صعود سعيد الحجري للمرحلة الثانية.. والبطحري ينتظر التصويت في «شاعر المليون»

استمر صعود نجم الشعراء العمانيين في مسابقة شاعر المليون المقامة حاليا في إمارة أبوظبي حيث كان الشاعر سعيد الحجري آخر الصاعدين إلى المرحلة الثانية من المسابقة وذلك من خلال نتيجة التصويت التي أهلّته ليكون رابع شاعر عماني يصعد لهذه المرحلة.

وفي جانب آخر بدأت منافسات المرحلة الثانية ليلة الأربعاء الماضي، وشارك في أولى حلقاتها سبعة شعراء من بينهم الشاعر العماني كامل البطحري الذي كان مثار إعجاب اللجنة، إلا أن النتيجة النهائية لم تؤهله للصعود للمرحلة الثالثة، وسينتظر نتيجة الحسم غدا أثناء بث الحلقة الثانية من هذه المرحلة.

وعودة لتفاصيل حلقة الأربعاء الماضي، وقبل انطلاق أحداث الحلقة الأولى من مرحلة الـ28 تم الإعلان عن الفائزين الثلاثة الذين انضموا إلى عداد شعراء المرحلة، وهم العماني سعيد الحجري الذي حصل على أعلى نسبة تصويت وصلت إلى 75%، إضافة إلى الإماراتي علي القحطاني الذي حصل على 65%، فيما ذهبت آخر بطاقات الذهب إلى المصري علاء الرمحي، لينضم هؤلاء إلى الشعراء الـ25 الذين تأهلوا خلال الحلقات الست الماضية.

وشهدت الحلقة الماضية منافسة بين المتسابقين الذين مثلوا خمس دول عربية، وهم حمد البلوشي ومذكر الحارثي (الإمارات)، وطلال بن عون (سوريا)، وبدر بندر ومجلاد الفعم الرشيدي (الكويت)،وأسامة السردي (الأردن)، إضافة إلى كامل بن ناصر البطحري من السلطنة.


معايير التنافس


في حلقة الأسبوع قبل الماضي كان الناقد سلطان العميمي قد أعلن عن معيارٍ واحد لمرحلة الـ28 من البرنامج، حيث أشار إلى أن المطلوب من الشعراء قصيدة حرة الموضوع والوزن والقافية، لا تقل أبياتها عن 10، ولا تزيد عن 15، أما المعيار الثاني الذي أعلن عنه في الحلقة الماضية، فهو كتابة شعراء الحلقة ثلاثة أبيات بذات معنى أبيات الشاعر الإماراتي علي عبدالله بن شمسة السويدي:


سار الكتاب و لا لفى رد

كنّه عدم قرطاس لحباب

مدري دخل في فكرته حد

والا طرى له طاري لوهاب

لو هو تعذّر عذره ايسد

بدري إيلين الحظ ما صاب


على أن يعيد المتنافسون صياغة تلك الأبيات على وزن آخر، وعلى قافيتين مختلفتين في الصدر والعجز، وعلى بحر مختلف، وذلك بعد انتهائهم من إلقاء قصائدهم الرئيسية، علما بأنه ليس المطلوب مجاراة الأبيات.


(حكاية ساري) نضج وذكاء


مع (حكاية ساري) كان الجمهور مع كامل البطحري الذي أبدع صورة وإلقاء للأبيات التي بدأها من:


ساري بوادي يفك أبواب للتايهين

قمراه مدّ الظلام كفوفه وخمّها

سهيل وادع وجدامي صخت سمرتين

وطيت وحدة والاخرى من يمّها

سمعت ناقة خلوج تجر صوت الحنين

ذبحوا ولدها وقبله فاقدة أمها

جرّيت صوتي بونّة كلنا فاقدين

والريح تعزف ربابة همي وهمها


وأبدع مضيفاً:

حبيبتي تهدي الأنفاس للأكسجين

والثوب كسّر زجاجة عطره وشمّها

تحارب لحافها لا حسّت بحرّ لين..

ترميه تحت وتنام ويرجع يضمّها

بنتٍ بريئة بلحظة تعقد الحاجبين

تتناثر من الزعل بكلمة آلمها


ثم أنهى نصه بالأبيات:

شفتك وأيقنت أن الدمع للميّتين

ونفسي بغمّك لقت متنفّس لغمّها

وأنا وجرحي لجرحك كلنا شاكرين

هذا ضيا الشمس طال الظلمة وخمّها

بنشر لدرب (الشويمية) وهالسمرتين

بتبسّم لشوكها وآمر من يمّها


سلطان العميمي بدأ من حضور كامل الجميل، ثم عرّج على إلقائه المميز الذي يتلاءم والقصيدة التي لا تقل نضجاً عن القصيدة التي قدمها الشاعر في المرحلة الأولى، مضيفاً أن التماسك في (حكاية ساري) كان متميزاً، فعدم وجود حشو فيها والتصوير الشعري الدرامي الذي لم يخفف من الشاعرية مسألتان جعلتا القصيدة قوية، وهي التي حملت التقاطات رائعة للشاعر، من بينها البيت الذي قال فيه (جرّيت صوتي بونّة كلنا فاقدين/ والريح تعزف ربابة همي وهمها)، والبيت الذي قال فيه الشاعر (تحارب لحافها لا حسّت بحرّ لين/ ترميه تحت وتنام ويرجع يضمّها)، وأخير الإشارة إلى الغمازة التي ورد في البيت (في خدها عين تتخبى عن الناظرين/ تطلع مع الابتسامة تنظر لفمها).

