كتابك (تاريخ الحملات التنصيرية إلى عمان) مكتمل الفصول والأبواب، أم ثمة إضافات قادمة؟

نعم مكتمل، وآمل في طبعته الثالثة القادمة، أن أضيف له ما قاله العمانيون الذين عملوا مع الإرسالية، أو الذين درسوا على أيديهم، أو من يتذكرهم، حيث تعرَّفت على بعضهم، وقدموا لي اعترافات مهمة، وكانوا مترددين، ولكنهم وافقوا بعد ذلك، وأنا في هذا الكتاب لا أحاكم أحدا، بل أوثق مرحلة زمنية، عاش فيها الإرساليون بيننا. التاريخ يجب أن يدوَّن، وإن لم ندونه فسيغيب، وكل أمة لا تدون تاريخيها فكأنها منفصلة عن الماضي.


تسامح وحوار هادئ


ما هو موقف علماء الدين من وجود الحملات التنصيرية في مسقط ومطرح؟

ردود الفعل كتبها المنصِّرون أنفسهم، المجتمع سمح لهم أن يعيشوا بينهم، لكن المجتمع لم يتقبل أفكارهم النصرانية، فكانوا عندما يذهبون إلى قرية ما، ويحاولون تعريف الناس بالدين المسيحي، يجدون الناس قادرين على مناقشتهم، وذلك النقاش يتم في سياق حواري هادئ، المجتمع لم يتقبل أفكارهم، ومع ذلك لكن لم تحدث ثورات حقيقية ضدهم.


هل بحثت عن فكرة التبشير المسيحي في فتاوى العلماء، كنور الدين السالمي وتلامذته، وهل ذكروا بضرورة مقاومة التبشير؟

بأمانة لم أبحث بتقص دقيق، منهجية الكتاب تناقش ما كتبه المنصِّرون أنفسهم، وهذا جهد آخر، يجب أن يقوم به باحث آخر، لكن الكتب المشهورة في هذا الجانب هو كتاب نور الدين السالمى (بذل المجهود)، الذي رد فيه على النصارى، ولكنه موجه إلى سلاطين زنجبار.


لماذا وجه نور الدين السالمي كتابه إلى سلاطين زنجبار، فيما كانت الإرسالية تعمل في مسقط ومطرح؟

يبدو أن فقهاءنا كانوا منفتحين كثيرا على ما يحدث في زنجبار، أما مسقط ومطرح، فلا يعرفون ما يحدث فيهما بالتفصيل، لقد عرفوا بالجهود التنصيرية التي تحدث في شرق إفريقيا، ولم يعرفوا عما يحدث في مطرح، يبدو أن الشيخ نور الدين السالمي لم يكن على معرفة بوجود المنصِّرين في مسقط أو بأهدافهم.