الرئيس الأوكراني يوقع العفو عن المتظاهرين ويلغي قوانين الحد من التظاهر

كيري يلتقي بالمعارضة وموسكو تصف اللقاء بـ «السيرك» -

كييف- جنيف – (رويترز) – (أ ف ب) : وقع الرئيس الاوكراني فيكتور يانوكوفيتش امس القانون الذي ينص على العفو عن المتظاهرين المعتقلين وكذلك الغاء تعديلات اقرت في يناير وتسمح فعليا بقمع اي شكل من التظاهرات.

وكان البرلمان صوت على هذه النصوص التي تشكل تنازلات للمعارضة التي تتظاهر منذ شهرين، لكنه ارفقه بطلب اخلاء الاماكن العامة والمباني التي يحتلها المحتجون، خلال 15 يوما. ورفضت المعارضة ذلك.

وهذا العفو الذي طالبت به المعارضة لعشرات المتظاهرين الموقوفين شكل نقطة محورية من اجل حل الازمة السياسية لكن لم تصوت عليها المعارضة النيابية بسبب الشروط المرفقة بتطبيقه.

وينص القانون على ضرورة اخلاء الشوارع والساحات “باستثناء تلك التي تشهد تحركات سلمية”.

بالتالي هذا يستثني ميدان التحرير في كييف الذي بات موقعا رمزيا للاحتجاجات وحيث يعتصم المتظاهرون ليلا نهارا بعد ان نصبوا الخيم والمواقد والحواجز المرتفعة.

كما ينبغي اخلاء مبنى بلدية كييف ومقار الادارات الاقليمية في عدد من المحافظات، وعلى الاخص في غرب اوكرانيا القومي.

واوضح المساعد الاول لمدير الادارة الرئاسية الاوكرانية اندري بورتنوف انه يمكن للناس التجمع في ميدان التحرير “للاحتجاج سلميا”.

ويشدد القانون على ضرورة استيفاء الشروط “في مهلة قصوى من 15 يوما بعد سريان القانون”.

من جهته، دعا الجيش الاوكراني الرئيس فيكتور يانوكوفيتش امس الى اتخاذ “تدابير عاجلة لارساء الاستقرار” في أوكرانيا، مثيرا بذلك مخاوف بعد خروجه عن صمته في اوج ازمة سياسية تشهدها أوكرانيا بعد اكثر من شهرين من حركة احتجاجية لا سابق لها.

وكان العسكريون اكدوا من قبل انهم لن يتدخلوا في هذه الازمة التي تسبب انقساما في أوكرانيا، ويرى بعض المحللين انها يمكن ان تؤدي الى حرب اهلية.

تأتي هذه التطورات الجديدة بينما تشهد هذه الجمهورية السوفييتية السابقة مأزقا سياسيا تتبادل فيه السلطات والمعارضة الاتهامات بتسميم الوضع بينما اعلن ان الرئيس في “عطلة مرضية” منذ امس الاول.

وقال بيان نشر صباح امس على الموقع الالكتروني لوزارة الدفاع ان “العسكريين والموظفين في وزارة الدفاع دعوا القائد الاعلى للجيوش (رئيس الدولة) الى اتخاذ تدابير عاجلة في اطار القانون الحالي لارساء الاستقرار في أوكرانيا”.

واضاف البيان “ان العسكريين والموظفين (الاخرين) في وزارة الدفاع رأوا انه من غير المقبول شن هجمات على مبان عامة ومحاولات منع السلطات من القيام بمهامها خصوصا وان تصعيد حركة الاحتجاج يهدد وحدة اراضي” اوكرانيا.

ويواجه يانوكوفيتش حركة احتجاج غير مسبوقة منذ تخليه في نوفمبر عن توقيع اتفاق تبادل حر مع الاتحاد الاوروبي والتفاته الى روسيا.

وهو يلقى تأييد غالبية سكان شرق أوكرانيا وجنوبها الناطقين بالروسية بينما تلقى المعارضة دعم المناطق القومية الواقعة غرب أوكرانيا حيث يحتل المتظاهرون ادارات في عدد منها.

ولم يعرف ما هي الاجراءات التي يطالب بها الجيش مع رفض السلطات حتى الآن اعلان حالة الطوارئ.

وقال فاديم كاراسيف الذي يدير معهد الاستراتيجيات الدولية في كييف ان هذا البيان يبرهن على ولاء الجيش للرئيس لكنه “لا يعني انه سيتم تفريق المتظاهرين …او انه سيتم اعلان حالة الطوارئ”.

ومع تصاعد الوضع في أوكرانيا، يبدو ان الولايات المتحدة قررت وضع ثقلها في هذه القضية بعد الاوروبيين الذين قاموا بمهمات وساطة عديدة وادلوا بالكثير من التصريحات منذ شهرين.

ومع تصاعد الوضع في أوكرانيا، يبدو ان الولايات المتحدة قررت وضع ثقلها في هذه القضية بعد الاوروبيين الذين قاموا بمهمات وساطة عديدة وادلوا بالكثير من التصريحات منذ شهرين.

