جابر بن زيد تمنى من الله ثلاثا فحققها له

طبقات المشايخ يروي قصص ومناقب 129 شخصية -

عبدالله بن أباض جامع الكلمة والعمدة فـي الاعتقادات -

عرض- سيف بن ناصر الخروصي -

مائة وتسع وعشرون شخصية من طبقات المشايخ في المغرب العربي في الفترة من القرن الأول الهجري والى القرن السادس الهجري عرضت سيرتهم ومناقبهم في أربعمائة وأربع عشرة صفحة من القطع المتوسطة في الجزء الثاني من كتاب طبقات المشايخ وقد عرضنا الجزء الأول في الأسبوع الماضي وهذا هو الجزء الثاني الذي تحدث فيه المؤلف عن هذه الطبقات جيلا بعد جيل وقدم فيه سيرهم ومناقبهم وفي أول صفحات هذا الجزء يقول المؤلف الشيخ أبو العباس أحمد بن سعيد الدرجيني: لقد قدمنا في الجزء الأول أن الطبقة الأولى هم أصحاب رسول الله وأن فضيلتهم أشهر، ومزاياهم وأسماءهم أظهر من أن تحتاج إلى تسميتهم، فأقول الآن: إن الصحابة رضوان الله عليهم تحصل من سيرهم وأخبارهم في الدواوين، ومن آثارهم محفوظًا في صدور الراوين، ما أغنى من تكلف تصنيف وانتحال تأليف، وحسبهم أن قال فيهم رسول الله: “لا يشقى من رآني”، وقوله عليه الصلاة السلام: “أفضل أمتي قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم” وأحاديث كثيرة من فضائلهم، فإذا ثبت هذا فاعلم أن من الصحابة من لا يخالفنا في تقدمهم مخالف، فقد امتلأت بذكر فضائلهم الصحائف، ومنهم من لم ينل حظًا من الإنصاف، عند كثير من أهل الخلاف، وهم معدودون عندنا في جملة أخيار الأسلاف، فلنذكر منهم من أمكن ذكره، ووجب علينا وإن عاب الغير شكره.


ولقد تناول المؤلف هذه الطبقات من القرن الأول الهجري الى القرن السادس الهجري ذكر في الطبقة الأولى من 1هـ الى 50هـ كلا من عبدالله بن وهب الراسبي الأزدي العماني، وحرقوص بن زهير السعدي والأحاديث المنتحلة فيه والرد عليها.

أما في الطبقة الثانية من ٥٠- ١٠٠ هـ فقد تطرق الى ذكر جابر بن زيد الازدي بحر العلوم العجاج وسراج التقوى.

وعبدالله بن اباض وابو بلال وعروة وعمران بن حطان وصحار العبدي وقريب بن مالك وزحاف والأحنف بن قيس وإياس بن معاوية.

وفي الطبقة الثالثة من100 هـ – ١5٠هـ تحدث عن أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة، كبير تلامذة جابر وضمام بن السائب وأبي مودود حاجب الطائي وأبي عبيدة عبدالله بن القاسم وأبي نوح صالح الدهان وأبي روح ومازن وأبي محمد النهدي وأبي يزيد الخوارزمي وعبدالله طالب الحق وأبي حمزة الشاري وأبي الحر علي بن حصين.

وفي الطبعة الرابعة من 150 هـ -200هـ تناول الربيع بن حبيب ووائل بن أيوب الحضرمي ومحبوب بن الرحيل العبدي وأبا غسان مخلد بن العمرد.

وفي الطبقة الخامسة من ٢٠٠ هـ -250هـ تحدث عن أبي عبيدة عبد الحميد الجناوني وأبي زكريا التكوتي وأبي مرداس مهاصر وأبي ميمون الجطالي وأبي المنيب محمد بن يانس وأبي خليل اليدركلي وأبان بن وسيم النفوسي وأبي مهاصر موسى بن جعفر وأبي عثمان المزاتي الدكمي ومهدي النفوسي وأبي مسور يصليتن وأبي محمد عبدالله بن الخير وأبي زكريا يحيى بن يونس.

وفي الطبقة السادسة من ٢٥٠ -٣٠٠ هـ تطرق الى الإمامين محمد بن أفلح وابنه وعمروس بن فتح والشيخ أبي معروف ويدران بن جواد وأبي منصور الياس والشيخ يعقوب بن سيلون السدارتي وأبي محمد ملي والشيخ سعد بن أبي يوسف والشيخين ياجرين وداود بن ياجرين.

وفي الطبقة السابعة من ٣٠٠هـ – ٣٥٠ هـ تحدث عن الشيخ أبي مسور يسجا بن يوجين اليراسني والشيخ حسنون بن أيوب وأبي الخطاب وسيل والشيخين أبي القاسم مخلد وأبي خزر يغلا وأبي صالح جنون بن يمريان والشيخ أبي محمد جمال المدوني وسليمان بن زرقون وسليمان بن ماطوس والشيخ أبي سهل الفارسي.

