لبنان على موعد مع حكومة "أمر واقع" وحزب الله يهدد بالإطاحة باستحقاق رئاسة الجمهورية


بيروت- الأناضول-


لا يبدو أنّ الأيام الأولى للعام 2014 ستحمل مؤشرات مطمئنة للبنانيين، فالحديث عن قرب تشكيل حكومة "أمر واقع" يتوافق على تشكيلها رئيس الجمهورية ميشال سليمان والرئيس المكلف تمام سلام من دون أخذ رأي القوى السياسية المتناحرة على شكلها وبرنامج عملها، فاقم من التأزم السياسي والانقسام الحاد بين الأطراف المتناحرة.


وفي وقت تصر فيه قوى 14 آذار، التي يقودها تيار المستقبل والمساندة للثورة السورية، على وجوب تشكيل حكومة جديدة لمواجهة الأخطار الأمنية والاقتصادية الداهمة، ترفض قوى 8 آذار، التي يتزعمها حزب الله وتدعم النظام السوري، على أنّ هكذا حكومة هي بمثابة "حكومة تحدي"، مهددة بالإطاحة باستحقاق رئاسة الجمهورية في مايو المقبل.


وقال مصدر مواكب لعملية تأليف الحكومة إنّه "من المفترض أن تتشكل حكومة في النصف الأول من يناير تكون حيادية غير حزبية وغير استفزازية".


ونفى المصدر لوكالة "الأناضول" أن يكون الرئيس المكلف سلام قد عرض أي تشكيلة حكومية على الرئيس سليمان ولم يوافق عليها، لافتا إلى أنّ "المشاورات مستمرة مع الأفرقاء لتحديد طبيعة الحكومة."


وأوضح أنّ الإصرار على تأليف الحكومة ينطلق من واقع أنّ "وضع البلد لم يعد يحتمل وقد بات من الضروري تشكيل حكومة بأسرع وقت ممكن".


واستقال رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في مارس 2013 بسبب ما وصفها بـ"عراقيل" تحول دون إجراء الانتخابات النيابية في موعدها حينذاك، بالإضافة إلى عدم التوافق داخل الحكومة على تمديد مهمة مدير عام قوى الأمن الداخلي أشرف ريفي الذي أحيل إلى التقاعد.


وتم تكليف سلام في أبريل الماضي بتشكيل حكومة جديدة للبلاد من قبل أكثرية نيابية، وتعهد حينها بدرء مخاطر النزاع السوري، وبتشكيل حكومة "مصلحة وطنية".


ويتعذر منذ حينها تشكيل هذه الحكومة بسبب إصرار قوى 14 آذار على تشكيل حكومة حيادية من غير السياسيين لرفضها مشاركة حزب الله بالقتال إلى جانب نظام بشار الأسد في سوريا، وتمسك قوى 8 آذار بوجوب أن تكون الحكومة سياسية تتمثل فيها الأحزاب تبعا لحجمها النيابي.


وأشار النائب في كتلة حزب الله كامل الرفاعي الى أنّ هناك "تخوفا حقيقيا" من إقدام الرئيسين سلام وسليمان على تشكيل حكومة أمر واقع، يسمونها "حكومة حيادية"، لافتا إلى أن الحزب سيتعاطى معها على أنّها حكومة 14 آذار مهما كان شكلها.


وأكّد الرفاعي لـ"الأناضول" أنّ حكومة مماثلة "لن تساهم في تهدئة الوضع الداخلي وستعطل الانتخابات الرئاسية"، وقال:"نحّذر الرئيس سليمان ونتمنى عدم السير بحكومة مماثلة وهو ما يريده أعداء لبنان لإدخالنا في صميم أتون النار العاصف بالمنطقة".


وأوضح أنّه وفي حال تمّ تشكيل حكومة أمر واقع، "سيتم الطلب من الوزراء المحسوبين على طوائف معينة أي الشيعة والدروز منهم، الانسحاب منها، ما سيؤدي لامتثالها أمام المجلس النيابي حكومة غير ميثاقيّة، باعتبارها تفتقر لتمثيل طوائف أساسية في لبنان."


وأضاف:"كما سنعطّل انتخاب رئاسة الجمهورية، ما سيؤدي تباعًا لفراغ في كل مؤسسات الدولة ولانهيارات اقتصادية واجتماعيّة".


ووفق التوزيع الطائفي السياسي المعتمد منذ عام 1989، فإنّ مقاعد البرلمان اللبناني الـ128 موزّعة مناصفة بين المسلمين والمسيحيّين وفق الحسابات التالية: 28 للسنّة، 28 للشيعة، 34 للموارنة، 14 للأرثوذكس، 8 للدروز، 8 للكاثوليك، 5 للأرمن، 2 للعلويّين، ومقعد واحد للأقلّيّات. ويتطلب انتخاب رئيس جمهورية عقد جلسة نيابية، على أن يتأمن نصاب النصف زائد واحد فيفوز المرشح الذي ينال 65 صوتاً من أصل 128.


وأوضح المرجع الدستوري حسن الرفاعي لـ"الأناضول" أنّه وبمجرد تشكيل حكومة جديدة وحتى ولو لن تنال ثقة مجلس النواب فهي ستتحول حكومة تصريف أعمال بديلة لحكومة ميقاتي الحالية. وقال الرفاعي:"حكومة ميقاتي ردّت الثقة إلى مجلس النيابي بمجرد استقالتها وها هي اليوم تصرّف الأعمال وبالتالي فإنّ مصير أي حكومة مقبلة حتى ولو لم تنل الثقة سيكون تصريف الأعمال".


ونبّه عضو تكتل "التغيير والإصلاح"، التكتل المسيحي الأوسع، النائب فريد الخازن من إقدام الرئيسين سليمان وسلام على تشكيل حكومة تفتقر لتمثيل إحدى القوى السياسية أو الطائفية الأساسية، مشددًا على انّها ستكون "حكومة تحدٍ واستكمال للصراع السياسي القائم".


وقال الخازن لـ"الأناضول":"هكذا حكومة ستكون سببًا لأزمة جديدة بدل أن تكون حلا للأزمات التي نتخبط بها خاصة في ظل الظروف الاستثنائية التي تمر بها المنطقة وسط صراع مذهبي سني شيعي لم يبلغ يوما هذه الحدية".


وتساءل:"بما أنّهم يعون تمامًا أنّ حكومة أمر واقع لن تنال الثقة فلماذا الإقدام على الخطوة أصلا؟" وأضاف:"انتظار اتفاق طائفي جديد أو حتى جنيف 2 لن ينفعنا بشيء، فالمسؤولية اليوم تقع على عاتق اللبنانيين وحدهم المدعوين لتشكيل حكومة بأسرع وقت ممكن ترعى الواقعين السياسي والطائفي للبلد".


ويتوقع عدد من المراقبين أن يستحكم الفراغ والأزمة بمؤسسات الدولة اللبنانية وصولا لاتفاق سياسي جديد على غرار اتفاق الطائف الذي وقّعه اللبنانيون في العام 1989 في منطقة الطائف السعودية ووضع حدًا لـ15 عامًا من الحرب الأهلية الدامية التي دامت من العام 1975 إلى العام 1990، وأقرّ المناصفة بين المسيحيين والمسلمين.