وفي مبادرة مهمة حيال معارضة، يلتقي وزير الخارجية الامريكي جون كيري اليوم في ميونيخ عددا من قادتها بينهم بطل الملاكمة السابق فيتالي كليتشكو الذي يقود احد احزاب المعارضة والمعارض السياسي ارسيني ياتسينيوك.

وسيضم وفد المعارضة ايضا النجمة الاوكرانية روسلانا الحائزة جائزة اليوروفيجن في 2004 والتي شجعت المتظاهرين في كييف من خلال اغانيها خلال الاسابيع الماضية.

ووصف نائب رئيس الوزراء الروسي ديمتري روغوزين امس اللقاء “بالسيرك”، وكتب على حسابه من شبكة تويتر “في ميونيخ سيتباحث الوزير الامريكي كيري حول الوضع في اوكرانيا مع الملاكم كليتشكو والمغنية روسلان، هذا سيرك”.

وفي السياق ذاته، طالب مكتب حقوق الانسان التابع للامم المتحدة الرئيس الاوكراني فيكتور يانوكوفيتش امس بانهاء تقييد حرية التعبير والتجمع وعمل منظمات المجتمع المدني الذي صدر به قانون في 16 يناير.

وقال روبرت كولفيل المتحدث باسم مفوضة الامم المتحدة السامية لحقوق الانسان نافي بيلاي في افادة صحفية في جنيف “روعتنا تقارير عن سقوط قتلى في الاونة الاخيرة في كييف والتي يجب التحقيق فيها بشكل مستفيض ومستقل، كما ندعو ايضا الى التحقيق في تقارير عن عمليات خطف وتعذيب”.

وفي الجانب الاوروبي، دعت المستشارة الالمانية انجيلا ميركل الرئيس يانوكوفيتش الى الانتقال من الاقوال الى الافعال، مشددة على ضرورة ان يوقع الغاء قوانين منع التظاهر.

وقالت في مؤتمر صحفي مع رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك في برلين “يجب الانتقال الآن من الاقوال الى الافعال”، في اشارة الى نص الغاء القوانين الذي اقره البرلمان.

وفي ساحة الاستقلال وسط كييف، تجمعت مجموعة من ناشطي المعارضة في درجة حرارة عشرين تحت الصفر ليتولوا “الحراسة”، وقال ميشا وهو رجل خمسيني يعمل في صناعة الخشب “سنبقى حتى الرضوخ الكامل للسلطة” ورحيل الرئيس يانوكوفيتش.

وكانت الحكومة الاوكرانية استقالت الثلاثاء الماضي تحت ضغط الشارع بينما الغيت القوانين التي تحد من التظاهرات وتم تبني قانون عفو عن المتظاهرين الذين اوقفوا، لكن المعارضين رفضوا الشرط الذي وضع لذلك وهو ان يغادروا المباني والشوارع التي قاموا باحتلالها خلال 15 يوما، ويشتبه هؤلاء بان يانوكوفيتش يريد كسب الوقت.

وكان المكتب الاعلامي للرئيس اعلن صباح امس الاول انه يعاني من “مرض حاد في الجهاز التنفسي”.

وفي بيان نشر بعد ساعات اتهم الرئيس المعارضة ب”تسميم الوضع” من خلال الدعوة الى الاستمرار في التظاهر “بسبب الطموحات السياسية لبعض قادتها”. من جهة اخرى، قال ابرز ثلاثة قادة في المعارضة فيتالي كليتشكو وارسيني ياتسينيوك واوليغ تياغنيبوك في بيان مشترك ان يانوكوفيتش انتهك الدستور، وقد اتهموه ب”ابتزاز” نواب حزبه حزب المناطق الحاكم ليصوتوا الاربعاء الماضي رغم تردد البعض، على قانون يمنح العفو للمتظاهرين الموقوفين. واخيرا، روى ناشط اوكراني معارض للرئيس فيكتور يانوكوفيتش خطف في 22 يناير وافرج عنه مساء امس الاول، انه تعرض للتعذيب لمدة اسبوع، في قضية رأت فيها المعارضة حالة جديدة من “الترهيب”.

وترك ديمتري بولاتوف (35 عاما) وهو اب لثلاثة اولاد فقد اثره منذ 22 يناير، في غابة في احدى ضواحي كييف بعدما احتجز في مكان مجهول وخضع للتعذيب لاكثر من اسبوع، ونجح في الوصول الى قرية وطلب المساعدة.

وعبرت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي عن استيائها من هذا الحادث، وقالت “اشعر بالاستياء من الدلائل الواضحة على تعذيب طويل ومعاملة وحشية تلقاها”.

وربطت بين هذه الحادثة ومقتل الناشط يوري فيربيتسكي الذي عثر على جثته الاربعاء الماضي وهي تحمل كما قالت عائلته اثار تعذيب.

وكان فيربيتسكي خطف الثلاثاء الماضي مع ناشط اخر هو ايغور لوتشينكو الذي تعرض للضرب وتركه خاطفوه في الغابة وقد نجح في الخروج منها حيا.