وفي الطبقة الثامنة من ٣٥٠هـ -٤٠٠ هـ تطرق إلى أبي نوح سعيد بن زنغيل وأبي صالح بكر بن قاسم وأبي زكريا فصيل بن أبي مسور وأبي عمرو النميلي وأبي موسى عيسى الزواغي وأبي نوح سعيد بن يخلف وأبي محمد واسلان بن يعقوب المزاتي وأبي صالح الياجراني.

وفي الطبقة التاسعة من ٤0٠هـ – 450 هـ تناول أبا عبدالله محمد بن بكر وأبا يحيى زكريا وأبا القاسم يونس والشيوخ الثلاثة الكنوميين أبا عبدالله محمد بن سودرين وأبا محمد عبدالله بن زورستن وميمون حمودى ابن زورستن وأبا محمد عبدالله بن مانوج وأبا جعفر أحمد بن خيران وأبو الخطاب عبد السلام والشيخ أبا عمران المزاتي وأبا إسماعيل البصير وأبا محمد عبدالله بن الأمير وأبا زكريا يحيى بن ويجمن وأبا عبدالله محمد بن سليمان والشيخ أبا مكدول الزنزفي وأبا موسى يزيد المزاتي وابنه ضمام وأبا يعقوب بن سهلون.

وفي الطبقة العاشرة من ٤٥٠ هـ – ٥٠٠ تحدث عن أبي الربيع سليمان بن يخلف المزاتي والشيخين أبي محمد ماكسن بن الخير وأبي عبدالله مزين بن عبدالله الوسيانيان وأبي سليمان داود بن أبي يوسف وأبي القاسم يونس بن أبي الحسن وأبي الربيع سليمان الزاغيني وأبي العباس أحمد وأبي يعقوب يوسف ابني الشيخ أبي عبدالله محمد بن بكر وأبي العباس أحمد الوليلي وأبي زكريا يحيى وأخيه زكريا ومصالة بن يحيى، وفلفول بن يحيى وأبي موسى عيسى بن يرصوكسن وإسماعيل بن ييدير.

وفي الطبقة الحادية عشرة من ٥٠٠ هـ – ٥٥٠هـ تطرق إلى عبدالرحمن بن معلى وأبي إسماعيل أيوب بن إسماعيل وأبي زكريا يحيى وأبي محمد عبدالله اللواتي وأبي محمد عبدالله بن محمد اللنثي وأبي عمرو عثمان بن خليفة.

وفي الطبقة الثانية عشرة من ٥٥٠ هـ – 600 تحدث عن أبي عمار عبد الكافي وأبي يعقوب يوسف بن إبراهيم السدراتي وابنه أبي إسحاق إبراهيم وأبي يعقوب يوسف بن خلفون وأبي عبدالله محمد بن علي وأبي يحيى زكريا اليراسني وأبي يحيى فصيل بن أبي مسعود والشيخين أبي عبدالله محمد وأبي الربيع سليمان وأبي محمد عبدالله بن يحيى بن عيسى العباسي وعبد السلام بن عبد الكريم وأبي نوح يوسف وابنه أبي زكريا يحيى وميمون بن أحمد المزاتي ويوسف بن أحمد وأبي الربيع سليمان بن عبد السلام ويخلف بن يخلف وعلي بن يخلف والشيخ سليمان بن علي ويوسف بن سدميمان من المعدودين في القيام بالليل، والصوامين بالقيل، والداعين المستجابين المصيبين والصابرين وإن كانوا مصابين.


جابر بن زيد


ومما ورد في هذا الجزء من السير والفتاوى ما ذكر عن جابر بن زيد قولته المشهورة (لا نكافئ الاساءة بمثلها) قال: خرجت آمنة زوج جابر إلى مكة ذات سنة، فأقام جابر تلك السنة قال: فلما رجعت سألها عن كريها فذكرت منه سوء الصحبة، ولم تثن عليه بخير، قال: فخرج إليه جابر فأدخله الدار فأمر باشتراء لإبله علفا، وعولج له طعام فلما تغدى خرج به إلى السوق، فاشترى له ثوبين فكساهما إياه، ودفع إليه ما كان مع آمنة من قربة وأداة والكرى بشد الياء المكاري.

وغير ذلك من آلات السفر، قال: فقالت له آمنة أخبرتك بسوء الصحبة، ففعلت معه ما أرى قال أفنكافيه بمثل فعله فنكون مثله؟ لا بل نكافيه بالسوء خيرا وبالإساءة إحسانا.

ومن آراء جابر بن زيد في الهرم العاجز عن الصوم قال أبو سفيان كانت جدة أبي يقال لها أم الرحيل والرحيل أبي وبه يسمى، واسم جدي العنبر وكانت أم الرحيل قد كبرت حتى لم تطق الصيام، قال: فأتى بها ابناها الرحيل والعنبر إلى جابر، فقالا يا أبا الشعثاء إن أم الرحيل قد كبرت فلا تطيق الصيام قال: وإنها لحية بعد، قالا نعم، قال: فصوما عنها قال فتنافسا في ذلك قال وكان الرحيل أكبر من العنبر، فصام عنها الرحيل، فلما كان في العام الثاني أتياه فأعلماه أيضا بحالها، فقال، ما كنت أمرتكم به في العام الأول قال أمرتنا أن نصوم عنها، قال فأطعما عنها فأطعم عنها العنبر.