حمد السعيد وصف كامل البحطري بأنه مبدع كعادته، حيث التصوير جميل في العديد من الأبيات، ومن بينها (حبيبتي تهدي الأنفاس للأكسجين/ والثوب كسّر زجاجة عطره وشمّها)، والبيت (تحارب لحافها لا حسّت بحرّ لين/ ترميه تحت وتنام ويرجع يضمّها)، فهو يُظهر تجديداً وابتكاراً في الصورة الشعرية التي تنم عن ذكاء يمتلكه الشاعر، فلم يسبقه إليها أحد، منوهاً في سياق حديثه إلى عدة أمور، أولها أن المتلقي يريد الجديد، وثانيها مفردة (لهين) التي تعني إلى أين، وثالثها (خلوج) أي الناقة الميت ابنها والتي كانت بمثابة ملهمة للشاعر الذي ألقى نصاً جميلاً.

د. غسان الحسن وصف كامل البطحري أنه شاعر مُجيد فيما سبق وقدمه، والنص علاوة على الجمال الشعري الموجود فيه، قد حبكه الشاعر بنسيج شعري لطيف، أخفى داخله عواطف ومشاعر ومواقف اجتماعية، كما في البيت (شفتك وأيقنت أن الدمع للميتين/ ونفسي بغمّك لقت متنفّس لغمّها) وهذا الموقف لا يعرفه إلا من مرّ به، فهو دقيق التصوير للمشاعر، فيما جمال الإخفاء والبوح يظهر في البيت (حبيبتي تهدي الأنفاس للأكسجين/ والثوب كسّر زجاجة عطره وشمّها)، وهو مترابط جميل، ورغم أن النص مكون من مستويين، إلا أن المفاتيح معلّقة لمن يريد الولوج إليها.


رسالة على بحر الرجز

الشاعر الاماراتي حمد البلوشي الذي حلمه أن يكون مبدعاً ومتفوقاً اختار نصاً موضوعه اجتماعي بعنوان (أكرمكم أتقاكم) ومما جاء في أبيات مقدمته:


طارقن باب فكري عزيز المقام

واعرفه لّي نخيته تعزوى وقام

فزّ فزّة شميمي بلا سين جيم

سل سيف الغمامه بيوم الزحام

شق درب المعالي وعن الحروف

يوم ركب القوافي تحث المشام

اعتلينا عـَ رجم حضنه السحاب

وابتدينا السوالف كضرب السهام


وقفل قصيدته تلك بالأبيات الثلاث:

نشّ من غفلتك سهو داء القلوب

ما تصحي الضماير عقولٍ نيام

سوق للطيب طيرك وهذ العزوم

واطلب العز لو كان فوق الغمام

دام ربي خلقنا وحن له عبيد

أكرم الناس اهل التقى يا كرام


حمد السعيد أكد أن الشاعر دخل مدخلاً ذكياً، والنص واضح الموضوع والرسالة، وهو ينهى عن التفرقة والنعرات القبيلة والطبقية وهو ما يتمثل في البيت (دام ربي خلقنا وحن له عبيد/ أكرم الناس اهل التقى يا كرام)، أما طرق النص فقد كان مميزاً.

أما د. غسان الحسن فأشاد بجمال ما ألقاه الشاعر، كما أشار إلى أن الشاعر استخدم وزن الرجز في النبطي، أي البحر المتدارك في الفصيح، وهو وزن راقص لمن يعرفه وينسج عليه قصيدة جميلة كقصيدة البلوشي، مشيراً إلى أن في النص رموزاً وطنية كالتي جاءت في البيت (فزّ فزّة شميمي بلا سين جيم/ سل سيف الغمامه بيوم الزحام)، حيث (سيف الغمامة) هو سيف زايد الأول الذي يقال إنه قطع ظهر بعير، ومن الجميل أن يأتي الشاعر بذاك الرمز للتذكير بالاسم الذي كان له شأن في الماضي، وفي البيت (ضاع بين الشقوق التفاف العروق/ وافتخر ولد حام على ولد سام) قلب الشاعر الآية، حيث من المفترض أنّ ولد سام هو الذي افتخر على ولد حام، أما الجميل في النص فهو توظيف اللقطات الدينية من الأحاديث والآية القرآنية التي تجعل المقياس الوحيد بين البشر هو التقوى وليس المال أو المنصب.

سلطان العميمي من ناحيته قال إن في النص جماليات كثيرة، والتصوير الشعري في الأبيات الأربعة الأولى فيها حركة وضجيج، كما في النص أيضاً سجع أعطاه زخماً، وقد اتكأ الشاعر على ثقافة متعددة المشارب دينية وتاريخية، أما فكرة النص فهي هامة وتحمل وعياً كبيراً، في حين يشير البيت (الاسم ما براس مال الرجال/ كل حاتم سخي كل عنتر همام) إلى عمق كبير.