وقال جاء أبو الحر إلى أبي عبيدة ذات سنة قال يا أبا عبيدة أقم للناس بعد الموسم خمسة أيام فامتنع وقال لأبي الحر عليك بضمام بن السائب فانه يفعل، قال أوعنده من العلوم ما يكتفي الناس به؟ قال نعم، وأكثر من ذلك، قال فأتاه فأقام الناس فاجتمع إليه من حضر الموسم، فجعلوا يسألونه عن أشياء كثيرة من مسائل دينهم، قال فكان جوابه ان يقول سألت جابرا، أو سئل جابر، أو سمع جابرا، أو قال جابر.

قال أبو سفيان وكان ضمام قد حفظ عن جابر ما لم يحفظه عنه أبو عبيدة ولا أبو نوح ولا أحد من تلاميذه.

وجابر تمنى من الله ثلاثا فحققها له: عن الحصين عن جابر بن زيد أنه قال: سألت ربي عن ثلاث فأعطانيهن سألت زوجة مؤمنة، وراحلة صالحة ورزقا حلالا كفافا يوما بيوم، وقال لأصحابه ليس منكم رجل أغنى مني، ليس عندي درهم ولا علي دين.


عبدالله بن أباض


وما قيل عن عبدالله بن أباض المري التميمي رحمه الله أنه كان أمام أهل الطريق وجامع الكلمة لما وقع التفريق، فهو العمدة في الاعتقادات، والمبين لطرق الاستدلالات والاعتمادات، والمؤسس لأبنية هي مستندات الأسلاف، والمهدم لما اعتمده أهل الخلاف، وكان رأس العقد ورئيس من بالبصرة وغيرها من الأمصار والمتقدم في حلبة الفضل بين أولئك الأخيار، قعد عن اللحاق فاشتراه من غير إنكار، وقنع بالخمول من غير قصور ولا اقصار، وقلى ما اعتقده ابن الأزرق في المحمدية، وعدل عن طريقي البيهسية، والنجدية، وسلك محجة العدل، وكان قدوة لأهل الفضل، فإليه النسبة اليوم في العقائد ولابن أباض فضائل مشهورة في الآفاق وآثار حميدة مخلدة في بطون الأوراق.


أبو محمد


أبو محمد عبدالله بن الخير شيخ التقى والإخلاص والمتحري مسالك الخلاص والمعمر في الطاعة الذي لم يخل من العبادة يوما ولا ساعة وكان عالما كبيرا فاضلا أثيرا كانت الأمثال تضرب به، فمنها انهم كانوا يقولون: من ضيع كتابا كمن ضيع خمسة عشر عالما مثل عبدالله بن الخير.

الطهارة تغلب النجاسة مهما وجدت لها وجها ذكر أنه ذات مرة أصابه سعال فأمر أن يتداوى باصطباحة حليب ناقة, وكانت عند أفلح بن العباس ناقة فكان يجيئه كل صباح بحلبها فجاء يوما فرأى زيتا يسيل على ساق زيتونة, فقال ما هذا؟ فقال حضر غدائي

فقدم ملثوثا بزيت في اناء مشغوب مرئب بالحديد, فأصابت يدي حديدة فرفعت يدي فإذا دم فاكفأت الإناء بما فيه على الزيتونة, فقال له: أخطأت ولعل دمك لم يسل إلا بعد أن رفعت يدك لان العلماء يقولون إذا النجس يتوجه من تسعة وتسعين وجها والطهارة من وجه واحد غلبت الطهارة فما جعل الله علينا في الدين من حرج.


أبو زكرياء


أبو زكريا يحيى بن يونس كان من أهل الورع والزهد وممن اخذ نفسه بالمعهود والجهد ساعيا في الصلاح داعيا إلى طرق الفلاح هاديا إلى الرشاد مغيرا للفساد متحيز القطريات أين تصوب، ليس لمناهل بره غور ولا نضوب.

ذكر أنه كان من عادته إذا صلى صلاة المغرب وصل بينهما وبين صلاة العشاء بالركوع والسجود حتى يصلي العشاء ثم ينفل ما اعتاد التنفل به ثم يوتر، ثم يحتاط لجميع الصلوات فكان هذا دأبه رحمه الله.


أبو صالح الياجراني


أبو صالح الياجراني هذا الشيخ أعبد العباد وأزهد الزهاد وكان لكثرة زهده يحسب أن ذلك بله ولفرط حزنه على الآخرة يظن أن الذي به وله لا يكترث إلا بخدمة ربه ولا يعمل لشيء غير حبه حتى خصه بالكرامات التي خصها الأولياء وافاض عليه نور معرفته وكساه الآلاء.